علم من مصادر موثوقة أن حالة التكتلات الجمعوية بجزر الكناري لا تبشّر بالخير، جراء حدوث تشاحن ينم عن اختلاف وجهات النظر بين بعض الجمعيات التي تزكّي نفسها على حساب جمعيات أخرى.. هذه الأوضاع القائمة ضمن جنبات القنصلية العامة للمملكة المغربية بجزيرة لاس بالماس، قد وضعت شرخا جديدا في مشروع إنشاء فيدرالية تجمع شتات مختلف الجمعيات التي تتخبط في متاهات "العبثية" و "التسيب" حسب ما جاء في تصريح رئيس "جمعية التعاون وتنمية المغاربة بالكناري" التي وُلدت بين عشيّة وضحاها.. وقد ذكرت مصادر مقرّبة من القنصل العام للمملكة بالكناري، عبد الرحمان ليبيك، أنّه فد ضاق ذرعا بما شهده آخر اجتماع جمعه بعدد من رؤساء مكاتب جمعيات محلّيّة بالكناري، خاصة تلك النقاشات الهامشية التي تبدي خلفيات قَبَلية، تبغي عدم تجاوز الماضي الدّفين.. فالملاحظ أنّ الاجتماع الذي احتضنته القنصلية العامة للمملكة المغربية بجزر الكناري صبيحة الخميس 18 مارس في إطار لقاء تشاوري مع ممثلي عدد من الجمعيات ذات العلاقة مع الجالية المغربية، وحث فيها القنصل العام للمملكة الجميع على ضرورة نبذ الخلافات الشخصية وتوحيد الصف لجمع شمل كلمة المغاربة، الأمر الذي خلص إلى إنشاء لجنة تحضيرية بهدف التنسيق فيما بينها لدراسة إمكانية إنشاء فدرالية مغاربة كناريا ، حيث سيجرى اللقاء الأول للجنة السبت 17 أبريل القادم. إن عمل هذه اللجنة التحضيرية لم يبارح مكان، إذ أن كل جمعية تدّعي تمثيليتها للمغاربة المقيمين بالكناري، وهو الدّالّ على حساسيات نابعة عن طغيان الأنا في معالجة الأمور بعيدا عن الموضوعية و عن خدمة المستهدف الأسمى، أي المهاجر الذي لا حول له ولا قوّة.. خاصة و أنّ "جمعية التعاون وتنمية المغاربة بالكناري" لا تتوفّر إلا على منخرطين اثنين، متمثلين في شخص رئيسها محمّد الشرادي المنحدر من منطقة فرخانة و شخص آخر منحدر من جنوب المغرب، لا غير.. لطالما أملت الجالية المغربية بجزر الكناري، و المنحدرون من منطقة الريف، أن تلقى آذانا صاغية لمشاكلها اليومية خصوصا الهوية الثقافية لأشخاص هاجروا، مجبَرين للحصول على مصدر للرزق. لكن غياب التأطير الرسمي الفعّال، والمكفول قانونيا للمصالح الخارجية لوزارة الخارجية و التعاون، لا زال يطرح مجموعة من التساؤلات حول التأطير الفعلي الميداني، هذه التساؤلات التي تراود أذهان الجالية المغربية، و خصوصا الريفية، من خلال نبض الشارع.. علما أن مجموعة من الجمعيات تعمل بمجهودها الخاص منذ نشأتها بجزيرة "كناريا الكبرى" دون أدنى اهتمام بأنشطتها من طرف القنصلية العامة للمملكة ب "لاس بالماس". وقد استبشر المقيمون بأرخبيل الكناري خيرا استحداث "وزارة" مكلفة بشؤون الجالية المقيمة بالخارج، و زيارة الوزير المنتدب محمد عامر ل "لاس بالماس" منتصف يونيو من السنة الماضية. يوم 4 من فبراير الجاري، اجتمع عبد الرحمان ليبيك مع بعض العناصر و تمّ تغييب عدد من الجمعيات المحترمة والفاعلة ميدانيا، قصد تأسيس جمعيات ثقافية و تقديم دعم مادي قُدِّرَ مبدئيّا في مبلغ ثمان و ثلاثين ألف أورو (38.000 أورو). وهو الشيء الذي اعتبرته الجالية التي من بينها عدد كبير من الريفيين بمثابة إجراء غير مقبول، و دليلا على تفشّي المحسوبية و الزّبونية على مصالح المواطنين المغاربة، خاصة و أن هؤلاء الأشخاص لا يمتّون بأيّ صلة للعمل الجمعوي العاني بشؤون الهجرة وثقافة الوطن الأمّ.. وقد علم موقع ناظور24 أنّ المبلغ المذكور قد تمّ صرفه كتعويض ومساعدة مادّية لذوي بعض المهاجرين اللذين فقدوا معيلهم بتوفّي بعض المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية المغربية والمقيمون بأرخبيل الكناري. إذ أنّ هذا ما صرّح به القنصل العام، عبد الرحمان ليبيك في كواليس آخر اجتماع تشاوري مع بعض أعضاء جمعيات الجالية المغربية بالكناري.. كردّ فعل لدرء الشبهات. ولا زالت ساكنة جنوب جزيرة "كناريا الكبرى" يتذكّرون ما آلت إليه مساعدات كانت موجهة للفئات المغربية الهشة ب "لاس بالماس" شهر رمضان الماضي، تضمّنت كمّيات كبيرة من مواد غذائية، مكوّنة من تمور و تين ومستَهلكات خاصّة بالشهر الفضيل. و رغم رمزية المقّدم من هذه المواد، إلى أنها سُلمت جُلّها لثلاثة أشخاص أعادوا بيعها لمغربي يمتلك مجزرة جنوب جزيرة "كناريا الكبرى"، فقد قام كل من المدعو محمد البشيري و بوطاهر عبد الوهاب و عبد القادر أبركان بالاتجار في ما كان موجّها لأغراض اجتماعية محضة، ليفاجأ المهاجرون المغاربة بهذه المنتوجات الغذائية معروضة للبيع "بْلا حْيَا بْلا حْشْما" بالمجزرة المعلومة. فإلى متى ستظل ساكنة الكناري تائهة بين سوء تدبير القنصلية المغربية و كيد أشخاص يدّعون أنّ مرادهم هو الحسنى.. ناهيك عن المغالطات الفارغة التي تشهدها بلدة "بيسنداريو" من مفتقرين إلى ثقافة الإصغاء للآخر، بل تتخطى ذلك إلى إيكال الأمور إلى أمّيين بكل ما تحمله الكلمة من معنى و بدون مبالغة... خلاصة القول، لقد طفح الكيل، ولعلّ موعد 17 أبريل المقبل سيخبرنا بما سيؤول إليه حال مولودنا الجمعوي الفدرالي، إذ نتمنى أن لا يولد ميّتا.