انتقل إلى عفو الله تعالى صبيحة الأحد الأخير صديقا كبيرا وعزيزا جمعتني به ذكريات استحضرتها وأنا أقف أمام نعشه ، والأمر يتعلق بالفقيد الراحل السيد الحسين العثماني والمعروف ب"السي البركاني" ، مندوب سابق لوزارة الشبيبة والرياضة بالناظور خلال فترتها الذهبية، ويعرفه المثقفون والسياسيون والشباب الذين كانوا مداومين على التنشيط داخل دار الشباب بالناظور خلال سنوات الثمانينات بالخصوص. رحيلك أيها الفقيد العزيز خلف كبير الأسى وعميق الحسرة لدى كافة معارفك وزملاء العمل الذين واكبوا مسيرتك العملية على رأس مندوبية الشبيبة والرياضة بالناظور، لما عهدوه فيك من تميز في الخلق والاستقامة كما يشهد على ذلك مسارك الوطني والاجتماعي والمهني. لازلت أتذكر مواقفك الحكيمة ورزانتك الراجحة ، وأنت تؤدي ضريبة المعاشرة مع هذا العبد الضعيف بسبب مواقف عامل الإقليم آنذاك عبد الخالق بنجلون في أحلك ظروف القمع ، يوم شرعت في إصدار جريدة –الصدى- التي تعتبر هي الأولى على صعيد المنطقة الشرقية ، ولم تكن تتخلف – رغم مسؤوليتك الإدارية – عن أي معركة من المعارك كانت تخدم مصالح هذا الإقليم وساكنته … وتذكرت يوم تقرر تنقيلك صديقي الوفي إلى إقليم آخر بسبب موقف نفس العامل ، وتوجهنا بالسرعة لمقابلة وزير الشبيبة والرياضة آنذاك الفقيد الراحل الأستاذ عبد اللطيف السملالي ولمست كيف كانت مواقفنا ، ليتراجع الوزير رحمة الله عليه بعد أن أحطناه بمخطط بنجلون ، كنت أيها الفقيد العزيز تجمع ولا تفرق وتفتح الآفاق حتى في الظروف الحالكة…وكنت محبا وخادما للرياضة وللشباب ولم تتوقف دار الشباب إبان مرحلة اشتغالك مندوبا للشبيبة والرياضة ، عن استقبال الشباب واحتضان العديد من الأنشطة والندوات الساخنة والمحاضرات ، وكنت تتفهم "مشاغبات" الشباب، وكرست جهدك كله لخدمة هذه المدينة . عرفك أبناء الإقليم من مثقفين وسياسيين ونقابيين وجمعويين وطلبة وتلاميذ بصدرك الواسع وبقدرة هائلة على الإنصات واحترام الآخرين ، لذلك كان يحترمك الآخرون المتفقون والمختلفون معك. أتذكرك حينما كانت تجمعنا لقاءات عملية مع أخينا وفقيدنا العزيز الدكتور الحسين بوشطروش رئيس المجلس البلدي للناظور خلال مرحلة أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات ،وكنت بحق رجل التوافقات والتوازنات ، أعطيت للمدينة الكثير ، وبقيت طيلة حياتك المهنية خلية نحل لا تهدأ،وواصلت عطاءك للتدبير المحلي المتميز بالواقعية والفعالية التي كانت شعارك وأنت على رأس إحدى الجماعات المحلية بإقليمبركان … تغمدك الله أيها الفقيد الغالي والصديق الكبير، بواسع رحمته وأجزل لك الثواب على ما أسديته لإقليمك ووطنك من صالح الأعمال وأسكنك فسيح جنانه مع الشهداء والصديقين والصالحين وجعل أرملتك ورفيقة دربك وكل أفراد أسرتك الكريمة وأنجالك الكرام وأصهارك وكل الأحباب والأقرباء من الصابرين المحتسبين، وألهمهم عز وجل الصبر والسلوان من المبشرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. .