السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدتي.. بعد أن استبدّ بي الحزن والأسى، لم أجد سواك صدرا حنونا أرمي عليه ما يخالجني ويقضّ مضجعي.أنا يا سيدتي فتاة لم تجد من يأخذ بيدها وينير دربها، حيث عشت ومنذ نعومة أظافري الحرية والاستقلالية من دون أن يكون لي رقيب أو حسيب، فكانت لي العديد من العلاقات مع شباب كان همّهم الوحيد الاستهتار والعبث، وما دمت من النوع الذي لا يأبه للتربية والأخلاق فقد انسقت وراء طيشي ولهوي، ولم أفكر يوما في عواقب الأمور.وبمرور الوقت وخاصة بعد وفاة والدتي، وجدت نفسي مرغمة على التعقل والخضوع إلى ما يسير عليه الجميع من حسن السيرة والانضباط، إلا أن الجميع لم ينسى لي كل ما كنت في السابق أقوم به من عبث ولهو على الرغم من أنه لم يعد لي علاقة مع ماضيّ بالمرة. وفي غمرة التغيّرات التي عزمت على إحداثها في حياتي، ارتأيت أن أعود إلى مقاعد الدراسة التي غادرتها في سنّ مبكرة، فكان لي ما أردته، خاصة و أنني عزمت على طي صفحة الماضي، فتعرّفت إلى شاب بسيط اقتحم عالمي، فهمت به وهام بي واتفقنا على الزواج، وكأوّل خطوة تقدّم الشاب إلى خطبتي، فوافقت عائلتي وفرح الجميع بأنني عدت إلى جادة الصواب وقد اخترت الاستقرار.مشكلتي حاليا تكمن في أنني ونظرا للحب الكبير الذي أكنّه لخطيبي، فإنني أفكّر في مصارحته بالماضي الذي كنت أسير على خطاه، مخافة أن تطفو بعض الذكريات مجدّدا في حياتي والتي من شأنها أن تؤثّر سلبا على مستقبلي العاطفي وزواجي، فهل أكمل ما قرّرت الإقدام عليه، أم أبقى على تردّدي الذي أصبح كمثل الهاجس الذي نغّص عليّ فرحتي؟، حيث لا أخفيك سيدتي أن خطيبي دائم السؤال عن سبب شرودي وسرحاني حتى وأنا إلى جانبه، كما أنه دائم الإشادة بأخلاقي وطبعي الطيب الذي يشرّفه ويسعده.أيعقل سيدتي أن أدع الأمور تسير في مسارها الطبيعي مع العلم أنني لن أضمن عدم ظهور أي شخص كنت معه في علاقة سابقة ليهدّد زواجي وكل سعادتي.أنيري دربي سيدتي، فأنا في أمسّ الحاجة لك حتى أرتاح. الرد: بنيّتي.. من الصعب أن يجد الواحد منا نفسه بماض قد يؤثّر سلبا على حياته وكل مستقبله، وهذا ما يحدث لك تماما، حيث أنك لم تستطيعي التخلّص من عقدة الماضي الذي يأبى مفارقتك على الرغم من أن الفرصة سمحت لك، إلا أن ثمّة حاجة في نفسك تحول دون أن تغرفي من هذه السعادة التي يحزّ في نفسك أن لا تناليها.من باب النصيحة.. يجوز لك أختاه أن تُخبري خطيبك بماضيك، حيث أن إقدامك على مثل هذا الفعل سيُدخلك في المشكلات والقيل والقال مع زوج قد تجدينه لا يأبه للأمر، كما أنك ستجدينه قادرا على التخلّي عنك مهما بلغت درجة حبّه لك. أطوي صفحة الماضي، وعيشي حاضرك ومستقبلك بكثير من الحب والتفاؤل، فما منحه الله لك فرصة ثمينة عليك استغلالها وعدم التفريط فيها، وفي حالة ما إذا اكتشف خطيبك ماضيك ما عليك إلا مصارحته بما كنت عليه في بالسابق مع قطع وعد له بأنه له وبه ومعه إلى الأبد، وبأنك لن تنظري إلى غيره أبدا، ولتتأكّدي أن المحبّ يسامح ويتسامح، وأن كل شيء في سبيل الحب يهون.ليس من اللائق أن تقتلي فرحتك في مهدها بكل هذه التخوّفات والهواجس، ولتفرحي بأنك وجدت أخيرا من تسكني إليه ويسكن إليك، ولتحمدي الله حمدا كثيرا.