لايمكن لأي باحث في التاريخ القديم لشمال إفريقيا التي ولج أرضها العديد من العهود أن لايستحضر المواقع الساحلية أو المدن المتوسطية الستة التي من ضمنها ساحل الريف الشرقي المعروف براس هركا في العصور القديمة وخاصة في العصرين الفينيقي والروماني. وعند الإطلاع على النماذج الخرائطية الإغريقية الثلاثة المقدمة والتي يظهر فيها الساحل الشرقي للريف الكبير خارجا من جنباته السلاسل الجبلية المتحدة والمتسلسلة والمعروفة حاليا بسلاسل جبال كوركو أو مااطلق عليه قديمة بجبال اكر كور امازيغيا والذي يبقى التقسيم والتعبير التاريخي مختلفا بين الحين والأخر وهذا ماتعبر عليه النماذج الإغريقية الثلاثة قبل نزول الفينيقيين إلى سواحلنا. وكانت أول إشارة قديمة تناولها المؤرخون باسم(اكروز)الأكبر اليوناني أللذي توافق ارتباط اسم( روسا دير او راس ادر)أي التي توافق الاسم الفينيقي اعتبارا انه يعني نفس الشيء والتي ذكرها حانون في رحلته. وعلما أن رحلة حانون القرطاجي المنجزة حوالي 425 قبل الميلاد الذي استوقفه ساحل الريف الشرقي باسم (مليتا) أي مليت من جمله سبعة مدن ساحلية في موريتانيا الطنجية والذي ظل صامدا الى يومنا هذا. وهذه المدن الساحلية التي ذكرها البحار حانون في رحلته إلى غرب الساحل الإفريقي : THUMIATERION, CARICON,TEICHOS,GUTTE,ACRA,MELITTA,ARAMBYS, والتي قام حانون بإنشائها وتأسيس 6 مستوطنات لم تكتشف الى حد الساعة . وقد وصل الفينيقيون إلى سوحلنا قبل قبل القرطاجيين فأسسوا مراكز ساحلية وتجارية ثم جاء القرطاجيون بعدهم فركزوا وجودهم في ساحل الريف الشرقي المعروف بروسادير مليلية الحالية فأسسوها مركز تجاري بمقدمة ساحل الريف الشرقي كما تؤكد بعض الآثار لمنشئات قرطاجية بالقرب من مليلية وطنجة وتطوان والتي تم الكشف عنها. وعند النظر في النماذج الجغرافية الإغريقية الثلاثة في القرن الأول قبل الميلاد نلاحظ مدينة محايدة لروسادي المعروفة (ميتا كونيا) التي تقع غرب روسا دير ورجحت عند المؤرخين" براس هركا "ولكن ما يلاحظ بالنظر الى موقع راس هرك يأتي لروسادير من جهة الشمال وأما ما يتعلق بغربها تواجد "ايت سيدال"اومايعرف قديما بالهضبة الفكلانية بالقعدة القديمة " والتي تم الكشف مؤخرا في إحدى مناطقها (اغيل امدغار)عن أجزاء تماثيل حجرية وشاهد لمقبرة فينيقية والاهم العملة الرومانية المؤرخة لبداية القرن الثاني الميلادي وهذه دلائل تدل على مكانة المنطقة تاريخيا واثريا وعلما أننا قدمنا بحوث نظرية حول هذه التماثيل والتي تظل تنتظر من يؤكد او ينفي بكشف هوية ودلالة تلك البحوث التي قدمناها والتي ارتأينا بتقديمها فتح و تمهيد الطريق لذوي الاختصاص في التنقيب الأثري تحت القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال وهذا يعطي صبغة تاريخية تمكن من رفع مستوى السياحة بالريف كباقي مدنا الأثرية بمغربنا. (جمال البوطيبي ). ومدينة روسا دير أو مليت التي تتواجد فوق صخرة كلسية تلفت النظر الى موضع التمركز القرطاجي والفينيقي بساحل الريف الشرقي المؤسس بكدية تينرت مزوجة والذي سماه الأسبان. Carro de son Lorenzo والتي أظهرت التنقيبات عددا من الفخاريات الفينيقية وقبور صغرى وكبرى لهم وكان من ضمن المنقبين مدير متحف تلمسان بالجزائر سنة 1916. وسرد لنا المؤرخ الروماني ̈ كايو بلينيو ̈ القرن الأول الميلادي اسم موقع روسا دير بكونه قريب إلى جهة هرك نسبة إلى وجود مرسىى روسا دير كما ظهر في نفس القرن المدينة باسم "ومبانيو ميلا والذي يكون قريبا من اسمه الأصلي مليت ان صدق الترجيح والذي ذكره د.فكيكي في كتابه أطلس الريف الشرقي . والتي تثبت المصادر الثلاثة الإغريقية وجود مدينة محايدة وقريبة من روسا دير او مليلة الحالية الى جانب المدن الساحلية التي ذكرها حانون القرطاجي في رحلته الطويلة فهل ياترى ان تكون" اغيل امدغار "الحالية القديمة هذه المدينة فان صدق هذا الترجيح ولاسيما انها تثبت نفسها قديمة من روسا دير او مزدوجة التاريخ ومالفت النظر في الخرائط الإغريقية وجود" ميتا كونيا" و"بنتا" كمدينتين قريبتين تقعا جهة غرب روسا دير القديمة وهذه النظرية تبقى تنتظر من يؤكدها اوينفيها من ذوي الاختصاصات الأثرية ." جمال البوطيبي". وبالنظر إلى سكان روسا دير ومليت القديمة نجد قد ذكرهم مجموعة من المؤرخين الأجانب والمسلمون والمعروفون بسكان الجبل المشرف لمليلة والمناطق الدائرة بها والذي لم يصرح الباحث "كلاوديو" بأسماء تجمعاتهم وان كانت فصيلة بنو بطوية أو بنو ورتدي حاضرة في العهدين الروماني والبونيقي وأنهم تعاملوا مع البونيق في هذا التاريخ السحيق منذ القرن الأول الميلادي . فمدينة روسا دير آو مليت ظهرت في هذا القرن باسم ̈ المرفأ الكبير ̈ والمعنى المرفأ الكبير المقصود به ترجيحا سبخة بوعرك أي بحيرة مار تشيكا إن صد الترجيح حسب الفكيكي حسب الجهة أو المصدر التاريخي . وبعد قرنين من الزمن أي سنة 215 للميلاد ظهر وصف جغرافي أخر لخريطة إمبراطورية روما المزعومة في شمال إفريقيا المعروفة بسكانه المغاربة بما يفيد راس روسا دير الأكبر أي" برومونتاسيون" روسا دير والذي عتبر من بين احد المراسي الواقعة بين قرطاج وطنجة وبين الولايتين الرومانيتينموريتانيا القيصرية والطنجية غربا وهذا مايو ضح الأهمية البالغة لهذا المرفأ أي روسا دير أو الرأس الأكبر من تأكيد مرتبته الهامة ضمن مدن ساحل شمال إفريقيا الغربي . وفي كتاب "استرابون" الجغرافي يشير الى راس هرك بشكل صحيح بما يستخلص القول {يقابل مرفأ روسا دير شرقا قرطاج ومن غربها اسم المدينة الغريبة باستدلال اشاري إلى واد ملوية أي" مروشت" باعتبار النهر الحد الفاصل بين موريتانيا القيصرية والطنجية. وجبال روسا دير واضحة عند قراءة النماذج الإغريقية المقدمة وتسمى سلاسل جبال كوركوونلاحظ غرب السلاسل الجبلية دائرتين تشير إلى تجمع سكني أو مدينتين إحداها تسمى" بنتا" و"وميتا كونيا" والتي لازالت مطمورة ومجهولة مليلة وقلعتها في العصر الوسيط ذكر ابن حوقل أثناء رحلته وهو الذي كان على ذراية بما حدث لحصن مليلة وقلعتها من تخريب وتنكيل على يد القائد الأندلسي جوهر الصقلي سنة347 هجرية إذ يقول كانت مليلة ذات سور منيع وحال متين ووسيع كان ماؤها يحيط بأكثر من سورها من بئر عظيمة فاكتسحها ابو الحسن جوهر الصقلي الداخل برجال مغاربة عام 347هجري وقد تغلب عليها بنو بطوية بطن من البربر.وكان بها من الاجنة والبساتين والحبوب والغلات الجسيمة مايسد حاجتهم فزال اكثرها . كتاب صورة الارض مكتبة بيروت .ص.79. تحليل الأستاذ الفكيكي بعنوان مليلة حاضرة قلوع كرت مجلة دار النيابة ص.49. .7\ 7\ 1985 واضاف ابن حوقل النصيبي البغدادي في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الافاق المجلد الثاني القاهرة 1994 صفحات 533و222و247و527و537. مليلة مدينة حسنة متوسطة ذات حصن وسور منيع وحال حسنة على البحر وكان لها عمارات متصلة وزراعات كثيرة ولها بئر فيها عين ازلية كثيرة ويحيط بها قبائل البربر هم بطون بطوية. فاذن من اين استسقى ابن حوقل هذه المعلومات الجغرافية عن مليلة وهو المتوفى ببغداد سنة 363هجري وتاريخ وفاته يبين انه كان معاصرا لمحمد الوزان المتوفى سنة 368 هجري وسابق للبكري الأندلسي المتوفى سنة 378هجري. مرسى مليلة التجاري ذكره البكري في كتابه المغرب من بلاد المغرب ص ص.88.89 من اهم المراسي الصيفية وقد ربط انشطته التجارية بمرسى شالبوبينية المقابل للطرف الأخر من الاندلس ولمليلة علاقة بحرية قديمة بالمراسي الشرقية الواقعة وراء ملوية ومن غربه ميناء غساسة اللاندلسي التجاري . ومن حكام مليلة ونواحيها في العصرالاسلامي اواخرالقرن الأول الهجري أي سنة 314ه. التي غزاها ابن ابي العافية الد سولي حليف عبد الرحمان الناصر المرواني الأندلسي . وبعد قرنيين استنزل فيها المرابطين اخرقواد لهم مابين سنة 535 هجري المدعو ماكسن بن المعز.وذكر البكري ان وجود أسواق عدة كانت تستقبل فيها البضائع الصحراوية والسجلماسية بعد مرورها بقلعة كرت غساسة وقلعة تازوظا والى مليلة كان يصل تجار مراسي الساحل الأندلسي من البنادقة والجنوبيين والمالاقييين . مجلة دار النيابة عدد7 ص 49 ا. حسن الفكيكي1986. ومعظم النصوص مقتبسة من كتاب أطلس الريف الشرقي للدكتور الفكييكي ص.ص13.17 . وعادت مليلة الى أحضان المستعمر الاسباني بعد سقوط الاندلس سنة 1497م ليتم تمهد الطريق بعدها الى احتلال المدينة القلعية الثاني غساسة سنة 1506م ليتم تخريبها بين سنتي 1557و1577م. ومن تلك الفترة ظلت غساسة تستنجد لمن يرممها وينقذها من الموت البطيء. الهوامش- التاريخية«« -الدكتور حسن الفكيكي اطلس الريف الشرقي مباحث في الجغرافية التاريخية بعنوان قلعية ماقبل الفترة الاسلامية البحث الاول صص.13-17. ذ.نجاة غازي –بن مسيس كلية الاداب الرباط –كتاب تدريس مادة تاريخ شمال افريقيا –تنسيق د.مصطفى اعشي ص.39 . كتاب التاريخ لقسم الملاحظة نشر دار الثقافة دار الكتاب البيضاء موضوع –القرطاجيون بالمغرب ص.50. رحلة حانون القرطاجي المنجزة حوالي 425 قبل الميلاد Racio Gutierrez et Claudio Barrio de luco- fuentes para la historia de Melilla -2005-p-142. Fernando para la historia de melilla –melilla 2005-p—142. Fuentes para la historia de melilla – Rusadir-melilla-2005-p-135. Antonino aogusti –proviniciarum –omnium.