لاشك في انه بالإمكان إلى حد ما تقديم قراءة تقييمية لآثار تجربة تغيير الدستور، وإجراء الإنتخابات، حتى قبل تشكيل الحكومة مادام ان التوجهات العامة للحزب المكلف بتشكيل الحكومة بينة، وهي تجربة على كل حالها أحدثت حركية في النسق الرتيب للمجال السياسي بالمغرب؛ ومن أهم الممارسات التي نوقشت أثناء هذه الحركية تلك الصور السلبية للمشاركة السياسية، )ويبقى مصطلح السلبية المستعمل للتعبير عن هذه المشاركة ، أمرا نسبيا مادام أن هناك من هو مقتنع بأنه ليس موقفا سلبيا بل هو موقف يصنف في خانة التفاعل مع المجال السياسي بمراقبته دون المشاركة فيه بشكل مباشر لعدم جاهزيته وتوفر الظروف للمشاركة المباشرة( وهذه السلبية المتعددة المسوغات، نتجت من بين ما تنتج عنه، عن تلك الصعوبة في قدرة تمييز الفرد بين الأطروحات السياسية، والعديد يرون أن حتى هذه الأطروحات السياسة غير ذات معنى، وعليه فإنه لا معنى أيضا للمشاركة السياسية سواء عن طريق الإنتماء لحزب ما او عن طريق المشاركة في الانتخابات، وربما ما يدعم هذا الوضع تلك الثقة المنعدمة في عمل العديد من الأحزاب، إلا أنه يمكن الحديث بالنسبة للذين يملكون في الحد الأدنى وعيا بأهمية النشاط السياسي يمكن الحديث عن وسائل بديلة عن الأحزاب السياسية و التركيبات المرتبطة بها، وسائل أصبحت ذات ضمانات أقوى، مادام أن هامش تفعيل الضمانات القانونية، قد اتسع نظريا مع مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011، وبالحديث عن الوسائل البديلة اول ما يطرح نفسه هو المجتمع المدني والمنظمات الغير الحكومية ، مادام ان الدستور يضمن للجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييها، كما أنه أصبح بالإمكان إحداث هيئات للتشاور من طرف السلطات العمومية قصد إشراك مختلف الفاعلين الإجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها، ومادام الأمر يتعلق هنا بتقييم وتفعيل لبعض من أعمال السلطات العمومية و المؤسسات المنتخبة و بالتالي الهياكل السياسية المكونة لها، فإنه لن يتم ذلك إلا بمراقبة مستمرة لهذه الأعمال وللعمل السياسي والسوسيو اقتصادي بصفة عامة، الأمر يتعلق هنا بصلاحيات لم يكن الباب مفتوح لإنجازها قبل دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ، وبمقاربة هذا التوسع في هامش الأنشطة المخولة للمجتمع المدني ، مع المقتضيات الدستورية المكرسة للإهتمام بتحقيق ولوج الشباب في الحيات النشيطة والجمعوية (و هو أمر يتبدى من خلال مواد متفرقة في الدستور أنظر هامش هذه الكلمة)، فإنه يمكن الدفع في إتجاه ظهور عدة تكتلات على شكل جمعيات تسعى إلى مراقبة الهيئات المنتخبة و السلطات العمومية في تعاملها مع جزئيات قضايا الشأن العام، كما تسعى إلى المساهمة لتخليق و تحسين هذا التعامل، وذلك في إطار جمعيات متخصصة تخصصا يستمد من تخصص الأطر المشتغلين من داخلها،(فإذا كانت الجمعية حاضنة لشباب ذوو تكوين قانوني يكون مجال إختصاصها العمل التشريعي و كيفية تنزيل الدستور من وجهة نظر قانونية، و إذا كان التخصص في مجال الإقتصاد فإن عمل الجمعية سينصب على القضايا الإقتصادية، أو المزاوجة بين التخصصات في حالة التمكن من الجمع بين تخصصات مختلفة في إطار جمعية واحدة ...إلخ) وهو أمر سيؤدي إلى مشاركة فعالة ومحايدة مادامت أنها تتم من خارج الهياكل السياسية، إن الأمر بهذا الشكل ينطوي على وسيلة بديلة للمهتمين بالمجال السياسي والممتنعين عنه على أمل ظهور مثيرات سياسية تستطيع الإقناع بضرورة العمل من داخل الهياكل السياسية، وهذا كله في إطار الإقتناع بضرورة أداء جميع فعاليات ومكونات المجتمع بدورهم في تفعيل وحماية الحد الأدنى من المكتسبات التي حققها دستور 2011، بغض النظر عن نوعية الإيديولوجيات المبدئية المتحكمة في الحكومات التي ستعاقب في ظل الدستور المذكور. هوامش الفصل 33 على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي: - توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد ; - مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني ; - تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا، والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات. يُحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل تحقيق هذه الأهداف. الفصل 170 يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي،المحدث بموجب الفصل 33 من هذا الدستور،هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية. وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة. * باحث في الشؤون القانونية مدير موقع MAROCDROIT .COM