من حسن الصدف المعرفية التي كنت محظوظ بها في مساري التكويني والعلمي، في جامعة محمد الخامس بالرباط،كلية الاداب والعلوم الإنسانية ،انني تعرفت على شخصية "إدريس بنسعيد".كاستاذ محاضر في مدرجات الكلية في السنة الأولى من شعبة الفلسفة و علم النفس و علم الاجتماع،حيت تعرفت على المبادئ العامة في السوسيولوجيا كفكر انساني حديث النشاة في الجامعة المغربية،غير انه ما لفت انتباهي و اعجابي من محاضراته، قوته على التواصل و فن أسلوبه المدعم بأمثلة واقعية من المعيش اليومي للمجتمع المغربي في ثوابته و متغيراته ، وايضا في سلوكات الأفراد و مايحملنها من قيم و أزمات فردية او جماعية، تجعلني اعيش معه دهشة علمية أولية في اكتشاف معالم فكر اجتماعي و انساني مليء بالمفاجأت و التكرارات التي لم يمكن التوقع بمضامنها و خطاباتها ،و في صعوبة تأسيس ادوات بحثية في استقصاء ظواهر اجتماعية متعددة منها مثلا مجال المرأة ، السياسة، التعليم ،الصحة، البطالة...الخ، لكن المغامرة الإستكشافية لم تقف مع استاذي بنسعيد في هذا المستوى ،بل امتدت لسنوات استكمالي للدراسة و البحث الاكاديمي في كلية علوم التربية في وحدات البحث و التكوين التي سميت المقاربة الاجتماعية للترببة و التعليم،التي اسسها احد الأساتذة والخبراء الوطنيين ،في مجال علوم التربية (د.العربي ابا عقييل )و بتاطير من جملة من الأساتذة الاجلاء،في بداية الألفية ،وكنت محظوظا مرة أخرى أن نلتقي باستاذ بنسعيد في الاستماع معه في اغوار البحث السوسيولوجي و التربوي فكانت البداية معه في تاطيرنا النظري لمنهجية البحث و ادواته وتقنياته المتعددة،وكانت لنا معه حصصا تكونيية في ذلك اهمها ،تقنية الملاحظة العلمية، و امرنا بعد ذلك أن نقوم بمعاينة احد الاسواق االشعبية المتواجدة في الرباط،وتوجهنا بعدءذ الى سوق الغزل الذي يتواجد بالقرب من إقامة الصباح على الشاطيء الساحلي للمدينة، و قمنا باستجماع ما لاحظناه من سلوكات و مواقف قد تساعدنا في اكتساب مهارة الملاحظة و انجاز تقارير ميدانية حول زيارتنا للسوق كمجال للعلاقات الاجتماعية.للاستعداد لبحث ميداني جماعي كطلبة باحثين حول الوقاية من امراض الرمد الحبيبي الذي كان متفشيا في مجموعة من المدن الجنوبية في المغرب( الراشدية ، طاطا، و رزازات،زكورة،و الراشدية.)،فكانت الوجهة المختارة،مدينة زاكورة التي مكثنا فيها عشرة أيام، بعدما وفر لنا جميع الترتيبات اللوجسكيية و المادية ، في القيام بتجريب بعض المضامين الحاملة لمرض "trachoume "في الكتيبات و اللعب التحسيية للاطفال المتمدرسين.خاصة ان و سائل الوقاية الطبية لم تعد كافية في هذا المجال،بل لا بد المقاربة السوسيو-تربوية ان تتدخل للوقاية و الحد من انتقال العدوى من الحيوان الى الانسان. عبر و سائل النظافة و التوعية با دماجها في المنهاج الدراسي .و في الأخير قمنا بانزال جميع ادواتنا الميدانية في انجاز مقابلات وملاحظات و تقارير يومية مع العينات المبحوثة قد تغني الخزانة السوسيولوجية و التربوية في أهمية البحث الميداني في الحد من مجموعة من الظواهر الاجتماعية ،و لا يمكن ان اخفي عليكم ان سي بنسعيد استاذ، يتقن فن النكتة و الضحك الممتع بعد نجاح كل يوم من العمل و بعد مناقشته له لما انجزناه في الميدان. تحية لك استاذي من هذا المنبر، و دمت خبيرا و عالما سعدت اجيالا من الباحثين و الأساتذة،بتوجيهاتكم الاكاديميه و المعرفية.