مع دخول رمضان بكل ما يأتي به ، تشهد ساحات المدينة و أرصفة شوارعها ، انتشارا كبيرا للتجارة غير النظامية خاصة في الأحياء السكنية. وأكثر من يستغل هذه الفرصة الشباب العاطل وربات البيوت لبيع المواد الغذائية كثيرة الاستهلاك في هذا الشهر في أماكن وأوقات تبقى قائمة لساعات متأخرة من الليل لتلبية الطلب الليلي لهذا الشهر الكريم. وتمتلئ الشوارع عن آخرها في أغلب المناطق باختلاط نسمات الأطباق والحلويات الشهية على اختلاف أنواعها ، ويقوم أصحاب متاجر الوجبات السريعة ومحلات البقالة ببناء مواقف خاصة بزبناء رمضان.
طارق بدأ يبيع ما يعرف هنا ب"الشباكية" (منذ اليوم الأول من رمضان في أحد أحياء المدينة . وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يشتغل فيها هذا الشاب البالغ 29 عاما بمزاولة تجارة موسمية لمحاربة بطالته عن العمل ، فاختار موقعا استراتيجيا لمعروضاته في محاولة لاستقطاب أكبر عدد من الزبناء.
طارق الذي كان يتحدث بلكنة مرحة قال "أبي أيّدني بأن منحني ما أحتاجه من ماله وأمي تساعدني في طهي الشباكية ، أحيانا أكسب 200 درهم يوميا ، فالشباكية والمعسولات الأخرى هي الأكثر مبيعا في رمضان ، لكنها مجرد مهنة مؤقتة لا تتجاوز الشهر".
تجربة طارق شبيهة بتجربة " عماد " البالغ 25 سنة الذي يحول مراب والده إلى متجر لبيع التمور و الشباكية التي يستهلكها المغاربة بكميات كبيرة في الإفطار ، وقال وهو يخدم أحد زبنائه "أنا خريج كلية الحقوق وليست لدي تجربة في العمل التجاري ولكني واثق من أنني لن أبدر مال أسرتي أو وقتي لأن الطلب يفوق العرض في هذه الفترة. ولكن بعد انتهاء رمضان سيكون علي اللجوء إلى مهن أخرى".
الشباب ليس الأوحد الذي يتجه للعمل العرضي خلال رمضان الكريم فالنساء من كافة الأعمار يشمرن عن سواعدهن لصنع وبيع جميع أنواع المشهيات المغربية. الأكثر شهرة بينهن من يبعن ما يعرف محليا "البغرير" حيث يحاولن التنافس والتصنع في منح منتجاتهن صنعة أكثر لاستقطاب شهية الزبناء.
وأثار التجار الموسميون هؤلاء الكثير من الانتقاد من المهنيين المتفرغين الذين يعتقدون أن التنافس المؤقت الذي يجلبه هؤلاء يتم بطرق ملتوية حيث يغيرون تجارتهم الاعتيادية تلبية للطلب المستحدث ، وعلى مدى 5 سنوات احتلت الحاجة احليمة نفس المقعد في السوق ، زبناؤها يحبون ما لديها من حلويات وكعك وهي تشعر بالفخر لما حققته من شهرة حميدة لكنها تقول إنها شعرت بخيبة الأمل لأنها لا تكسب أكثر.
وقالت بازدراء "في سني هذا ليس لدي ما أعول عليه ، أنا أبيع البغرير منذ سنوات ، أستيقظ قبل طلوع الفجر لإعداد كل شيء ، إنها كعكة تستدعي الوقت والصبر وإلا لن تتمكن من صنعها كما يجب، انظر لهؤلاء البنات الشابات اللواتي يردن السيطرة على كل شيء اليوم مدعيات أن عهدنا قد انتهى" مشيرة إلى بنت شابة ترتدي جلبابا وتغطي وجهها برداءة نسوية وتتصنع عدم اكثراتها بسماع هذه المرأة الأكبر سنا.