هل أبيع مشاعري وكلّ ما كنت أتمناه حتى أنال السعادة المادية والجاه؟ لسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته سيدتي الكريمة، أنا فتاة في ربيع العمر، إلا أن هذا الربيع تحوّل إلى خريف بسبب مشكلة قد يراها الأغلبية بسيطة؛ إلا أنه معقّد بدرجة كبيرة بالنسبة لي؛ إذ إنها تتعلق بمستقبلي وكلّ حياتي.أنا سيدتي كبقية الفتيات في مثل سنّي.. أحلم بفارس الأحلام الذي يغدق علي بالحب والحنان ويمنحني الراحة والسكينة، وفعلا تعرّفت إلى أحدهم من زملائي في العمل والذي أحسست بأنه الشخص المناسب لي، لكنني للأسف تفاجأت به لا يرضي غروري ولا يخدم طموحاتي، فهو شاب بسيط ليس له من الآمال والأحلام ما لي، فكل ما يرغب فيه في الحياة يقتصر على الزواج وتكوين أسرة، في حين أرغب أنا في المضيّ قُدما نحو تحقيق العديد من الأحلام؛ كإكمال دراستي والاستقرار في منزل كبير، فضلا عن السفر والتجوال في بعض الدول الأجنبية من باب الترفيه عن النفس، لأجد نفسي كمن تضرب بالعصا ريحا.في المقابل تعرّفت عن طريق قريبة لي على شخص في منتهى الرقّة والأدب يحمل من المواصفات التي أرغبها في شريك الحياة الكثير، وهذا ما حمّسني أن أبقى على اتصال به، مما كوّن بيننا نوعا من الألفة والتفاهم، وقد تفاجأت به يوما يرغب في أن أحدّد له موعدا مع والدي حتى يتقدّم لخطبتي. مثل هذا الخبر سرّني وجعلني في منتهى السعادة، لكنني سرعان ما تذكرت من وعدته بالحب والوفاء والذي لا يقدر حتى على منحي ما أريده ولو قدر أنملة، لتستبدّ بي الحيرة ويطغى على قلبي الأسى والحزن، فأنا سيدتي لا أستطيع التفريط في أحلامي كما أني لا أريد أن أحيا منقوصة من الحب والعاطفة لأنهما في غاية الأهمية، فبأي شيء أضحّي سيدتي؟، هل أضحّي بمشاعري حتى أنال ما أريده من مال وجاه وسعادة مادية أكثر ما هي معنوية؟، أنيري دربي سيدتي فأنا في أمسّ الحاجة إليك وإلى نصحك وإرشادك. الحائرة . الرّد: من الصعب أختاه أن يجد الإنسان ما يتمناه ويريده من أهداف في الحياة بالطريقة التي يريدها، كما أن الاختيار بين أمرين لهو من أصعب الأمور التي قد تصادف المرء في حياة مليئة بالتناقضات والصراعات، وأظن أن هذا تماما ما يحدث لك، حيث أنك وقعت بين مطرقة إرضاء رغبتك في إيجاد قلب حنون يحتويك ويحبك، وسندان الأمور المادية التي ترين بأنها الأهم لبلوغ السعادة والهناء.أنت فتاة في مقتبل العمر، ومن الأكيد أن لك من الطموحات والأحلام ما لا يستطيع أحد أن يلومك عليها، إلا أنه يجب عليك ومن منطلق العقل أن تحسمي الأمر وتقرّري أي طريق تسيرين فيه، حيث لا يجوز لك أن تأخذي كل شيء مرّة واحدة. من الجميل أن تحيا الفتاة إلى جانب رجل يحميها ويحتويها، فالسعادة كنز لا يفنى ولا يقدّر بثمن لكنها أيضا لا تقترن بالمال أبدا، حيث أن هذا الأخير لا يستطيع ضمانها، ووإن ضمنها فهو لا يستطيع الحفاظ عليها طويلا. ومن هذا المنطلق أختاه أنصحك بضرورة التدبّر في أمرك والوصول إلى ما يرضيك ويخدمك، فإن كنت ترغبين في الحب ولا شيء غيره فما عليك إلا الإبقاء على علاقتك بالشاب الذي أحببته حتى تنعمي إلى جانبه بالسعادة، فقد يفتح الله في وجهكما أبواب الرزق الواسع وتحقّقين إلى جانبه ما كنت تطمحين إليه من أهداف مادية، أما إذا كنت تودّين المال والجاه فما عليك إلا القبول بمن قدّمته لك صديقك والذي يخدم أحلامك ويحققها لكن من دون جرح مشاعر الحبيب الأول وإحراجه، حيث إنه لا ذنب له لأنه لا يملك من المال حتى يرضي غرور مطامعك، كما أنه لا ذنب له لأنه أحب فتاة لا تريد الاكتفاء بما هو أصلح وأفيد في دنيا لم يعد فيها مكان إلا للماديات، فاحسبي أمورك وجدي لنفسك المعادلة التي تخدمك نتائجها.