برنامج استضافت فيها المنشطة من "قناة ميدي 1 "TV كلا من الأستاذ فتح الله ولعلو عن الحزب الاتحاد الاشتراكي، والأستاذة منيب عن الحزب الاشتراكي الموحد، وللإشارة فالأستاذة أنتخبت مؤخرا على رأس أمانة الحزب، وهي سابقة في تاريخ الأحزاب المغربية أن تكون سيدة على رأس الحزب، هذا هو جوهر تفعيل مبدأ "المناصفة"... انصب النقاش حول وضعية حزب الإتحاد الإشتراكي، الذي اختار الانضمام الى المعارضة؛ بعد أن خاض تجربة تدبير الشأن العمومي، نسي زمن الإرغاد والإزباد وقلب الطاولات بالنقاش الحاد.. من خارج اللعبة، كان- مناضل الاتحاد الاشتراكي- يتفنن في إتقان فن الخطاب التحريضي؛ ظل يجيش ويهيج الجماهير الشعبية، التي قرأت، بعد أن توسمت وتوسلت الخلاص في نهج هذا الحزب. لكن حينما ولج دهاليز الحكومة، حرص على الإستوزار وتقسيم الغنيمة و"الوزيعة"؛ استعاض بمبادئ الاقتصاد؛ بدأت أوار الحرب تقض أواصر وصلابة الحزب"كل يلغي بلغاه"... أدار الظهر للجماهير.. وانغمس - بردا وسلاما- في تجميع الثروة وخلق قلاقل هامشية، وحروب طاحنة بين المناضل العضوي والمناضل النزق...مناضلون بالجملة، بقوا خارج زمرة الوزراء... وزراء من طينة"السوبر مان" تكبدوا العناء الأكبر للوصول الى المواقع الحساسة.. صراعات بالجملة، كادت أن تشتت أركان الحزب، ليذهب الرصيد النضالي أدراج الانشقاقات... بدأ مسلسل التفريخ؛ تفريخ على مستوى النقابة الأم"الأم الرؤوم"، وتصدعات مست جدران الحزب من الداخل، وتهاوت لبنة من شدة الرجة، تمخض عن الوضع ولادة قيصرية لحزب توخى تصحيح المسار.. وزراء الحزب بعد أن وصلوا الى سدة الوزارات"أم الوزارات"، قلبوا شعار الأمس الى شعار ظلت تلوكه ألسنة الأغبياء:"هرب الحزب من دب المعارضة، ليحتمي وهو محمي، الى جب الإصلاحات..بين الجب والدب...سقط صرح الحزب وتهاوت الشعارات الطنانة من قاموس النضال...بقيت الجماهير مندهشة جراء ما وقع في رمشة العين...مناضل في صفوف "البوليتاريا" يتسلق بقدرة قادر مراتب الأثرياء، هل هذا هو الصراع الطبقي؟ سألت ماركس فأجاب بالنفي... أين اختفى مفعول "التصريح بالممتلكات"؟ في لجة الحرب، والحرب كما يقال:"أم الاقتصاد السياسي" انتعش بركان الغضب، آوت الجماهير خلسة واتقاء شظايا وحمم هذا الصراع، إلى التأمل في المشهد، حسبها الغافلون أنها- أي الجماهير الشعبية- لا تقوى ولا تحسن قراءة الأحداث، وأنها في نهاية المطاف لا تتقن سوى دور "الكامبارس"...معاذ الله...فالجماهير منصهرة في الواقع، والأحداث تجري في عروقها مجرى الدم... وما الجماهير غافلة عما يدبر في الخفاء. حاول، الأستاذ الكبير فتح الله ولعلو، أن يقنع الجماهير، ولإعطاء المسوغات لأسباب اختيار المعارضة، فلم يجد بد من العزف مرة ثانية، والتذكير، حيث الشوق والحنين على أشده، الى المعزوفة القديمة: النضال والثورة حتى تحقيق الاشتراكية العلمية..، قام بسرد تاريخ الحركات النضالية، عرج محتشما عن النتائج الكارثية، التي خلفها الحزب ورائه، حينما كان يشد بالقبضة الحديدية على أوتار اٌٌلإكراهات، يحلل الظرفية الاقتصادية كأنه باق في الحكومة، يستدرك من حين لآخر ببعض المنجزات، وهو يتأوه بين التوازنات الماكرواقتصادية والسنوات العجاف...بين شح السماء وخذلان الدول الاشتراكية...عاش وزراء الحزب كطفل سقط على أنفه وهو "يلسح" مخاط أنفه الجريح...في جو مفعم من التفاؤل كان الأستاذ- وللتذكير فهو إطار من العيار الثقيل في الإقتصاد- يدافع بشراسة مع حلفائه في الحكومات السابقات عن البرامج الحكومية، نسي أو تناسى السؤال الذي طرحه كل من لينين وبوخارين: إمبريالية متعددة الجنسية متجهة الى الإنسجام فيما بينها ومتمخضة عن تراتبية تهيمن عليها قوة واحدة أم مزاحمة، وصراعات وبالتالي هيمنة جماعية مؤسسة على تقسيم جديد للعالم وللغنيمة...أدرك الأستاذ، بعد أن حصد الحزب خيبة الأمل في اٌلإنتخابات الماضية، أن أرصدة الحزب قد تهاوت الى الحضيض...ما العمل؟ قالها لينين من قبل...قال ولعلو: "المناضل متفائل..، نحن الآن في المعارضة سننهج أسلوبا جديدا للعمل، نراهن على التغيرات...".هل أستاذي العزيز تراهنون على الحراك الشعبي، وتركبون صهوة 20 فبراير للرجوع كرة أخرى الى الحكومة، تحلمون، وأنتم متكؤون على الأرائك وتستمتعون ب:الغنيمة/القبيلة/ العقيدة...؟؟سألت محمد عابد الجابري- رحمه الله- أستاذي الكبير ومنظر الحزب عن المعادلة فقال: محال أن يدرك الحزب ما فقده من الأرصدة النضالية...لأنه ببساطة أفرغ الحزب من محتواه، وبقيت صيحات من هنا وهناك كصيحات الديك الجريح... هل يقنع ولعلو الشعب المغربي بجدلية الصراع بين الحزب والنظام؟ أم أنه ما زال الحزب لم يقلع عن العادات القديمة؟ لينخرط في إستراتيجية البناء، بدل بناء الأوهام...أوهام تمسك بها طيلة البرنامج وهو يردد: التمنيع، والتنويع، والتوزيع...لماذا أستاذي، وأنت العارف بخبايا الحكومة، لم تفعل شيئا، لما كنت وزرا للإقتصاد، للحفاظ على شعبية الحزب؟ أم ان المعارضة قدر من أقدار المناضلين المفعمين بالدينامية...؟