بعد إعلان المغرب بشكل جدي، كامل دعمه لشراكة جنوب- جنوب، عبر النهوض الاجتماعي و الاقتصادي في بلدان إفريقيا و تأكيد انفتاحه على جذوره الإفريقية بزيارات مكثفة و متتالية للملك محمد السادس إلى عدد من الدول الإفريقية خلال الآونة الأخيرة و تفعيل ما يقارب عن 75 في المائة من الاتفاقيات المبرمة معها، أصبح يظهر جليا لدى المواطن الإفريقي و المراقب الأجنبي ، الإحساس ببداية التطور و العودة إلى الهدوء و إعادة البناء و الاستقرار بالمنطقة حيت ظهرت بوادر عودة التواصل المغرب الإفريقي، مند اعتلاء الملك محمد السادس العرش و ذلك حين أعلن خلال إشغال القمة الاورو- افريقية الأولي بالقاهرة في ابريل 2000 عن إلغاء ديون المغرب المستحقة على الدول الإفريقية الأقل نموا و إعفاء منتجاتها الواردة إلى المغرب من الرسوم الجمركية. ولعل خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه في أبيدجان خلال حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الايفواري تقول جريدة العرب من لندن نموذجا مبتكرا وأصيلا للتنمية في إفريقيا، يقطع مع النماذج و التصورات التي كانت تأتي مند ستينات القرن الماضي من خارج القارة لتعيد إنتاج مفاهيم تنموية ماضوية أثبتت عجزها في مسايرة التطور الذي تشهده القارة السمراء مند بداية الألفية الجديدة. أول العناصر التي يقوم عليها هدا النموذج التنموي هو أن تتخلص إفريقيا من رواسب الماضي و أن تستعيد ثقتها في إمكاناتها و مواردها و في ما تزخر به من كفاءات بشرية مؤهلة، ومن هنا شدد العاهل المغربي على ان إفريقيا لم تعد قارة مستعمرة، بل قارة حية ليست في حاجة إلى مساعدات إنسانية بقدر حاجتها لشركات ذات نفع متبادل لمشاريع التنمية البشرية و الاجتماعية (400 مليون دولار قيمة الاستثمارات المغربية في إفريقيا). الملك محمد السادس عبر خطابه السالف الذكر بأبيدجان قال: إذا كان القرن الماضي بمثابة قرن الانعتاق من الاستعمار بالنسبة إلى الدول الإفريقية، فان القرن الحادي و العشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف و الفقر و الإقصاء و مواجهة العديد من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي في إفريقيا و تعيق النمو الاقتصادي و الاجتماعي بها، و ربط ملك المغرب في خطابه أن تنمية المغرب مرتبطة ارتباطا وثيقا بتنمية إفريقيا سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي. وانطلاقا من هدا الموقع الاستراتيجي للمملكة المغربية و قوتها و استقرارها، كان لزاما على عدد من الدول الإفريقية و العربية الأوربية التقرب منه و الاهتمام به من اجل التعاون إذ أصبح المغرب بفضل السياسة و الدبلوماسية الخارجيتين للمؤسسة الملكية بعد الزيارات المهمة للملك إلى عدد من الدول الإفريقية و التي همت ما يفوق العشرين دولة، الشيء الذي يعطي إشارات سياسية و واضحة و قوية على أن المغرب دائما و أبدا يراهن على دوره استراتجيي في مد جسور التواصل مع باقي الدول الإفريقية و فتح بوابة أساسية نحوها، الشيء الذي يحتم على المملكة التفكير في إعادة التموقع داخل المجال الإفريقي جنوب الصحراء خاصة بعد التجاوب الذي لقيه الدعم القوي الذي قدمه المغرب لمالي و على الدور الذي يلعبه الملك و تدخله شخصيا في حماية الاستقرار بالشمال الإفريقي و غربه عبر خطة بعيدة المدى في مكافحة الإرهاب. وما يدعم كذلك الدور الاستراتيجي للمغرب في إفريقيا، هو ما تشير إليه الإحصائيات على مستوى الاستثمارات المغربية في هذه القارة و التي تعدت 3 مليار درهم خلال سنة 2009 و بلغ المعدل السنوي لتدفق الاستثمارات المغربية في القارة السمراء اكتر من 2 مليار درهم في السنة الواحدة، و مشاريع هذه الاستثمارات استهدفت قطاعات مختلفة شملت التعليم الصحة و البنية التحتية و المالية و الاتصالات و الصناعة الكيميائية، كل هذه المعطيات تحتم على المغرب إن يستثمر موقعه و دوره الاستراتيجيين لأنه قطب تكنولوجي و اقتصادي مهم في إطار سياسية رابح- رابح و التي تهدف لتنمية القارة من جهة وتحقيق مكتسبات اقتصادية و سياسية للمملكة.