المُلاحظ أن سياسة الهجرة بالمغرب شكلت في الآونة الأخيرة متحولًا جذريًا بنهج الرباط لسياسة جديدة تهدف احتواء المهاجر السري عوض تصديره للبلدان الاروبية..وهذا تطور جديد في سلسلة الاصلاحات التي تنهجها الوزارات المعنية بإيعاز مباشر من السياسة الحكيمة التي يتبعها الملك في هذا المضمار. فإلى وقت قريب كنا نسمع الهجرة غير الشرعية بالآلاف لمهاجرين ينحدرون من دول افريقية مختلفة، يستغلون نهج جيراننا في الجزائر لموقف المتفرج امام عبور النازحين الافارقة لبلادهم في اتجاه المغرب الآمن..وعند وصولهم يفكرون بهجرة أخرى نحو اروبا..وهذا مقاربة تراجعت الى حد كبير بحسب المتتبعين لأوضاع المهاجرين ببلادنا. فقد غير الكثير من الأفارقة تفكريهم بالمغامرة في الهجرة نحو القارة العجوز، وبدلًا من ذلك اختارو الاستقرار والعيش في المغرب كبلد آمن بعد صدور قوانين جديدة تهدف حماية اللاجئين للمغرب وتوفير شروط آمنة لادماجهم في المجتمع المغربي بطريقة قانونية. فكلما ضاقت الأرض بما رحبت على أهلها في بعض دول إفريقيا وانعدمت خيارات الحياة، بسبب الفقر أو المجاعة، وفي أحيان كثيرة بسبب الحروب اللامنتهية في عدد من بلدان القارة السوداء، يكون الهروب هو الخيار الوحيد من أجل البحث عن ملاذ حقيقي يضمن فرصًا جديدة للحياة بكرامة.. وهذا ما راهن عليه المغرب فعلا..واختار التحول من بلد عبور إلى بلد إقامة خاصة بعد التوجه الأوربي الجديد الهادف الى تعزيز الإجراءات الأمنية ومراقبة الهجرة غير القانونية، من خلال الإجراءات المتخذة والتدابير التي تم وضعها من طرف الاتحاد الأوربي والتي جعلت المغرب دركيًا لأوربا، من أجل إيقاف تدفق المزيد من المهاجرين السريين الى اروبا. وهكذا تغيرت سياسة المغرب واحتضن المهاجرين بدل ارجاعهم لبلدانهم كما في السابق..وشكل بذلك سابقة من نوعها في تاريخ تعامل البلدان العربية والاسلامية مع قضايا المهاجرين. وبحسب وزارة الداخلية، فإن غالبية الذين يتم ايقافهم بالمغرب في اطار محاربة الهجرة غير النظامية، ينحدرون من دول: مالي، السنغال، غامبيا، نيجيريا، وغانا.. بالاظافة طبعًا لسوريا التي تشتت شعبها عبر العالم بعد أزمة بلادهم. ويحصل المهاجرون بالمغرب على "صفة لاجئ" التي تضمن لهم مجموعة من الحقوق المعنوية والمادية، لكن ذلك لم يعد يكفي على ما يبدو.. فنظرا لأن القانون المتعلق بالهجرة بالمغرب، يمنع الأشخاص الذين دخلوا أو استقروا بالمغرب بطريقة غير قانونية من الولوج إلى سوق الشغل، تلجأ غالبية المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء إما إلى العمل في القطاع غير المهيكل، أو الى التسول، إذ ان العديد من المهاجرين بالمغرب ورغم تسوية اوضاعهم مازالو يمارسون التسول مُستغلين طيبوبة وتعاطف فئات واسعة من الشعب المغربي. إن المغرب الذي تجلت قوته في ميادين وقطاعات مختلفة بفعل النهج الحكيم لسياسة الملك محمد السادس خاصة تجاه القضايا الكبرى..أثبت مرة أخرى حنكته في معالجة ولو بشكل نسبي، ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تستهدف استقرار المملكة..وكان القرار حكيمًا بامتياز للقضاء على مؤامرات الجيران/الاعداء..واحتضن المهاجرين بشكل لم تشهده اية مقاربة سليمة للهجرة من قبل، خاصة بين دول شمال افريقيا المطلة على البحر الابيض المتوسط.