تعهد الزعيم الليبي معمر القذافي بتمثيل الشعب العراقي في القمة العربية التي تعقد في طرابلس، وقال أمام وفد شعبي يزور ليبيا "سأبذل جهدا في هذا، وأنا سأكون ممثلا لكم في الجامعة العربية طرابلس". التقى القذافي الأحد وفد فاعليات الشعب العراقي، الذي يضم شخصيات وطنية مرموقة سياسية وعسكرية وأكاديمية وقانونية وشيوخ عشائر وقبائل عراقية. وقال القذافي لأعضاء الوفد العراقي إن اللقاء بهم مؤلم لأن العراق البلد الشقيق مكلوم ومحتل مؤكدا لهم أن قلوب الجميع في ليبيا تتمزق وتنزف كما يتمزق العراق وينزف. وهون القائد الليبي على العراقيين مرارة الواقع العراقي قائلا : "إنكم رغم الآلام، تعيشون أياما مجيدة لأنكم تقاومون الطغاة والاستكبار الدولي والاستعمار العالمي، وبكل شجاعة تواجهون أعتى قوة فوق الأرض، وتقدمون بسخاء قوافل من الشهداء في كل يوم. واعتبر القائد الليبي أن منجزات المقاومة العراقية فخر للعراقيين بقدر ما هي فخر لليبيا. وتأسف القذافي لحال الامة العربية وقال انها "انتقلت من سيئ إلى أسوأ، ولو قارنا عام 48 وعام 56 وعام حتى 67 وأيام ثورة الجزائر، بأيامنا هذه، فإن هذا هو الذي يجعلنا نشعر بالخزي الحقيقة والعار، لأن في ذلك الوقت كنا نقاتل مع بعض ، وكانت أمة واحدة ، وفي عام 48 كل الجيوش العربية اشتركت في القتال فوق الأرض الفلسطينية رسميا". وضاف القذافي "أنا أرى لو أن معركة العراق، وقعت في تلك السنوات الماضية لكان التطوع على أشده، والتبرع والمشاركة في القتال، أما الآن فإن حتى الذي يتطوع.. يتطوع سراً، والذي يتبرع.. يتبرع سراً ". ولاحظ القذافي أن وضع الأمة العربية يمكن أن يكون من باب الضارة النافعة، كما يمكن للعرب أن يصنعوا من الشر خيرا. وقال في هذا الخصوص: "لعل مأساة العراق تكون إنطلاقة للأمة، وتكون هذه هي الشرارة الأولى والبداية لأن تتخلص الأمة من الذل والهوان، وتحطم حاجز الخوف من أميركا ومن الإسرائيليين ومن الغرب ومن مواجهة القوى الكبرى". وقال القائد الليبي إن أميركا كانت تعُتقد أنها لما تدخل للقتال ستسحق كل ما يعترضها، غير أن الواقع سفه أحلامها واكد أنه عدا المواجهة التي يخوضها العراقيون اليوم، وكذلك المواجهة التي خاضتها ليبيا على مدى أكثر من عشر سنوات ضد اميركا بأساطيلها المجيشة قبالة السواحل الليبية، وتعرضها للقصفها بالصواريخ، عندما اشتبكت مع القوات الأميركية في عدة معارك كانت أخرها الغارات الأطلسية بقيادة أميركا عام 86 والتي كان ضحيتها الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء.."عدا ذلك كانت أميركا شيء مخيف لكل واحد". وبين القائد الليبي للوفد العراقي قيمة ما قدمته المقاومة العراقية لأحرار العالم عندما تصدت للتغول الأميركي الذي كان يستهدف السيطرة على العالم. وقال في هذا السياق: "أنتم، جعلتم أميركا تفيق من الوهم وأن هناك من يقف في وجه أميركا، وأن يمكن الوقوف في وجه أميركا وتمكن مقاتلة أميركا ويمكن قتل جنودها وتمكن هزيمة جيشها ويمكن إجبارها على الهروب". وشدد على أن أميركا لم تكن تتوقع ما حصل، وكانت "تتصور أن يُسحق العراق ثم تتجه إلى سوريا تسحقها ثم إيران، ثم تتجه إلى آسيا وإلى أي مكان"، مرجحا أنها كانت تريد في نهاية مخططها تطويق روسيا والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت كان موجودا.. تُطّوقه من الجنوب، كما كان يفكر هتلر عندما نزل في شمال إفريقيا؛ نزل في ليبيا وكان يريد أن يجتاح مصر ويجتاح الشرق الأوسط ويُطّوق روسيا من الجنوب، ونزل في اسكندنافيا لكي يطوق البلطيق من الشمال؛ كماشة إستراتيجية كبيرة لكن فشلت هذه العملية. ورجح أن تكون أميركا قد خططت لتعيد نفس خطة هتلر في الحرب العالمية الثانية ف"تجتاح الشرق الأوسط كله، وتصل إلى أهداف استراتيجية بعيدة، وكان يمكن بعد أن تصل هناك تصفي جيوب المقاومة التي في الطريق والكمائن التي تعترضها في الطريق أو الوضع الجانبي هذا الذي في الطريق مثل ليبيا والجزائر وما إليه والذي يمكن التخلص منه بعد العراق وبعد سوريا وبعد إيران.. وبعدها تتقدم، وتكون بذلك أصبحت إمبراطورية استعمارية عالمية يكون لها وجود عسكري في إفريقيا وفي آسيا كما هي موجودة أصلا في أميركا وفي أوروبا، وتكون كل قارات العالم تحت سيطرتها العسكرية.. هكذا كان التفكير الأميركي، لكن أميركا عرفت نفسها في العراق ؛ أنتم جعلتم أميركا تعرف نفسها، وأن هذه مجرد أوهام وأحلام لا يمكن أن تتحقق، وغرقت في العراق إلى ركبتيها وغاصت في الوحل؛ وحل المقاومة العنيدة العراقية التي تقدم التضحيات بدون تردد وبدون حساب". وجدد القائد الليبي موقفه من أن القوات النظامية وحدها لا يمن أن تحسم معارك العرب ضد عدو مدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة والتي لاقبل للعرب بها على الإطلاق. وقال إن لا أحد كان يطمع في أن يقف الجيش العراقي رغم قوته التي تكلم عنها رئيس الأركان العراقي السابق، أمام الجيش الأميركي، "لأن حرب نظامية غير ممكنة بين الجيش الأميركي وحلفاء أميركا 30 دولة، وجيش أي دولة أخرى مهما كان الجيش اليوغسلافي أو العراقي وأي جيش أخر". واعتبر القذافي أن نقطة التحول في المواجهة بين العراقيين وأميركا هي تحول "افراد الجيش العراقي ضباطا وجنودا، إلى المقاومة الشعبية ملتحمين بجماهير الشعب العراقي وبكل الشجعان من الرجال والنساء". وقال إن "الجيش العراقي الذي تحول إلى المقاومة الشعبية والشعب العراقي، هما اللذين هزما ويهزمان أميركا". وقال إن الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما يعترف بهذا، ويعترف بأن غزو العراق كان خطأ وجريمة وليس لها مبرر، وقد أعلنها عدة مرات، وعليه فهو قد قرر الإنسحاب من العراق وهو هزيمة الجيش الأميركي. وإنسحاب أميركا من العراق، آت لا محالة سواء بالرئيس "أوباما" أو بدونه.. سواء في زمن قصير أو زمن طويل، لأنها في النهاية سُتهزم. فهو رأى أن هذه هي النتيجة فعلا، وعليه فقد بادر بأنه سينسحب من العراق يمكن في السنة القادمة". وأشار إلى أن هذا الانسحاب إذا ما تم فلن يغير من الموقف من أميركا شيئا قائلا: "أميركا هي أميركا، تبقى دائما قوة إمبريالية إلى أن تنتهي" وطالب القائد الليبي معمر القذافي أعضاء الوفد العراقي بأن يرفدوا دعمهم للمقاومة العراقية بعمل إضافي مواز لا يقل أهمية، وهو العمل على المستوى القانوني الدولي حتى لا تضيع نتائج المقاومة هدرا. ودعا أعضاء الوفد كل من موقعه ومستواه الثقافي وخبرته السياسية إلى التحرك لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل رفع قضايا تطالب بمحاكمة كل من ساهم في غزو العراق وتدميره وذكر بما قاله من أعلى منبر الاممالمتحدة قائلا: "أنا تكلمت في الجمعية العامة للأمم المتحدة وطلبت من الجمعية العامة ومستمر في العمل في الجمعية العامة في هذا الخصوص.. يعني ما لم يتحقق في هذه السنة؛ يمكن أن يتحقق في السنوات التي بعدها لأن يمكن لم تُوضع في جدول أعمال الجمعية العامة هذه السنة، فممكن تُوضع في جدول أعمال الجمعية العامة في السنة القادمة.. هناك لجان متخصصة في الجمعية العامة بهذه القضايا، مطروح عليها ما قلته عن العراق بالذات في الجمعية العامة للأمم المتحدة". وذكر القذافي بأنه اشار على أعضاء الجمعية العامة ب"التحقيق في غزو العراق في حد ذاته، فهو غزو غير مشروع وخارج ميثاق الأممالمتحدة، وقامت به دولة عضو دائم، بل قامت به دولتان في البداية أميركا وبريطانيا وهما بلدان عضوان دائمان في مجلس الأمن مسؤوليتهم أنهم يحافظون على السلام العالمي وليس تدمير السلام العالمي وغزو الشعوب.. ومكتوب في ميثاق الأممالمتحدة، أن الأممالمتحدة قامت من أجل منع الحروب ومنع إستخدام القوة وحتى التهديد بها في العلاقات الدولية،إذ يجب في العلاقات الدولية أن لا يُستخدم هذا الأسلوب "التهديد بالقوة أو إستخدام القوة"، وهم استخدموا القوة ذاتها ونقضوا الميثاق". ونبه أعضاء الوفد إلى هذه النقطة القانونية، وقال إن عليهم أن يمسكوا بها "ويكونوا وراء الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لتحقيق هذا الأمر، وهو محاكمة العدوان وقادة العدوان وقادة الغزو ومن ساهم معهم سواء أفراد أو دول؛ سواء كانوا عراقيين خونة أو من العالم، لابد من مقاضاتهم". وأضاف "هذا شيء ليس إرهابا ولا استخدام سلاح ولا عنف ولا شيء.. أنتم استخدمتم السلاح وقاتلتم، فما بالك أنكم تستخدمون الأوراق والحجج القانونية، فهذه بسيطة بالنسبة لكم. غزو العراق في حد ذاته، قضية لا يمكن أن تمر بدون محاكمة من ارتكب هذه الجريمة وخرق ميثاق الأممالمتحدة". وتمنى القذافي أن يقوم العراقيون بتشكيل ملفات لهذه القضايا وتأسيس غرف عمل وفريق قانوني وسياسي على مستوى العالم، يعملون من أجلها وقال لأعضاء الوفد: "ستجدون العديد من الناس الذين يؤيدونكم في جميع أنحاء العالم من شخصيات طبيعية وشخصيات اعتبارية، وستجدون أفرادا وجمعيات ومؤسسات وقوى كثيرة في العالم تؤيدكم في هذا". وبالنسبة لتوصيات الوفد العراقي إلى القمة العربية قال القائد الليبي معمر القذافي "أنا من جانبي حتى لو لم تقولوا لي هذا الكلام، سوف أتبنى هذه المواقف لأني أنا أصلا متبن لها، ولو كان القرار بيدي تعرفون كيف يكون القرار، لكن القرار سيكون قرار القادة العرب كلهم.. وأنا سأبذل جهدا لإقناعهم بتبني هذه القضايا التي طرحتموها التي تخص الشعب العراقي ومأساته، والتي جاءت في خطاباتكم وكتاباتكم هذه، ونحن محتفظون بهذه كلها.. سأبذل جهدا في هذا، وأنا سأكون ممثلا لكم في الجامعة العربية". الوفد يمثل الحركة الوطنية العراقية بكافة فصائلها واتجاهاتها السياسية والعسكرية وكان من ابرز الشخصيات في هذا الوفد: الدكتور عصام الجلبي , الدكتور محمد بشار الفيضي , الدكتور خالد المعيني , الفريق أول الركن عبد الواحد شنان آل رباط , الدكتور مهند العزاوي ,الاستاذ أرشد الزيباري, السيده سهام النقيب , الاستاذ صلاح عمر العلي , الاستاذ عبد الحسين شعبان , الدكتور محمد حسن البلوه, الاستاذ طالب السهيل , الاستاذ سرمد عبد الكريم ، الاستاذ نزار السامرائي ، د . عماد الشيخ عبدالله الجبوري