السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدتي الكريمة.. أنا فتاة محترمة، فطمت على مكارم الأخلاق الحميدة والتربية الصالحة التي تركز على تلقين الفتاة أسمى دروس التقدير والإحترام لنفسها، قبل احترامها للمجتمع التي هي دعامته وقوّته في نفس الوقت، حيث إني تمنّعت عن العلاقات العابرة، وأنا أعلّل رفضي بعدم رغبتي في الخطإ الذي لن يغفره لي ذوي أبدا، فظللت على ذلك الحال إلى أن ولجت ميدان العمل في شركة محترمة في بلدتي، حيث بدأت مأساتي. مأساتي سيدتي.. بدأت حين باشرت التعامل مع رئيسي في العمل، والذي كان يبدي لي كثيرا من الإهتمام والرعاية، فانجذبت إليه انجذابا لا يتصوره العقل، وقد صار في مدة وجيزة كل اهتماماتي.. لا أخفيك سيّدتي.. بأني فتاة لا تجربة لها في الحياة في المجال العاطفي، حيث وجدت نفسي ضعيفة ضعف الشاة التي تنساق وراء قناصها حتى وهي على علم بأنه سيذبحها، سعيدة بالعذاب واللوعة التي كنت أعاني منهما، وكلّ أملي أن يكون هناك نهاية لكل هذا بالزواج، وقد كنت غبية فيما كنت أطمح إليه لو أن الحلم مشروع. تتفاجئين سيدتي إن قلت لك أن رئيسي ومن فرط خبرته تفطّن لمشاعري التي كانت تفضحني في كل مرة، وقد تتفاجئين أكثر إن أخبرتك بأنه واجهني بها، وأخبرني بأنه هو الآخر يكنّ لي نفس العواطف، لكن الطامة الكبرى كانت أنه أخبرني بأنه يريدني بكل جوارحه قريبة منه قلبا وروحا، فطلبت منه كالبلهاء مطلب أية فتاة بريئة بأن يتقدّم لخطبتي، لأفجع به يخبرني بأنه متزوّج، وأنه يريدني خارج إطار الزواج. صدمتي كانت أكبر مما تتصورينه سيدتي، حيث إني لم أكن قط لأخال نفسي وأنا الفتاة العفيفة الطاهرة أساوم بمثل هذه المساومة الرخيصة، والتي سارعت إلى رفضها والتهرّب منها. فهل يجوز سيدتي بأن يكون لفتاة مثلي هذا المصير، خاصة وأنّ من أحببته يصرّ على مطلبه غير الشرعي الذي يحاول إيهامي بأن الجميع يعيش تحت هذا الإطار، متّهما إياي بالمتخلّفة والغبية، فما هو رأيك سيدتي؟، أخبريني باللّه عليك فأنا في دوّامة كبيرة. الحائرة هوّني عليك بنيّتي ولا تحزني، واثبتي على رفضك ومبادئك فأنت على حق، وصاحب الحق لا يخجل ولا يهاب. تصادف الفتاة أيا كان عمرها الكثير من العقبات التي أفضّل تسميتها بالاختبارات، تمكّنها من معرفة الجانب الخفي من شخصيتها، حيث إن الغالبية ممن رضعن نفس التربية والمنهج، تبقين متمسّكات بما جبلن عليه، فيما تنساق الأخريات وهن قلائل فتسقطن في فخ الرذيلة والشيطان، لا لشيء إلا لضعفهن وقلّة حيلتهن، فلا تقلقي واخرجي من هذه المحنة بثباث وقوّة. من العيب أن ينتهج رئيسك في العمل هذه المساومة الدنيئة التي وإن دلّت، فإنما هي تدلّ على وضاعته؛ حيث استغلّ ضعفك وسوّلت له نفسه بأن يخون زوجته وأم أولاده في غفلة منها، فلو كان قد طلب منك الزواج على سنّة اللّه ورسوله، لكان الأمر أهون، لكني تفاجأت به لما حاول استدراجك في طريق مسدود أسوأ العواقب هي من نصيبك أنت وحدك، كما أن أكثر ما هالني في الأمر أنه لم يحترم مكان العمل ولا منصبه وسنه، حيث كان الأحرى به أن يعطيك دروسا في استقامة الأخلاق، فيحميك؛ لا لشيء إلا أنه هو أيضا مسؤول عن بناته اللواتي قد يسوقهن القدر يوما ما إلى من هو أبشع منه وضاعة وانحطاطا، عليك رفض عرض هذا الوحش الآدمي جملة وتفصيلا، كما أنه عليك أن تبدي له شجاعتك حيال الأمر، حتى لا تسوّل له نفسه أن يتقرّب منك مجدّدا، وأما إن وجدته يأبى الأمر ويصرّ على ما يريده من علاقة غير مشروعة، فما عليك إلا تقديم استقالتك واحتساب الأمر إلى الله عزّ وجلّ، حيث إنك لن تجني من فضحه أمام العمال والزملاء شيئا، بقدر ما قد يكون الأمر في غير صالحك، لأنه قادر على اتّهامك باللهث وراءه ومحاولة التشهير به. لا يفوتني أيضا أن أخبرك بأنك تتحملين جانبا من اللوم حيال ما يحدث، حيث إنك لم تتمالكي نفسك أمام هذا الرجل ورحت تكشفين له عن كل مشاعرك، غير مدركة خطورة الأمر وتبعاته، وهذا ما يجعلك تفكرين مستقبلا في أية علاقة ستخوضينها بعد طيّك لهذه الصفحة السوداء، والتي أتمنّاها أن تكون الأولى والأخيرة في حياتك، ولا تنسي أن مستقبلك وكلّ حياتك يهمان أسرتك المحافظة قبل أن يهمانك أنت، فلا تنساقي وراء من لا يستحق قلبك، ولتكوني أكثر تحفّظا في فضح مشاعرك وكل مكنونات فؤادك، فقلب الفتاة كمثل الزجاج سهل كسره، صعب تصليحه.