عرفت مدينة الناظور خلال النصف الثاني من العقد المنصرم ثورة حقيقة على مستوى الإعلام الذي يلعب دورا هاما و كبيرا في نشر المعلومات والمعارف والتنمية و تقدم الثقافة وتثقيف الأفراد، إضافة إلى دوره الفعال في توعيتهم؛ إذ برزت إلى الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية إخبارية كثيرة ومتعددة وكذا أنشئت جرائد محلية جديدة ساهمت في إبراز عنصر الكتابة والقراءة والإهتمام بالإعلام المحلي لدى فئة واسعة من المهتمين. لكن رغم هذه الثورة الإعلامية الكبيرة؛ إلا أن فئات المهتمين بهذا الشأن لم يتجاوز اهتمامهم سقف الإعلام فقط، إذ لا أهمية تولى للفكر على كافة مستوياته وللفن وللأدب في أشكاله المتعددة من شعر وقصة قصيرة وأقصوصة ومسرحية.. ولعل هذا الخصاص في هذه الأشكال الكتابية وغيرها كثير هو الذي يحول دون اكتمال الصورة الثقافية للمدينة. ورغم توفر بعض المواقع الإكترونية الإخبارية المحلية على الركن الإبداعي الأدبي إلا أن فئة قليلة هي التي تهتم بهذا الركن، وحتى إن كانت هناك مساهمة من جانب المبدعين فإن القائمين على هذه المواقع لا يعمدون إلى نشرها في صفحات مواقعهم الخاصة، وهذا شكل من أشكال الإقصاء الذي يُمارس على فئة المبدعين، فالذي نحتاجه فعلا ليس الجانب الإبداعي بل من يهتم بهذه الفئة ويولي لها أهميةً واعتبارا حتى تنهض على أسس متينة وتَجد الحرية والدعم في الكتابة وتُوفَّر لها الأرضية الخصبة التي يمكن أن تستثمر فيها جهوداتها الإبداعية كما في باقي بلدان العالم. ولعل البداية يجب أن تكون عبر إنشاء مسابقات إبداعية وتنظيم تظاهرات ثقافية تتناول بالأساس هذه الفئة المهتمة بالشأن الإبداعي لتشجيعهم على الكتابة وعدم سد باب المشاركة والبروز في وجوهم وإقصائهم وتهميشهم، وفي الأخير تكون النتيجة هي موت الأقلام المبدعة. و تجرية النهضة المصرية في نهاية القرن الثامن عشر، لَهي نموذج حي لنهوض كافة الأشكال الفكرية والإعلامية والأدبية التي عرفت يقظةً وثورةً كبيرة أخرجت لنا إلى الوجود كتّاب وأدباء وعلماء ومفكرين ما تزال آثارهم تملأ المكتبات العربية، فلم تقتصر هذه اليقظة على الإعلام فقط دون الأدب أو على الأدب دون الفكر وما إلى ذلك من الأشكال الثقافية الأخرى.. بل كانت نهضة ويقظة كلية وشاملة على غرار النهضة الأوربية خلال القرنين ال 15م و ال16م وفي الأخير، إذا كانت مدينة الناظور تعرف ثورة فكرية ونهضة ثقافية حقيقية خلال العقد المنصرم في خطوة أولى من نوعها، وتضع إرهاصاتها الأولية تقدم الإعلام وبروز وسائله من مواقع إخبارية ومنتديات وجرائد وكذا تنامي المهتمين بهذا الحقل، واجب أن تؤخذ الأشكال الثقافية الأخرى بعين الإعتبار، حتى يكون لنا إلى جانب الصحافيين، أدباء من شعراء وقصاصون وروائيون وكذا مفكرين ونقاد وفنانين في المستقبل..