تسعد قلوبنا ايها الأصدقاء حينما نستحضر أرواح علمائنا.. و تنتشي نفوسنا حينما نَعود بعجلة التاريخ إلى الوراء لنسرد بعضا من ملامح تاريخ شرفائنا الأفاضل. دائما إذن و في إطار تسليط بصيص من الضوء على قاماتنا الجليلة و عظمائنا الذين عاشوا شموسا تملأ الدنيا بضيائها، و قضوا حياتهم سراجا يكشف ظلمات الجهل بنوره.. سنكون بحول الله في حلقة اليوم مع فضيلة الأستاذ الراحل الحاج عبد الخالقي حماد ابن قبيلة بني توزين الذي ولد سنة 1935 بدوار اقشوعا فرقة بني عكى. تابع الفقيد دراسته الأولية بمسقط رأسه أين أتم حفظ القرآن الكريم في سن الثالثة عشر من عمره ليتابع التعلم على يد مجموعة من الشيوخ و على رأسهم العلامة سيدي الحاج سليمان رحمه الله. التحق بعدها الراحل بجامع القرويين بفاس حيث تحصل على الشهادة العالمية، ثم انتقل إلى تطوان لنيل دبلوم أصول الدين. هكذا و بعد رحلة طويلة من الدراسة التي أنهاها بحصوله على الإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بالرباط، التحق بالناظور أستاذا بالمعهد الأصيل.. و هناك اتقن رحمه الله في عمله و أخلص في رسالته التربوية حتى صار نموذجا للجد و التفاني.. كل هاته المؤهلات العلمية و الخصال الحميدة جعلت فقيدنا العزيز يتبوأ العديد من المناصب، و يتقلد العديد من المراكز.. فقد تم انتخابه مستشارا بالجماعة الترابية لإجرماواس ثم رئيسا لها.. كما انتُخب أيضا في سنة 1983 رئيسا للمجلس الإقليمي للناظور، و كذا نائبا برلمانيا عن دائرة الريف أين كان مسؤولا بعدة لجان. و قد شغل الفقيد أيضا منصب مندوب الصناعة التقليدية بالناظور و عضو بلجنة مراقبة السجون و عضو بالمجلس الأعلى للماء. فربما لاحظتم أيها الأصدقاء كيف أن الحاج عبد الخالقي حماد كان موسوعة فكرية و كنزا يُغدق بعطائه في مختلف الميادين و المجالات. لقد كان رحمة الله عليه يوصي دائما بالعمل تحت شعار "اغضب ولا تخطأ".. عُرف بالتأني و التريث في كل شيئ، لكنه عاش بسيطا مرحا محبا للبادية و أهلها. شخصيا، جمعتني به العديد من الأسفار من الناظور في اتجاه مدن أخرى و خاصة الرباط رفقة صديقه الراحل و أخينا العزيز الدكتور حسين بوشطروش رحمة الله عليهما.. فتلامست معه في العديد من المواقف ليتضح أنه نِعم الصاحب و الناصح و الرفيق. و خلاصة القول أن الفقيد العزيز أفنى حياته مكافحا بكل نكران للذات في سبيل خدمة الدين و الوطن، و في سبيل تكوين أجيال من العلم و الخُلق النبيل. هكذا كان سلفنا الصالح.. و هكذا عاش زاهدا عفيفا ليزرع فينا بذور الخير و الفضيلة. رحمك الله أيها الفقيد العزيز.. و أصلح ذريتك التي انبتَّها نباتا حسنا.. و وفّقنا جميعا للسير على دربكم و خطاكم