عودة اعزائي القراء ،من جديد هناك من الحكايات محفورا في الذاكرة من خلال سلسلة "اقرأ" لكاتبنا احمد بوكماخ، قصص كنا نرددها ونحن اطفال، دون ان تكون لدينا حينها القدرة على تفكيك معانيها او الكفاية اللازمة لفهم مغازيها. في هذا العمود سنتناول قصة عنونها كاتبنا احمد بوكماخ ب"فرفر يعلق الجرس" وحكاها كما يلي:ارادت الفئران ان تتخلص من القط الذي اكل الكثير منها، فاجتمعت للتشاور، وبعد تفكير طويل، قال واحد من الفئراننأتي بجرس، ونعلقه في عنق القط فإذا حضر بعد ذلك، نسمع الجرس من بعيد فنهربفطلب منه الفئران ان يعلق الجرس في رقبة القط، فقبل واستعد لذلك، ولكنه عندما رأى القط قادما من بعيد، خاف وهرب، اجتمعت الفئران مرة ثانية لتبادل الرأي، فقال فأر ذكي اسمه "فرفر" رأيي ان نفرش الارض بالصمغ ونضع فوقها قمشة لحم، فحضر القط فرأى قطعة اللحم وتقدم لاخذها، ينزلق بالصمغ، وحينئذن نستطيع ان نعلق الجرس في عنقه، وفي الغد،حضر القط، فرأى قطعة اللحم، فهجم عليها ليأكلها، فلصقت ارجله بالصمغ ،واسرع فرفر، وقفز فوق ظهر القط وعلق الجرس في رقبة القط، ووقف الفئران يضحكون عن عدوهم شامتين. جميل جدا هذه الفئران تفكر في حل وفي حيلة للتخلص من هذا القط الذي يتحرش بها ويحرمها بنعمة مغارة بيوتها ويطاردها اينما رحلت وارتحلت، جميل جدا ايضا ان احد الفئران تطوع وغامر بحياته من اجل تعليق الجرس على القط، ولكن سرعان ما اخذ قرار التنازل على هذه المهمة لانه اعتبرها مغامرة بحياته وحياة جيش من الفئران ورائه اذا فشل في المهمة، واعتذر لاصحابه معتبرا ان ما كان سيقوم به خطأ جسيم في حق حاشيته. فما كان على هذه المجموعة من الفئران ان تبحث على حل بديل لهذا القط المفترس ووضع حد لهذا الطغيان، هذا ما تسنى لها بحيلة ذكية ل "فرفر" وتطوع من اجل تعليق الجرس فوق عنق القط والذي نجح في مهمته. وما كان يتنبؤ اليه كاتبنا احمد بوكماخ،بعد مرور اكثر من نصف قرن، ان هذا الاعتذار الذي قدمه الفأر لزملائه في عملية فاشلة كانت تنتظره، هذا الاعتذار غاب عن مسؤولينا في هذا الوقت في حالة عدم استطاعتهم القيام بواجبهم والمغامرة التي تأدي للفساد والطغيان والاحتيال والنصب والسير في الطريق المشدود. ان الاعتذار عن الخطأ او التنازل عن القيام بمهمة، لا يملكه الا الانسان الشجاع الذي يثق في نفسه جيدا ويعرف جيدا متى سيخطأ، وكيف سيصحح هذا الخطأ، فعلى مسؤولينا تعلم ابتكار الافكار كفكرة "فرفر" الرائعة ،لان ابتكار الافكار حكرا على المسؤولين والاذكياء، بل هو فن وعلم يمكن تعلمه، والتدرب عليه ومن ثم يمكن ممارسته بشكل تلقائي. ان الهدف من ابتكار الافكار هو الحصول على افكار جديدة هذا ماينتظره الجميع، فهو اسلوب ليس لمعالجة محنة او حالة طوارئ تستلزم حلا فوريا، ليس يجدي في تقويم الأشياء التي يمكن حلها بنظام إصلاحي، ايظا بعتبر ابتكار الأفكار غير ملائم في تنفيذ المخططات، لان ذلك يعتمد على جودة مخطط المسؤولين. ان تركز لمسؤولينا التفكير على النتائج يؤدي إلى تدمير الفكرة قبل اعطائها فرصة التطور والظهور، اما التركيز عن التفكير على الحلول؛ فإن ذلك يساعد على تفجير الذهن وابتكار افكار جديدة. لكل كلمة مرادف، ولكل معنى مثيل، لكل جميل شبيه الا انت استاذنا احمد بوكماخ