يعد العنصر البشري ركناً أساسياً في تسيير الإدارة، بحيث يهدف إلى تعزيز القدرات التنظيمية اللازمة لمواكبة التحديات الحالية والمستقبلية. فالموارد البشرية يمكن أن تساهم وبقوة في تحقيق أهداف الإدارة المتجلية في جودة الخدمات، لذلك حرصت الدولة المغربية متمثلة في أجهزتها التنظيمية على سن قوانين وأسس تساعد على الاستفادة من الكفاءات والقدرات من اجل تحقيق الأهداف المرجوة من ذلك، ومن بين هذه القوانين سن نظام المباراة الذي يسعى لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب بناء على أسس الجدارة والاستحقاق. فمن المعلوم أن مباريات التوظيف بالمغرب حظيت هي الأخرى باهتمام تنظيمي و تشريعي لانتقاء موارد بشرية ذات كفاءة عالية من اجل تدبير و تسيير الحياة الإدارية. بحيث يعتبر الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958 الذي يعد بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والمرجعية الأساسية للوظيفة العمومية والقانون الشامل الذي ينظم كل الوظائف في القطاع العام، كما ينص هذا الظهير في الفصل 22 المتعلق بمسطرة التوظيف على مايلي: " يجب أن يكون التوظيف في المناصب العمومية وفق مناصب تضمن المساواة بين جميع المترشحين لولوج نفس المنصب ولا سيما حسب مسطرة المباراة، انتهاء بسن نظام عام للمباريات والامتحانات وفقا للمرسوم الملكي رقم 401.67 بتاريخ 22 يونيو 1967. لكن وبالرغم من وجود كل هذه النصوص القانونية و التشريعية فإن بعض الممارسات والتطبيقات الغير السليمة ما تزال قائمة في هذا المجال، الشيء الذي يجل الكثيرين ينظرون إلى هذه المباريات بريبة و شك، وإبداء أدنى رغبة في المشاركة في كثير منها. وكنتيجة لهذه الممارسات اختار الكثير من حاملي الشهادات النزول للشارع و التنظيم في مجموعات وجمعيات لكل واحدة منها قانون داخلي خاص يحتسب فيه الحضور والمشاركة في المسيرات و الاعتصامات ، هذا النزول أرغم المسؤولين على الشأن المحلي على فتح حوارات تمخضت عنها وعود بخلق وظائف تم الاستفادة منها وأخرى مازالت عالقة، الشئ الذي أعطى لهذه الجمعيات والمجموعة صفة تمثيلية لكل المعطلين الذين ضاقت بهم إعلانات المباريات او ملوا من كثرة المشاركة فيها، ما جعل ظاهرة النزول الى الشارع في تنامي ملحوظ . ان ما يجري اليوم من احتجاجات في الشارع من اجل انتزاع الحق في الشغل هو نتاج نهج اقتصادي سياسي باهت للحكومات المتعاقبة لمعالجة مشكل البطالة، فعوض إيجاد حلول جذرية لمشكلة البطالة مازلت مستمرة في نهج سياسة ظرفية لربح الوقت وامتصاص غضب الشارع. لذلك لا يمكن اعتبار الانتخابات المقبلة مجرد تنافس حزبي، للظفر بأكبر عدد من المقاعد، بل محطة لاختيار أفضل البرامج والنخب المؤهلة، لتحقيق انطلاقة جيدة لتفعيل الدستور ، و ترسيخ مناخ للثقة، والعمل وفق برنامج زمني مبني على الشفافية، فإما أن نبني مغربا الجديد كما يطمح الشعب المغربي، وإما ان تعطى فرصة أخرى لتأجيج الشارع والسير في مسار تجهل عواقبه.