إن المتتبع لمسار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بوزارة التربية الوطنية وبالمؤسسات التعليمية، سيقف على مرحلة التأسيس التي تشكلت فيها هذه الجمعيات منذ الستينات وفق ظهير 1958، وهو الإطار المرجعي العام الذي يؤسس لوجود جمعيات الآباء، باعتبارها جمعيات مستقلة ووسيلة في يد المجتمع المدني لتدعيم المنظومة التربوية من خلال تعزيز جهود الوزارة الوصية في مجال الإصلاح التربوي والتعليمي. وقد عملت جمعيات الآباء المشكلة في هذه المرحلة على الحفاظ على المؤسسة التعليمية المغربية، ومساعدتها على القيام بوظائفها التربوية من خلال المساهمة في تحسين فضاءاتها وتأهيلها، ولكن لم تكن جمعيات معممة على المؤسسات التعليمية لأن القانون لم يكن يلزم وجودها، كما أنها كانت مرتبطة في توجهاتها بالمناخ السياسي والاجتماعي السائد آنذاك توظف لأداء أدوار قد تكون مخالفة لأهداف تأسيسها، ولكن صبغتها التربوية والاجتماعية جعل وجودها ضروريا ونافعا، مما دفع وزارة التربية الوطنية إلى إصدار مذكرات وزارية في مرحلة لاحقة تؤسس للعلاقة بين المؤسسات التعليمية وجمعيات الآباء. الملتقى الوطني لممثلي جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ في المجالس الإدارية للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين سنة 2003: شكل هذا الملتقى محطة ثانية، وكان فرصة لتحقيق ما يلي: - تفعيل توصيات الملتقيات الوطنية السابقة - تطوير الشراكات - تقديم مقترحات لتعزيز أدوار الجمعيات في المنظومة التربوية. كما تم التأكيد خلال هذا الملتقى على: - تعميم الجمعيات على جميع المؤسسات التعليمية - تحسيس مديرات ومديري المؤسسات التعليمية بالدور المنوط بجمعيات الآباء في دعم التمدرس. - تحسين وتطوير العلاقات بين الجمعيات والمؤسسات. - اعتبار الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى ودورها في دعم المؤسسة. - الإشراك والمشاركة - نهج الشفافية والديمقراطية في عمل الجمعيات - حضورها المتميز في مجالس الأكاديميات والمؤسسات. إدماج جمعيات الآباء شريكا في إصلاح منظومة التربية والتكوين لقد شكلت النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية في إطار تفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إقرارا بالدور الفعل لجمعيات الآباء في الإصلاح باعتبار تواجدها جمعية مستقلة داخل المؤسسات التعليمية، لذا تجسد حضورها في عدة آليات لها دور في تدبير المنظومة التربوية من خلال تمثيليتها بالمجلس الإداري للأكاديمية، وفي مجالس المؤسسة، مجلس التدبير والمجلس التربوي ومجالس الأقاليم، كما أن الظهير رقم 1-05-152 الصادر في 11 من محرم 1428 (10 فبراير 2006) المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم: خص جمعيات آباء وأولياء التلاميذ باهتمام خاص، من خلال اشراكها في تركيبة هذا المجلس (3 ممثلين) عن طريق التعيين. النصوص التنظيمية المرتبطة بمرحلة تفعيل توجهات الميثاق: - القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00203 الصادر في 15 من صفر 1421 (19 ماي 2009): ينص على تمثيلية «ثلاثة ممثلين عن جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بنسبة ممثل واحد عن كل سلك تعليمي» ضمن تأليف المجلس الإداري للأكاديمية (انتخاب). - مرسوم رقم 2.001016 صادر في 7 ربيع الآخر 1422 (29 يونيو 2001) بتطبيق القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين: ينص في مادته الثالثة على كيفية تعيين ممثلي جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في إطار المجلس الإداري للأكاديمية (انتخاب ممثل واحد عن جميعات الآباء بكل سلك تعليمي). - القانون رقم 05.00 بشأن النظام الأساسي للتعليم الأولي: تنص المادة 2 من هذا القانون على إمكانية إحداث مؤسسات للتعليم الأولي من قبل «الجمعيات التي لا تهدف إلى الربح والمحدثة بكيفية قانونية» ومن بينها جمعيات الآباء والأولياء. - القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي: يمنح هذا القانون أيضا إمكانية إحداث مؤسسات للتعليم المدرسي الخصوصي وبجميع أنواعها، إلى الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين غير الدولة (ومن ضمنها جمعيات الآباء). - مرسوم ر قم 2-02-376 صادر في جمادى الأولى 1423 (17 يونيو 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي: تتمتع جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ بالتمثيلية داخل جميع مجالس المؤسسة ما عدا المجالس التعليمية: مجلس تدبير المؤسسة، المجلس التربوي ومجالس الأقسام. المذكرات الوزارية المؤطرة لعمل جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ: المذكرة رقم 56 المؤرخة في 18 صفر 02/1428 ماي 2002 حول موضوع تزوريد مكاتب جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمذكرات« (بتوقيع الوزير السابق عبد الله ساعف)، وهي مذكرة تدعو الأطراف المعنية الى تزويد مكاتب جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمؤسسات التعليمية، بانتظام، بنسخ من المذكرات التربوية المرتبطة بالحياة المدرسية، الصادرة عن كل من المصالح المركزية للوزارة والأكاديمية أو النيابة». المذكرة رقم 80 المؤرخة في 23 ربيع الثاني 24/1424 يونيو 2003 حول موضوع «تأسيس جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي» وتؤكد هذه المذكرة الدور الاستشاري الفعال الذي تنهض به جمعيات آباء وأولياء التلاميذ في دعم عمل المؤسسة التعليمية الخصوصية، خاصة وأن المؤسسة الخصوصية تتمتيز بتعدد وتنوع العلاقات التي تربط بين الآباء والمشرفين علي المؤسسة التعليمية الخصوصية. وقد اقترحت المذكرة مجالات تدخل جمعيات الآباء، والتي تتمثل في المساهمة في الأنشطة التربوية والثقافية والترفيهية لفائدة التلاميذ، وتعزيز وترسيخ التواصل بين المؤسسة والأسرة بالإضافة إلى المشاركة في تطوير وإنجاح مشاريع المؤسسة ومختلف أنشطتها والمساهمة في انفتاح المؤسسة علي محيطها الخارجي، وكذا الاعتناء بمشاكل المتعلمين والمساهمة في إيجاد الحلول لها. لذلك دعت وزارة التربية الوطنية أصحاب المؤسسات التعليمية الخصوصية إلى تعميم تأسيس جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالموسسات الخصوصية وفق التنظيمات والتشريعات المعمول بها، ولكن هذه المذكرة ما زالت غير مفعلة لأسباب يرتبط بعضها بنظرة أصحاب المؤسسات الخصوصية إلى هذه الجمعيات، وتمثلاتهم عنها بخصوص احتمال تدخلها في رسوم وواجبات التمدرس بعيدا عن الجوانب التربوية التي تستهدفها المذكرة. المذكرة رقم 03 المؤرخة في 03 ذي الحجة 04/1426 يناير 2006 حول موضوع: «بشأن تفعيل دور جمعيات آباء وأولياء التلاميذ» وتعتبر من أهم المذكرات المؤسسة للعلاقة بين جمعيات الآباء والمؤسسات التعليمية، وقد صدرت في إطار تفعيل أدوار جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والتي تم من خلالها تحديد مجلات تدخلها ومستلزمات الارتقاء بهذه الأدوار والتزاماتها مع تأكيد مكانتها المتميزة من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والنصوص القانونية. وقد اعتبرت المذكرة جمعيات الآباء فاعلا أساسيا في المنظومة التربوية تضطلع بدور هام في مد جسور التواصل بين المؤسسات التعليمية والأسر، وفي نسج الروابط الاجتماعيةو العلاقات بينها وبين مختلف الأطر التربوية والإدارية وفي تطوير خدماتها، والمساهمة في إشعاعها الاجتماعي والثقافي والفني. البرنامج الاستعجالي وجمعيات الآباء جاء البرنامج الاستعجالي الذي يستمد مرجعيته من الميثاق الوطني للتربية والتكوين بإضافة نوعية لتدعيم جمعيات الآباء انطلاقا من المكتسبات التي تمت مراكمتها في إطار تفعيل المثياق الوطني للتربية والتكوين، حيث أثمرت الجهود المشتركة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي والتنظميات الممثلة لجمعيات الآباء مشروع ميثاق يحدد حقوق الأطراف المتدخلة وواجباتها تجاه المؤسسة التعليمية، بما يمكن من تحقيق تكامل وظيفي يبين أدوار الأسرة والمدرسة كشريكين في ا لعملية التربوية، انطلاقا من مقتضيات البرنامج الاستعجالي الهادف إلى تسريع وتيرة الإتصال وتجديد نفسه، حيث اعتبر تحقيق تعبئة فعلية لمجموع مكونات المجتمع حول قضية التربية والتكوين دعامة أساسية لتسريع تطبيق الإصلاح، كما أن إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يمكن أن يتم بدون تعبئة الجميع في هذا المشروع،و هذا ما ركز عليه البرنامج الاستعجالي في إطار تنفيذ مشروع التعبئة والتواصل حول المدرسة من خلال تعبئة شركاء أساسيين فاعلين في الإصلاح ومن بينهم جمعيات آباء وأولياء التلاميذ إلى جانب الجماعات المحلية والفاعلين المؤسسين وممثلي عالم الاقتصاد والأعمال، مراهنا على تعبئتهم وبلورة شراكات واسعة معهم، قصد جعلهم شركاء حقيقيين مساهمين بفعالية وجدية في إصلاح المدرسة المغربية، ومقترحا وضع ميثاق للعلاقات بين آباء التلاميذ والمؤسسات التعليمية، يتضمن التزامات جمعيات الآباء تجاه المدرسة، كما يتضمن مستلزمات الارتقاء بأدوارهم انطلاقا من النصوص التشريعية والتنظيمية المعتمدة في المنظومة التربوية، واعتمادا على تجارب جمعيات الآباء، من خلال مساهمتها في أنشطة المؤسسات تربويا وثقافيا واجتماعيا ومساهمتها في منظومة الإصلاح ودعم المدرسة المغربية والنهوض بأوضاعها.