رغم الحضور الواضح للبعد الاجتماعي داخل أجندة انشغالات جلالة الملك الهادفة إلى خلق مجتمع متضامن في إطار من المواطنة الكاملة، إلى درجة جعلته ينتزع لقب ملك الفقراء منذ السنوات الأولى لاعتلائه العرش، إلا أن الأمر لم يكن ليتجاوز مستوى الالتزام الشخصي لجلالته وعن طريق هيئات لم ترقى إلى منزلة المؤسسات الدستورية. مبادرات التنمية البشرية، التي قادها جلالة الملك من محاربة الفقر والاقصاء الاجتماعي و إنعاش فرص الشغل والتقليص من معدل البطالة، مرورا بحماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان الاندماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ووصولا إلى العناية الخاصة بالعالم القروي والمناطق الجبلية، التي تكلفت بإنجازها مؤسسات بقيت خارج نطاق القطاعات الحكومية دون تكريس قانوني لها كحقوق يتوجب على الدولة الوفاء بها، انشغالات، جاء مشروع الدستور الجديد ليضع قاطرتها على قضبان السكة الدستورية. المشروع الجديد ينص في فصله 31 على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على « تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة، التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية، السكن اللائق، الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل, أو في التشغيل الذاتي، ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة بالإضافة إلي الحق في التنمية المستدامة تكريس دستوري تجاوز النتصيص على الحقوق الاجتماعية للأفراد إلى وضع الأحكام الضامنة لصيانة الوضعية الإجتمعية للأسر عندما أقرر بصريح عبارة الفصل 32 بأن « الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها، و أن الدولة تسعى ل« توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية» مع التنصيص على « أن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة» وعلى« إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة» كما أن شريحة الشباب حظيت من الدستور الجديد بتعداد يشمل حقوقها، حيث فرض الفصل 34 منه على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق « توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية،و تقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني»، بالإضافة إلى« تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا, والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية, مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات. يُحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي, من أجل تحقيق هذه الأهداف». الدستور الجديد نص كذلك على وضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة . موكلا إلى السلطات العمومية مهمة السهر على معالجة « الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها » مع « إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية « وعلى « إدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع». ياسين قُطيب