شن حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض في المغرب هجوما حادا على زعيم حزب الأصالة والمعاصرة فؤاد عالي الهمة، متهما إياه بممارسة الضغط على حلفائه لإخراج الحزب الإسلامي من مجالس المدن. ففي ندوة صحفية بالعاصمة الرباط أمس الأحد، وصف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة، الهمة، صديق العاهل المغربي، بأنه "الإرهابي ذو النزوعات الاستئصالية"، مضيفا: "هذا الشخص إرهابي، وهو لا يريدنا أن نشارك في أي مجالس جماعية، ويستخدم كل السبل لمنعنا من تحقيق هذا الهدف". وجاء ذلك على خلفية إقصاء حزب العدالة من أكبر مجلس بلدي في المغرب بمدينة الدارالبيضاء العاصمة الاقتصادية للبلاد أول أمس، بعدما تراجع محمد ساجد عمدة المدينة السابق (حزب الاتحاد الدستوري ليبرالي) عن تحالفه مع العدالة المعارض؛ بسبب ما قال إنها ضغوط مارسها الهمة عليه. ووصف بنكيران ضغط الهمة على ساجد ب"الأمر الخطير"، معتبرا أن "ما قام به الهمة هو إعلان حرب على الديمقراطية، وسنرفع نداء إلى العاهل المغربي ليعطي تعليماته لضمان الشفافية والنزاهة في اختيار مجالس المدن". وتعهد بنكيران بالرد على حزب الأصالة والمعاصرة، قائلا: "لقد هزمناهم سياسيا، وأرادوا تصفيتنا بجميع الأساليب غير المشروعة، وحزب العدالة والتنمية سوف يدرس جميع الخيارات للرد على ذلك". أما مصطفى الرميد، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة، فهدد بالانسحاب الجماعي من مجلس مدينة الدارالبيضاء، مطالبا العاهل المغربي الملك محمد السادس بإعطاء تعليمات بفتح تحقيق في هذا الشأن. سيناريو مكرر في المقابل، التزم الهمة الصمت، ولم يصدر أي رد على هذه التصريحات القاسية، التي يرى مراقبون أنها تدشن لعهد جديد بين الحزبين، ينذر بعودة التراشقات الإعلامية. وليست الدارالبيضاءالمدينة الوحيدة التي أقصي حزب العدالة والتنمية من مجلسها المحلي، إذ شهدت الرباط السيناريو نفسه، بعدما اضطر الحزب إلى سحب مرشحه حسن الداودي من السباق على منصب عمدة العاصمة، مقابل تأييد الوزير السابق فتح الله والعلو عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وبحسب مراقبين فإن حزب العدلة لجأ إلى ذلك لقطع الطريق على عمر البحراوي، العمدة السابق للرباط عن حزب الحركة الشعبية (يمين)، وهو الحليف الأبرز لحزب الهمة. وشهدت مدينة تمارة هي الأخرى نجاحا لحلف حزب فؤاد الهمة؛ حيث تم صباح اليوم الإثنين إقصاء حزب العدالة من مجلس المدينة برغم أنه احتل المرتبة الأولى بالمدينة في الانتخابات المحلية التي أجريت يوم 12-6-2009، ب15 مقعدا من أصل 47، مقابل 7 مقاعد فقط لحزب الهمة. وفي اتصال هاتفي، قال الهواري السليماني، القيادي بحزب العدالة، إن حزب الأصالة "اتبع كل السبل لإقصاء العدالة من مجلس المدينة". وأضاف السليماني: "تم منع الصحفيين من تغطية أشغال جلسة انتخاب الأعضاء، كما تم ارتكاب خروقات عديدة من طرف السلطة، الأمر الذي اضطرنا إلى الانسحاب منها بعد أن علمنا أن سيناريو انتخاب الرئيس جاهز، ورفضنا المشاركة في إتمامه، وسنلجأ إلى القضاء لفضح ما جرى". ضربة ونصر وفي مدينة مكناس (وسط) نجح "الجرار" (الشعار الانتخابي لحزب الأصالة والمعاصرة) أيضا في دهس "المصباح" (شعار العدالة)، بعدما استطاع إفشال التحالف الذي كان يقوده العدالة مع أحزاب أخرى. وعلمت "إسلام أون لاين" من مصادر قيادية في العدالة أن حزب الأصالة ضغط من إفشال هذا التحالف. وتسابقت قيادات "العدالة" في مدينة وجدة الحدودية مع الجزائر لتفويت الفرصة على حزب الهمة، والفوز برئاسة المدينة، من خلال تقوية تحالفها مع حزبي الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحاكم، والحركة الشعبية. ويرى مراقبون أنه في حال فشل حزب العدالة في الفوز برئاسة مدينتي وجدة والقنيطرة، فستكون "ضربة قاضية" له و"نصرا حقيقيا" لفؤاد الهمة على بنكيران وإخوانه، بعد مسلسل الشد والجذب الذي ميز علاقة الطرفين طيلة السنتين الأخيرتين. وكان حزب الأصالة قد تصدر الانتخابات المحلية بحصوله على 6015 مقعدا (21.7%)، متبوعا بحزب الاستقلال ب 5292 مقعدا (19.1 %)، والتجمع الوطني للأحرار ب 4112 مقعدا (14.8 %)، ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب 3226 مقعدا (11.6 %)، فالحركة الشعبية ب 2213 مقعدا (8 %)، فيما احتل العدالة والتنمية المرتبة السادسة ب 1513 مقعدا ( 5.5 %).