تعيش الصحافة المغربية أحلك الفترات في تاريخها، بالتزامن مع انفتاح سياسي غير مسبوق . من المفترض أن يرافق حرية نعبير أكثر فأكثر لتأكيد الرغبة السياسية فيه . بل وتشجيع حرية التعبير وخلق مناخ يساعدها على مواكبة السير نحو الدمقرطة .لكن حقيقة تناقضات القائمين على أمر هذه البلاد وحتى بعض الصحقيين أنفسهم لا يرغبون في خلق هذا المناخ والنتيجة مزيد من ضياع الوقت . ومناسبة هذا الكلام ما أصدره القضاء الابتدائي بمحكمة الرباط . أحكاما بالسجن في حق الصحفيين الثلاثة من أسبوعية المشعل بثمانية عشر شهرا نافذا، وهم المُتابعون بتهمة "نشر نبأ زائف وادعاءات ووقائع غير صحيحة، بسوء نية، والمشاركة في ذلك"، وذلك طبقا للفصلين 42 و68 من قانون الصحافة، حيث تضمن منطوق الحكم، إضافة إلى الغرامة المحدّدة في 5000 درهم لكل فرد، إدانة مدير النشر ادريس شحتان بسنة سجن نافذ، زيادة على ثلاث أشهر نافذة لكل من الصحفيين مصطفى حيران ورشيد محاميد. وقد عُلم أنّ النيابة العامة باشرت إجراءات مُطالبة بالتنفيذ الفوري للحُكم على الصحفيين الثلاثة الذين لم يحضروا جلسة الحكم اليوم الخميس، وهو ما يعني أنّ المُدانين ابتدائيا سيُوضعون رهن الاعتقال قبل التوصل إلى حكم نهائيّ مُكتسب لحجّية الشيء المقضي به باجتيازه لكافة درجات التقاضي المكفولة من لدن القانون، إلاّ أنّ التنفيذ في الأخير ارتبط بمُدير النشر ادريس شحتان في حين ستتم مُتابعة المُحاكمة بالنسبة لحيران ومحاميد في حالة سراح. وفي اتصال هاتفي بالصحفي مصطفى حيران أكّد عن عدم تفاجئه لمنطوق الحُكم بالنظر إلى الجو العام الذي عرفته المُحاكمة منذ أولى الجلسات التي جرت بداية الشهر الحالي، مُعربا عن كون الأمر برمّته والجا ضمن مخاطر المهنة دون إغفال كونه من ضرائب النضال التي يُفرض أداؤها. وحول لجوء النيابة العامّة إلى تنفيذ الحُكم بمُجرّد النطق به، أكّد حيران أنّه مُستعدّ لتلبية أي نداء هاتفي يطلب منه الامتثال للحكم، كما أنّ باب مسكنه مفتوح في وجه أي إجراء اعتقال تتمّ أجرأته بالاستناد إلى القوّة العمومية. وقد كانت مُحاكمة صحفيي أسبوعية المشعل، عقب نشر ملف حول "حقيقة مرض الملك محمّد السادس" ضمن العدد 226 من الصحيفة، عرفت انسحب دفاع المتابعين الثلاثة والمشكّل من النقيب عبد الرحيم الجامعي والنقيب عبد الرحمن بنعمرو، إضافة إلى مجموعة من الأساتذة من بينهم خالد السفياني، طارق السباعي، سعيد بن حماني والحسني الإدريسي، من الجلسة احتجاجا على رفض المحكمة للدفوعات الشكلية والموضوعية التي تقدم بها، ومنها على الخصوص استدعاء الشهود وبطلان الاستدعاء المباشر وما طال من تبديد وثائق من ملف المتابعة. ومن المُرتقب أن يشهد ملف مُتابعة مدير نشر "الجريدة الأولى"، على أنوزلا، والصحفية بشرى الضو المُشتغلة بنفس اليومية، أحكاما لا تختلف عن تلك المنطوق بها في حق أسبوعية "المشعل"، خصوصا مع وجود تطابق في التهم وفصول المُتابعة.