لا تتنفس الحكومة الهواء جيدا هذه الأيام، بالرغم من لحظات الضحك، التي يفتعلها عبدالإله بنكيران، الذي أغنى القاموس السياسي، بعبارات، يحرص على اقتناصها من عالم الحيوانات والجان. قد تكون القفشات التي يجود بها رئيس الحكومة، نابعة من راحة البال، وقد تكون أيضا مجرد محاولة للتفريج عن كرب النفس، لأنه كما يقول المثل "كثرة الهم تضحك". وفي كل الحالات يتمنى الجميع أن يستمر بنكيران فرحا إلى أن يحقق للناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيه، كل الأماني التي وعدهم بها في برنامجه الانتخابي الضخم، وأن لا تعكر صفاء هذه اللحظة التاريخية لا الإضرابات القطاعية، التي جعلت الروائح الكريهة تخنق أنوف المواطنين في الرباط، واضطرتهم إلى قطع المسافات الطويلة مشيا على الأقدام بفاس، وأغلقت قاعات المحاكم في وجوههم في كل ربوع المملكة، مما جعل وزير العدل والحريات يخرج عن صوابه إزاء سلطة نص الدستور صراحة عن استقلالها التام، قبل أن يتدارك الموقف، ويعلن أن كلامه حُمّل ما لا طاقة له به على دأب وعادة كل إخوانه في الحزب. وبعد مرور مائة يوم من التسامح، بدأ العنفوان يعود إلى الشارع لأن الحزب كشف عن بعض ملامح خطته في اللعب، وهي خطة لا تستجيب لطموحات المعطلين الذين وضعوا كل بيضهم في سلة حزب العدالة والتنمية، فاكتشفوا أن هذه الحاضنة لن تُفرخ لهم دجاجا كما كانوا يعتقدون، بل سترميهم بالبيض الفاسد، كما أن هذه الخطة لا تلبي رغبات المركزيات النقابية، وها هي الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل يقرران الخروج في مسيرة وطنية يوم الأحد... ويعلم الله كم من الاضرابات والمسيرات ستأتي من بعد...