إن المتتبع لمسار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بالمؤسسات التعليمية، سيقف على مرحلة التأسيس التي تشكلت فيها هذه الجمعيات منذ الستينات وفق ظهير 1958، وهو الإطار المرجعي العام الذي يؤسس لوجود جمعيات الآباء، باعتبارها جمعيات مستقلة ووسيلة فاعلة لتدعيم المنظومة التربوية بتعزيز جهود الوزارة الوصية في مجال الإصلاح التربوي والتعليمي ، من خلال مساعدة المؤسسات التعليمية على القيام بوظائفها التربوية.... و على هذا الأساس عملت الوزارة على إصدار مجموعة من المذكرات الوزارية ، تؤسس لعلاقة شراكة حقيقية بين المؤسسات التعليمية وجمعيات الآباء.... و نخص بالذكر هنا المذكرة رقم 03 المؤرخة في 03 ذي الحجة 04/1426 يناير 2006 حول موضوع: «بشأن تفعيل دور جمعيات آباء وأولياء التلاميذ» وتعتبر من أهم المذكرات المؤسسة للعلاقة بين جمعيات الآباء والمؤسسات التعليمية، وقد صدرت في إطار تفعيل أدوار جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والتي تم من خلالها تحديد مجلات تدخلها ومستلزمات الارتقاء بهذه الأدوار والتزاماتها مع تأكيد مكانتها المتميزة من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والنصوص القانونية.... و بهذا جعلت الوزارة جمعيات الآباء شريكا في إصلاح منظومة التربية والتكوين، كما تم الإقرار بدورها الفعال في الإصلاح باعتبار تواجدها جمعية مستقلة داخل المؤسسات التعليمية العمومية و الخصوصية ، لذا تجسد حضورها في عدة آليات لها دور في تدبير المنظومة التربوية من خلال تمثيليتها بالمجلس الإداري للأكاديمية، وفي مجالس المؤسسة ، مجلس التدبير والمجلس التربوي ومجالس الأقاليم، ما عدا المجالس التعليمية ، كما أن الظهير رقم 1-05-152 الصادر في 11 من محرم 1428 (10 فبراير 2006) المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم: خص جمعيات آباء وأولياء التلاميذ باهتمام خاص، من خلال اشراكها في تركيبة هذا المجلس (3 ممثلين) عن طريق التعيين ، من خلال نصوص تنظيمية مرتبطة بمرحلة تفعيل توجهات الميثاق... حتى أصبحت جمعيات الآباء فاعلا أساسيا في المنظومة التربوية تضطلع بدور فعال و هام في مد جسور التواصل بين المؤسسات التعليمية والأسر، وفي نسج الروابط الاجتماعية و العلاقات بينها وبين مختلف الأطر التربوية والإدارية وفي تطوير خدماتها، والمساهمة في إشعاعها الاجتماعي والثقافي والفني..... و مع هذا فمجموعة من المتدخلون في العملية التعليمية من أساتذة و مدراء المؤسسات التعليمية و رؤساء الجمعيات التقت بهم (العلم) ، أجمعوا على أن جمعية أمهات وآباء و أولياء التلميذات و التلاميذ بالمغرب تعيش مجموعة من الاكراهات التي تعوق عملها و المتمثلة في ضعف التواصل مع مكونات المحيط المدرسي و ضعف تمثيلية المرأة داخل هذه الجمعيات و ضعف التكوين و التأهيل ، مع إصرار البعض على أن تبقى هذه الجمعيات تمارس دورها التقليدي المتمثلة بالأساس في الدعم المادي مما يجعل دورها محدودا و غير ذا قيمة مبتعدة عن دورها الحقيقي في التطوير و تنمية العملية التعليمية مع احترام الضوابط الواجب الالتزام بها ، التي تنظمها المذكرات الوزارية .... إلا أنه نجد أن بعض جمعيات آباء وأمهات التلاميذ والتلميذات، لا تمارس دورها كما يجب ، بقدر ما تحاول تعكير صفو المؤسسة لعدة أسباب / سياسية ، انتخابية ...، مما يخلق جوا من التوتر والفوضى داخل المؤسسة ، إضافة إلى أنه عادة ما يتم انتخاب بعض مكاتب الجمعيات في جو مشحون و غير ديمقراطي ، أو حصر أعضاء المكتب في رجال التعليم داخل المؤسسات، و اكتفاء بعض الجمعيات بجمع الانخراطات ، إلى درجة تصرف الرئيس في مداخيلها لحسابه الخاص، مع تهميش دور باقي الأعضاء ، كما يلجأ بعض رؤساء الجمعيات إلى جعل الجمعية وسيلة للانتقام من الإدارة التربوية و الأساتذة لأسباب ذاتية ، حيث يقوم بتعطيل كل العمليات و خلق البلبلة داخل المؤسسة ، وأحيانا لأسباب انتخابية .... و في المقابل يرى آخرون أن الكثير من الجمعيات تضحي من وقتها، رغم ما قد يصدر من أخطاء ، نتيجة سوء التقدير والفهم ، و مع هذا يتم تهميشها و تقزيم دورها من طرف بعض إدارات المؤسسات التعليمية، معتبرين وجودها كممول مالي لا أكثر، و أحيانا يتم انتخاب مكاتب ضعيفة شبه ميتة ، حتى يتسنى للبعض التصرف باسم مكتب مشلول أو شبه غائب ، الى درجة أن بعض الإدارات تتكلف باستخلاص مداخيل انخراطات التلاميذ الخاصة بجمعية الآباء، ثم تتصرف فيها كيفما تشاء . ومع هذا نرى أنه في بعض المؤسسات التعليمية نجد جمعيات تبذل مجهودات جبارة ، حتى أصبحت شريكا ضروريا ، نظرا لتضحية أعضائها وحضورهم الوازن ومساهمتهم الفعالة في تدعيم العملية التعليمية ، إلى درجة أنك في بعض مؤسسات التعليم لا تميز بين رئيس المؤسسة ورئيس الجمعية، لكثرة تواجد الطرفين وكثرة توافقهم .... و نستخلص من كل هذا أن جمعية آباء وأمهات التلاميذ والتلميذات شريك لا مناص منه، والتعامل معه بإيجابية، قد يقدم للمؤسسة دعما قويا في شتى المجالات: التربوية والثقافية والرياضية..... و أن اشراك الجمعية ضرورة ملحة للتعاون مع المؤسسة في تحمل الثقل التربوي ، والتغلب على الصعوبات التي تواجهها المؤسسات التعليمة ، من خلال تعبئة جمعية آباء و أولياء التلاميذ وبلورة شراكات واسعة معهم، قصد جعلهم شركاء حقيقيين مساهمين بفعالية وجدية في إصلاح المدرسة المغربية، و الارتقاء بأدوارهم انطلاقا من النصوص التشريعية والتنظيمية المعتمدة في المنظومة التربوية، من خلال مساهمتها في أنشطة المؤسسات تربويا وثقافيا واجتماعيا ومساهمتها في منظومة الإصلاح ودعم المدرسة المغربية والنهوض بأوضاعها، بما يمكن من تحقيق تكامل وظيفي يبين أدوار الأسرة والمدرسة كشريكين في العملية التربوية، انطلاقا من مقتضيات البرنامج الاستعجالي الهادف إلى تسريع وتيرة الاتصال وتجديد نفسه...