لم يجد رئيس الحكومة، عبدالإله بنكيران، ما يخاطب به الجموع، خلال المنتدى العالمي للديمقراطية، غير إدعاء أن الحزب "الحاكم" كان يتعرض للاضطهاد، علما أن المغرب لم يعرف خلال تاريخه الطويل ممارسة أي نوع من أنواع "الأبرتايد"، إلا إذا كان أمين عام حزب "المصباح" يتخيل نفسه في دولة جنوب إفريقيا العنصرية البائدة. وعوض أن يقدم عبدالإله بنكيران التجربة التي أوصلت حزبا كان يتوفر على فريق نيابي ( عدد أعضاء الفريق أنذاك 12 ) بالكاد في انتخابات 1997، وأصبح بعد عقد ونصف يحتل الصف الأول في الغرفة الأولى من البرلمان ب 106 من البرلمانيين، وجد ضالته، في تقديم نموذج، يمثل تجربة ناطقة عن البعد العميق للديمقراطية، الذي أوصلت حزبا في 15 سنة إلى الحكم، علما أن أحزاب أخرى قضت 40 سنة من أجل أن تنال هذه الحظوة وأخرى لم تنلها بعد. ولم يقدم رئيس الحكومة أية أدلة ملموسة عما سماه "اضطهادا"، إلا إذا كان يقصد بذلك، ما تلا الأحداث الإرهابية التي استهدفت الدارالبيضاء في بداية هذا القرن، والتي يتحمل العدالة والتنمية مسؤولية معنوية في وقوعها. وبالرغم من ارتفاع عدد من الأصوات المطالبة بحل الحزب وقتئذ، فإن الدولة رفضت هذا الحل... وتركت هذا الحزب يمارس أنشطته، بكل حرية، إلى أن تحوّل إلى كائن انتخابي، حاز الصف الأول، في غفلة من الجميع في انتخابات السنة الماضية. ولم يعرض عبدالإله بنكيران لأشكال هذا "الاضطهاد" الذي تعرض له الحزب، الذي اختار أن يُمارس أبشع أنواع "الاضطهاد" منذ أن وصل إلى الحكم على الفن والحريات الفردية، وكشف عن مواقف ملتبسة من العديد من القضايا التي تدخل في صلب "معاناة" المجتمع، والتي تحتاج إلى حل بعيدا عن "الاضطهاد الديني". ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم مارس "الاضطهاد" على جيوب المواطنين من خلال الزيادة في أسعار المحروقات، وعلى الجمعيات من خلال إدعاء الحرص على المال العام، وعلى النساء من خلال رفض تعديل التشريع الذي يبيح للمغتصب الزواج بالمُغتصبة...