نظم منتدى بدائل المتوسط لقاء مفتوحا مع الشاعرة المغربية ماجدة البارودي المقيمة بألمانيا، بالمقهى الأدبي "تقسيم"بالناظور،بتاريخ30يونيو 2022. وقد حظيت بشرف المشاركة في هذا اللقاء الثقافي الماتع ،ملبيا الدعوة الكريمة للأستاذ الفاضل رضوان لمصرف رئيس المنتدى،الذي عودنا على مثل هذه اللقاءات الثقافية سواء داخل مدينة الناظور البهية أو في مدن مغربية أخرى.وهو بذلك يسعى إلى رد الاعتبار للثقافة المغربية المنفتحة على الثقافات الإنسانية في أبعادها المحلية والوطنية، والمتوسطية،والعالمية.وما انفتاحه على مبدعي مغاربة العالم في مناسبات تترا إلا بهدف الاحتفاء بالثقافة المغربية الحداثية التي لا تتنكر لجذورها التاريخية والحضارية واللغوية. وقد انصبت مداخلتي في هذا المقهى الأدبي على ديوان الشاعرة ماجدة البارودي "لأبقى أكتبك"،الذي يحفل بعوالم شعرية دالة على هذا التلاقح الثقافي المثمر بين الحضارة المغربية والثقافة الألمانية،ولا غرو، فضيفة هذا اللقاء رأت النور بألمانيا وعادت إلى أزغنغان المجاهدة موطن أبيها لتتعلم في المدرسة المغربية أبجديات القراءة والكتابة،وتكتسب القيم الوطنية والإسلامية،ولم تفوت الفرصة لتنهل من معين لغة الأم ،اللغة الأمازيغية الريفية. قرات الديوان قراءة بريئة وساذجة في بداية الأمر،لكن سحر الكلمة جذبني إلى قراءته قراءة عالمة،لأن الذات الشاعرة مارست سلطة الكتابة عن حق وحقيق،وانفتحت على عوالم شعرية مغربية ومشرقية بهية،مستضمرة فضاءات ألمانية مضمخة بعطر الأيقاع الشعري الململم لإيقاعات الذات الأمازيغية وهي تتملى بطلعتها في تخوم الثقافة الغربية من غير أن تتنصل من هويتها الحضارية الممتدة في الزمان والمكان.والشاعرة ماجدة البارودي وهي تدلف إلى هذا الحفل الأدبي بلغتها العربية الفصيحة المعضدة بإلقاء شعري يمتح من شخصيتها الأمازيغية التي تعتز بها أيما اعتزاز،كيف لا ؟وهي لم تشب عن الطوق إلا في رحاب أمازيغية ريفية لملمت جراح الغربة ،وأن تعود إلى أرض الوطن تحمل دواوين شعرية باللغة العربية نسجتها أناملها في بلاد العجم ،لا للتسلية وتزجية الوقت،بل لعقد جسور بين اللغات؛أقصد اللغة الريفيةواللغة الألمانية،واللغة العربية، التي تسعفها في الكتابة الشعرية ،بحكم انشغالها بتعليمها لغير الناطقين بها في ألمانيا؛بلدها الثاني بعد المغرب. هذه بعض الملحوظات التي اشرت إليها في هذا اللقاء إما تصريحا أو تلميحا.واستماعي إلى تدخلات الاساتذة والمهتمين جعلتني أقتنع مرة أخرى أن أبناء الريف ينتصرون للشعر الجيد بغض النظر عن اللغة التي يكتب بها.والشعر المستفز لذخيرة المتلقي جدير بنعته بصفة الشاعرية بصرف النظر عن اللغة التي كتب بها. لقد توقدت شاعرية المحتفى بها ماجدة البارودي وعبرت بلغة شاعرية سلسة حافظت على اتساقها وانسجامها وإيقاعها الداخلي،تحدوها رغبة أكيدة في تأثيث عوالمها الشعرية بمخزون فكري، وثقافي، وحضاري ، يجد صداه في التربة الريفية المغربية المعطاء،وينفتح على الثقافة العالمية التي تنتصر للقيم الإنسانية والكونية. الدكتور امحمد امحور