أجّل حلول شهر رمضان العديد من مشاريع الزواج وحفلات الزفاف بالمغرب إلى حين انصرام الشهر الفضيل، الشيء الذي "أربك" حسابات العديد من الأسر التي لا تفضل تنظيم الأعراس خلال رمضان، كما قلّص بشكل كبير من مداخيل العاملين في المهن المرتبطة بحفلات الزفاف. وفيما يرى البعض أن امتناع تنظيم الأعراس في رمضان ليس سوى عادة تحولت إلى سلوك اجتماعي راسخ لدى الكثيرين، اعتبر آخرون أن أصعب شيء يواجه زفاف رمضان هو ما يعترض العروسين في بداية زواجهما من عواطف وغرائز قوية، يصعب ضبطها مع طلوع الفجر وغروب الشمس. وقررت العديد من الأسر تأجيل حفلات الزفاف والمناسبات العائلية السعيدة الأخرى التي كانت مقررة إلى ما بعد شهر رمضان، وذلك من أجل التحضير لها بشكل أفضل، ولمسايرة ما تفرضه مناسبة دينية عظيمة مثل رمضان من انشغالات أخرى تهم العبادة والذكر وقراءة القرآن. وقالت السيدة بديعة الهاشوري ل"العربية.نت" إن أسرتها اتفقت على تأجيل عرس ابنها البكر إلى ما بعد الشهر الكريم، لكونها لم تستطع إيفاء مستلزمات العرس الكثيرة مادياً وتنظيمياً، والتي تتطلب وقتاً أوسع من بضعة أسابيع في الصيف قبل حلول رمضان. وذكرت الأم بمثل مغربي يقول "عرس يوم تدبيره عام"، مضيفةً أن العديد من الأسر فضلت التوجه نحو مباشرة إجراءات تنظيم الأعراس بعد عيد الفطر. كما اعتبرت أن رمضان شهر لا يليق بأن يكون مناسبة لإقامة أعراس بما تتضمنه من أكل وشرب واحتفالات غنائية أحياناً. ومن جهته أكد محمد برادة، أحد مموني الحفلات، أن مداخيل عدد من المهن التي ترتبط مباشرة بحفلات الزفاف بالمغرب، من قبيل شركات تنظيم الحفلات ومُزيّنات العرائس، تتقلص بشكل حاد في شهر رمضان، لانعدام من يقيم حفل عرس فيه إلا نادراً. وأضاف ل"العربية.نت" أنه يمكن اعتبار شهر رمضان شهر عطلة بالنسبة للعاملين في مثل هذه المهن، مشيراً إلى أن الفترة الزاهية التي تكون مناسبة لتنظيم الأعراس هي التي تمتد من نهاية رمضان إلى حدود بداية الدخول المدرسي. ومن جهته قال الدكتور محمد بولوز، الباحث في العلوم الشرعية والاجتماعية، إن عادات الناس غالباً ما تحكمها عقائدهم وأديانهم أو تتأثر بها إلى حد بعيد، مضيفاً أن عادة تجنب إقامة حفلات الزواج في شهر رمضان يحكمها بالدرجة الأولى منزلة شهر الصيام في قلوب الناس. ولفت بولوز، في تصريحات ل"العربية.نت" إلى أن الأعراس بدورها حالة استثنائية في حياة الناس من حيث الاستعداد لها وتكاليفها، وما يطبعها في بعض الأحيان من التساهل وخفة الضوابط أو بعض التجاوزات، والتي لا تناسب الوضع الاستثنائي لرمضان وقدسيته. واعتبر بولوز أن صرامة البداية والنهاية في الأكل والشرب في رمضان تربك حالة الاحتفال، مشيراً إلى أن عادة معظم الأعراس السهر إلى أوقات متأخرة من الليل، مما يزاحمها مع وقت السحور وصلاة الفجر. ومضى قائلاً إن أصعب الأمور التي تواجه زفاف رمضان هو ما يعترض العروسين في بدايات لقائهما من صعوبات في مثل هذه المناسبة الدينية، وما يصحب تلك البدايات من عواطف قوية وغرائز ملتهبة، يصعب معها ضبط تلك الأحوال مع طلوع الفجر وغروب الشمس، فيخشى على العروسين انتهاك حرمة رمضان وما في ذلك من تبعات وكفارة. وخلص بولوز إلى أنه ليس في الدين ما يمنع من عقد الزواج أو الاحتفال به في رمضان، لكن رغم ذلك فإن بعض العلماء يذهبون إلى كراهة ذلك، لما فيه من الخوف من الوقوع في المحظور.