أحدثت الشبكة العنكبوتية ثورة كبيرة في مجال السياحة الجنسية في أبعادها المختلفة. واستطاعت توسعة خريطتها الجغرافية لتشمل كل دول المعمورة تقريبا، كما استطاعت إحداث عملاء لها في كل الدول، وتمكنت بفعل ما توفره الانترنيت من قدرة في الاختراق والسرعة في التواصل أن تصل إلى أوسع جمهور لها؛ سواء على مستوى الزبناء أو على مستوى السلع، وأن تنفد إلى كل الفئات الاجتماعية وكل الأعمار تقريبا وخاصة الأطفال والنساء. ولا تقتصر خطورة الظاهرة على الموضوع الأساسي لها، والذي يدور حول الجنس، ولكن يتعداه إلى أنشطة الجريمة المنظمة التي تتقاطع معها أفقيا وعموديا. وتأتي تجارة البشر على رأس تلك الجرائم لما توفره للسياحة الجنسية من سلع آدمية متنوعة تستجيب لرغبات طالبي اللذة والمتاجرين فيها. كما تأتي تجارة المخدرات ضمن الجرائم المنظمة التي تتقاطع من السياحة الجنسية وتنتعش بها ومعها، وذلك لما توفره السياحة الجنسية للمخدرات من سوق مربحة ودائمة. وليس من الصدفة أن تأتي السياحة الجنسية وتجارة المخدرات وتجارة البشر كأكبر أنواع التجارة على الإطلاق بعد تجارة السلاح في العالم من حيث ضخامة المبالغ المالية التي تروجها. وسجل المغرب حضورا قويا في سوق السياحة الجنسية كشفت عنه، من جهة، الأرقام الضخمة لعدد مرتادي المواقع الإباحية التي تعتبر المجال الأكثر تنشيطا للسياحة الجنسية، والذي أكدت دراسات غلبة الأطفال والمراهقين فيهم. ومن جهة أخرى، المحاضر القضائية لجرائم البغاء التي تورط فيها أجانب، والتي كشفت دور القوادة الذي تلعبه الانترنيت لما توفره من تواصل بالصوت والصورة وفي كل الأوقات وفي غياب أي رقابة من المجتمع، والذي يسره توسع شبكة مقاهي الانترنيت التي يعاني سوقها من غياب أي تنظيم يراعي حساسية نشاطها وخطورته. لقد أبانت معطيات دراسات ونتائج تحقيقات قضائية وإعلامية مختلفة حجم الاختراق الذي حققته السياحة الجنسية عبر الانترنيت في المغرب؛ سواء في بعدها الإنساني المتعلق بتهريب الفتيات تحت غطاء التشغيل أو المتعلق بالاعتداء الجنسي على القاصرين. أو في بعدها الاجتماعي، إذ أحدث انفضاح أمر الضحايا من الأطفال والفتيات هزات في الأسر وفي المجتمع المغربي كافة. أو في بعدها الأخلاقي والديني المتعلق بالترويج للقيم الجنسية المبتذلة التي تنعش سوق النخاسة الإلكترونية بمزيد من الضحايا. والملف الذي تقترحه التجديد على قرائها يحاول مقاربة موضوع دور الشبكة العنكبوتية في الترويج للسياحة الجنسية في المغرب، دون ادعاء الإحاطة به