أعترف أمام الله أنّني لم أنشأ في محيط تسوده تعاليم الدين، فأهلي لم يربوني على التنشئة الدينية الصحيحة التي تحميني من الانزلاق والانحراف. نشأت وسط أسرة غنية تجهل تعاليم الدين الحنيف، لهذا لم تطبقها أصلا في حياتها، وبالتالي تربيت ونشأت أنا أيضا على هذا الجهل، دائما كنت أفتقد الحب والحنان في هذه الأسرة، لم يكلف أحد منهم نفسه أن ينصحني ويرشدني ويوجهني لحمايتي من غدر الزمان ومن الشيطان، ومهما تعلمت في مدرستي، كنت أحتاج إلى الكثير من أهلي خاصّة أمي، ولكن لم أجد عندها إلا الجفاء، وكل فرد من أسرتي مشغول بنفسه وحياته، أمّا والدي فهو كثير السفر بحكم تجارته، وجدت نفسي وحيدة في أسرة شبه مفككة. لذلك كانت خطيئتي، وأنا لا ألومهم كل اللوم، أيضا يقع اللوم عليّ. الكارثة بدأت بالتعرف على شباب، إلى أنّ جاء يوم اقترفت خطأ كبيرا مع أحدهم، واستمرت العلاقة المذمومة على هذه الحال، إلى أن أثمرت جنينا في أحشائي، وذهبنا إلى طبيبة وأجهضت حملي، كان بعدها يعدني بالزواج، لكن أين وعوده؟ لقد تزوج وتركني فريسة للآلام والأحزان والضياع. في غمرة المعاناة القاتلة بدأ بزوغ الإيمان والتوبة بداخلي يعلن بداية حياة جديدة، لجأت إلى الله تعالى. فلا أحد غير الله ألجأ إليه، لا أحد غيره يقف بجانبي في محنتي، بعد أن ضاقت بي الدنيا، ولم أستطع أن أخبر أهلي أو أي مخلوق عن محنتي، نعم ليس سواه الله وحده الخالق الرحيم الستار هو الذي يستحق اللجوء إليه في الرخاء والمحن وفي كل الأحوال. لكن يبقى الإنسان ضعيفا، وجدت أن عذابي يزيد وأن الله يريد عذابي في الدنيا والآخرة من جراء فعلتي الشنعاء، وأنّه أبدا لن يقبل توبتي، لأن ذنبي كبير وعظيم، أخذت أفكر ما ذنب أهلي في حال اكتشاف هذه الفضيحة، ضاقت بي الدنيا مرة أخرى التي لا أريد أن أعيش فيها، فلا يوجد شيء يدعوني لذلك، يئست من حياتي كلها، وفكرت في الانتحار. لكني قلت في نفسي: لا أريد أن يكون مصيري الخلود في نار جهنم، كنت أريد أن أحكي مع شخص أثق به لتخفيف حمل عبء الأحزان والندم عن كاهلي، فكرت مرة أخرى في الانتحار بعد قنوط ويأس شديد، لكني ترددت، فخشيت أن يكون هذا من وحي الشيطان، ليزين لي السوء وجدها فرصة ليستغل ضعفي وقلة حيلتي وعجزي، فتداركت نفسي من السقوط في الهلاك وطريق الهاوية. ذات يوم التقيت امرأة فاضلة في أحد المساجد، لقيت قبولا في نفسي، ارتحت إلى حديثها وكلامها. فلم أجد نفسي إلا وأنا أحدثها عما حدث لي بالتفصيل، وجدتني بعد ذلك وكأن حملا ثقيلا سقط عن كاهلي، وشعرت بارتياح نفسي كبير، ثم أخذت هذه السيدة الفاضلة تحدثني عن التوبة والرحمة فاستأنست بحديثها، ثم أخذت بيدي حتى سارت بي إلى بر الأمان. الآن بعدما توجهت إلى الله يوما بعد يوم تعلمت أين الحلال وأين الحرام، وكل ذلك من اجتهادي وليس عن طريق أهلي الذين تمنيت أن يكونوا بجانبي في محنتي. لقد تبت إلى الله حقا، إنّني نادمة أستغفره في الليل والنهار، وأطلب منه الغفران من كل قلبي، والحمد لله فلقد انتظمت في الصلاة وأقرأ القرآن ما استطعت حتى يغفر لي. نعم إنّني تائبة إلى اللّه، ولن أعود إلى ما فعلته، ويكفيني أن أشعر برحمة الله تعالى عليّ وقبوله ورضاه عليّ، فسامح اللّه أهلي، فجهلهم في الدين والحياة جعلهم لا يعلموننا الطّريق الصّواب. أتوجه بالحمد والشكر لله تعالى أن ستر عليّ حتى يومنا هذا، ولا أحد يعرف سوى تلك السيدة الفاضلة. أنا بالطبع لا أريد الفضيحة لي ولأهلي فليس لهم ذنب، وعلي أن أتحمل تبعات ما فعلته. وكل ما أقوله، الحمد لله الذي هداني إلى طريق الحق، وعسى أن تكون قصتي هذه عبرة وعظة.