في سابقة تاريخية في إسرائيل، سيتم إرسال رئيس وزراء سابق إلى السجن، بعد ان أصدرت المحكمة المركزية في تل أبيب أمس حكمها بالسجن الفعلي لمدة ستة أعوام على رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود اولمرت بعد إدانته في قضية فساد في المشروع السكني العقاري «هوليلاند». كما فرضت المحكمة على ستة متورطين آخرين أحكاما مختلفة في القضية نفسها من بينهم رجال أعمال ومسؤولون في وظائف عامة. وتعود قضية الفساد التي دين بها أولمرت الى تلقيه رشى من رجال أعمال لسد ديون شقيقه والحصول على مبالغ لمديرة مكتبه التي تعتبر مساعدته الرئيسية. وقد ارتكب أولمرت هذه المخالفات أبان توليه منصب رئيس بلدية القدس وليس خلال ولايته كرئيس للوزراء بين الأعوام 2006-2009. وكانت المحكمة دانت اولمرت في جلسة سابقة لها بتهم تلقي الرشوة بمئات آلاف الشواقل مقابل تسهيل المشروع العمراني «هوليلاند» المثير للجدل إبان توليه منصب رئيس بلدية القدس. وكانت النيابة العامة طلبت من المحكمة فرض عقوبة السجن ست سنوات على أولمرت، فيما طلب منها وكلاء الدفاع أن تقتصر العقوبة على أعمال الخدمة لحساب المصلحة العامة، وفي نهاية المطاف قبلت المحكمة بالاستجابة لمطلب النيابة وفرض غرامة تقدر بأكثر من مليون شيكل. وحكمت المحكمة على أولمرت بالسجن الفعلي 6 سنوات وتغريمه بمبلغ مليون شيكل(330 ألف دولار أميركي)، ويذكر أن الفضيحة الخاصة بمجمع الشقق السكنية «هوليلاند« ومزاعم فساد أخرى أجبرت أولمرت على الاستقالة من منصب رئيس الوزراء العام 2008. وقال محامي الدفاع عن أولمرت إنّه ينوي الاستئناف على قرار الحكم، كون أولمرت ينكر جملة وتفصيلا قضية تلقي الرشاوى في قضية «هوليلاند«. وفي سياق متصل، حكم بالسجن 3.5 سنوات على صاحب مشروع البناء «هيلل تشيرني«، والسجن ثلاث سنوات على أفيغدور كيلنر، و7 سنوات سجن على مهندس البلدية السابق أوري شطريت. وبرأت المحكمة ثلاثة اشخاص من بين 12 شخصا متهمين بواحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ إسرائيل كونها طالت شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى، حيث اتهم القاضي أولمرت بالكذب في إفادته أمام المحكمة. وذكر قاضي المحكمة دود روزان بأن تلقي الرشوة من قبل اولمرت يعتبر بمثابة خيانة الأمانة ووصمة عار، مؤكدا أن هذه القضية تتطلب حكما بالسجن كي يعتبر منها كافة الشخصيات السياسية وكذلك الشخصيات التي تتسلم مهام عامة في المجتمع ، وذلك على خلاف ما كان يطالب محامي الدفاع بالحكم بالسجن مع وقف التنفيذ فقط. ونسبت لائحة الاتهام الى أولمرت تلقي الرشوة في إطار المشروع، وذلك بقيمة نصف مليون شيقل، وذلك إبان شغله منصب رئيس بلدية «القدس الغربية»، بينما بلغ مجموع الرشاوى في هذه القضية 9 مليون شيقل. ومن المتوقع أن يستأنف أولمرت قرار الحكم هذا، وأن لا يبدأ محكوميته مباشرة، نظرا الى كونه من الشخصيات الأمنية الأولى، ونية حبسه تقض مضاجع قوات الأمن وسلطات السجون، بسبب الأسرار الكثيرة التي يحملها. ويعتبر هذا الحكم بالسجن الفعلي هو الأول في إسرائيل منذ قيامها، والتي يدخل رئيس وزراء إسرائيل إلى السجن في الوقت الذي كان يقرر لإسرائيل في القضايا المصيرية، وكذلك يمتلك بحكم منصبه أكثر الأسرار خطورة في إسرائيل. ويذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قتحدثت عن ظروف سجنه وكيفية التعامل معه داخل السجن، كونه يختلف تماما عن منصب رئيس إسرائيل ويختلف تماما عن موشيه كتساف الذي يقضي حكما في السحن. وبدأت وسائل الإعلام الحديث عن بقاء اولمرت في قوته حتى بعد دخوله السجن، ويجب الحفاظ عليه من الانهيار والجنون وذلك لما يمتلكه من أسرار خطيرة عن إسرائيل. ردود فعل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس قال تعليقا على الحكم على إيهود أولمرت ان «هذا اليوم هو يوم حزين جدا. انه إجراء قضائي متبع في دولة ديموقراطية«. وزير المالية، يائير لابيد قال ان «اليوم الذي يرسل رئيس وزراء سابق، الى السجن، هو يوم حزين للديموقراطية الإسرائيلية، ويوم حزين لي على وجه الخصوص. ولكن في الوقت نفسه، هذا اليوم بالغ الأهمية والذي فيه يؤكد جهاز القضاء أن لا أحد فوق القانون«. أما وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، والتي حلّت مكان أولمرت كرئيسة للوزراء، في الفترة السابقة فقالت ان «الحديث عن يوم غير سهل، والذي يتم الحكم على رئيس وزراء سابق. لدي ثقة تامة في المحكمة وعلى الجمهور أن يشعر بالمِثِل«. وقال حزب البيت اليهودي: «هذا يوم حزين لمواطني دولة إسرائيل، ويوم هام للدولة، التي رأت أن القانون يطال الجميع بمن فيهم أرفع الشخصيات«. وعقّب وزير الأمن الداخلي، اسحق أهرنوفيتش، قائلا «هذا يوم حزين وصعب لدولة إسرائيل، وبالطبع للشخص نفسه. إن مكافحة الرشاوى في السياق الجماهيري مهمة للغاية«. وقالت زهافا غلؤون رئيسة حزب ميرتس إن «قرار الحكم على أولمرت يفتح فصلا جديدا من التنظيف والتطهير في قضية الرشاوى. من الجيد أن المحكمة أوصلت رسالة واضحة بأن الرشاوى السياسية والجماهيرية هي خيانة الأمانة. ونتمنى أن يتعلم ممثلو الجمهور والسياسيون من هذا الدرس«. ويذكر أن اولمرت ليس الأول من بين النخب السياسية في إسرائيل الذي يتم إرساله الى سجن، وهو واحدمن ضمن عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين دينوا مؤخرا بتهم الفساد والاحتيال والرشوة، وصدر عليهم الحكم بالسجن الفعلي. فقد سبق أن دين زعيم حزب «شاس» الحالي ووزير الداخلية الإسرائيلي في تسعينات القرن المنصرم آرييه درعي بتهمة تلقي الرشوة وخيانة الأمانة والحصول على شيء عن طريق الاحتيال، وحكمت عليه المحكمة المركزية بالسجن الفعلي مدة 4 سنوات، وقامت المحكمة العليا بتخفيفها إلى 3 سنوات. ودين الرئيس الإسرائيلي السابق موشي كتساف بتهمة الاغتصاب مرتين، وتنفيذ أعمال شائنة مرتين، والملاحقة الجنسية مرتين. وحكمت عليه المحكمة المركزية بالسجن الفعلي 7 سنوات. ورفضت العليا الاستئناف الذي تقدم به. كما دين وزير العمل والرفاه السابق شلومو بنيزري بتلقي الرشوة وخيانة الأمانة والتخطيط لارتكاب جريمة وعرقلة إجراءات المحكمة، وحكمت عليه المحكمة المركزية بالسجن الفعلي مدة 18 شهرا. ولدى تقديم استئناف امام المحكمة العليا أصدرت الأخيرة قرارها بتشديد العقوبة، فحكمت عليه بالسجن الفعلي مدة 4 سنوات. ودين أيضا وزير المالية السابق أفراهام هيرشزون بتهمة السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة والتسجيل الكاذب في وثائق جمعية والحصول على شيء عن طريق الاحتيال. وحكمت عليه المحكمة المركزية بالسجن الفعلي مدة 5 سنوات وخمسة شهور، ورفضت المحكمة العليا استئنافه. المستقبل