لاشك أن متابعي المستديرة بمدينة الناظور قد تابعوا باهتمام كبير خلال الأشهر والسنوات الماضية تألق بعض الفرق الكروية بالمدن المجاورة، فتابعوا كذلك كيف أنها تألقت وأبدعت ووصل بها الطريق الى تمثيل مدنها بالبطولة الاحترافية، فلاشك إذن بالمقابل أن هؤلاء المتتبعين الناظوريين قد خالجهم شعور ممزوج بالسرور والحزن في ذات الوقت، سرور لتألق هذه الفرق المجاورة لكون أن الناظور تجمعها روابط مشتركة و تاريخية مع هذه المدن، بحكم أن هذه الفرق كانت دائما تمارس أمام الفرق المحلية، ومن فرط استقبالهم بالناظور أصبحوا ضمن الذاكرة المشتركة للناظوريين، أما حين نخوض في الحديث عن الحزن المرتبط بتألق هذه الفرق المجاورة فإننا سنساءل ذواتنا بالتأكيد كيف لمدينة اسمها الناظور أن تشكل الاستثناء في محيطها الجغرافي، استثناء ما بعده استثناء، فالمدينة تتموقع جغرافيا وسط ثلة من المدن التي أصبحت اليوم مدنا كروية بامتياز، في حين أن الناظور لازالت تعيش في الحضيض، فكُرتها لم تتجاوز مرحلة الفطام بعد، فكيف بها أن تتجاوز الطفولة، ثم تجتاز عقبة المراهقة بنجاح، لتغدو كرة كبيرة بين نظيراتها، لكن هيهات فيبدو جليا للعيان أن كرة القدم الناظورية تعاني من مرض التوحد المزمن. وقد يكون هناك من سبقني وكتب في هذا الشأن من خلال تشخيص الداء الذي أصاب كرة الناظور، ومن الذكر وليس الحصر قد نجد مجموعة من الأسباب التي تستحق الاشارة اليها لكونها تعتبر أسبابا حقيقة وراء عدم نضج كرة القدم بالناظور وقد تختزل هذه الأسباب في انعدام الموارد المالية من خلال بخل المؤسسات الاقتصادية المتواجدة بالإقليم، و كذلك التسيير العشوائي ومشاكل المكاتب المتعاقبة على تدبير شؤون الفرق الناظورية، اضافة الى انعدام البنى التحتية الرياضية، و تجاهل المسؤولين لهذه الفرق من خلال المنح الهزيلة والمنعدمة احيانا من لدن المجالس المنتخبة، اذن فكلها أسباب سبق وتم الإشارة اليها أكثر من مرة على أنها السبب المباشر في تدهور كرة القدم الناظورية. لكن ومن منظوري الشخصي فإني أرى ان السبب الكامن و المباشر وراء هذا الانهزام والتدني وانحطاط كرة القدم بمدينة اسمها الناظور يرجع أساسا الى الشرخ الكبير بين كل مكونات كرة القدم بالمدينة، فالتفرقة هي اساس هذا التدهور، فالمصالح الشخصية الضيقة والحسابات السياسية تعتبر بمثابة حبل شنق لهذه الكرة، ففي الناظور كل يغني على ليلاه، فلا توجد طاولة واحدة تتسع ليجتمع عليها هؤلاء المعنيين بالأمر من مسؤولين ومسيرين ومهتمين وحتى جماهير، فكل ينطوي في زاويته الخاصة ويحاول الوصول الى مبتغاه على حساب الغير، فبذلك ظهر شنآن و بُغض مفتعل، والخاسر الأكبر في الأخير هي كرة القدم ومعها أبناء المدينة الذين أصبحوا يشاهدون المباريات على الشاشة ويعضُّون على نواجدهم من شدة الحسرة على هذا الواقع المر، ولعل أحسن مثال واستشهاد اختم به مقالي هو قوله تعالى : (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).