رحلت الفنانة المصرية هند رستم -أشهر ممثلة إغراء في تاريخ السينما المصرية والعربي عن عمرٍ ناهز ال82 عاما بعد تعرضها لأزمةٍ قلبيةٍ مفاجئة. ولدت هند رستم -واسمها بالكامل ناريمان حسين مراد- في حي محرم بك بالإسكندرية عام 1929- وهي تنحدر من عائلة تركية كانت تسكن حي جاردن سيتي، أرقى أحياء القاهرة. أما والدتها فهي من أسرة متوسطة، لكنها تتمتع بجمال ساحر. أحبها حسين مراد الذي كان موظفا بقسم السكة الحديد، وتزوجها وأنجب منها ناريمان (هند رستم). كانت الأسرة الارستقراطية ترفض هذا الزواج، وأصرّوا على أن يطلق زوجته، وطلقها بالفعل، فأخذت معها ابنتها. وقبل مضي ستة أشهر كانت والدتها تزوجت من رجل يعمل بالتجارة، وعاشت الابنة معهما في مدينة الإسكندرية.
وبعد سنوات طُلقت والدتها ثانيةً، وانتقلت للعيش بأحد أحياء القاهرة الفقيرة حيث اصطحبت ابنتها الصغيرة هند معها، وخلال دراستها كانت تشارك في الحفلات المدرسية بالغناء والرقص على أنغام الموسيقى الصاخبة، وبدأت تحلم بأن تصبح نجمة في مجال الغناء أو الرقص أو التمثيل في السينما، وازداد ترددها على دور السينما. ومع الوقت ازداد تعلقها بالفن لدرجة أنها أهملت الدراسة، ولم تكمل تعليمها من أجل العمل في المجال الفني، وهو ما تحقق بالفعل حيث قدمها الكاتب المعروف بديع خيري للعمل بالمسرح كومبارس، لكنها قالت إنها تفضِّل السينما، بحسب صحيفة (القبس) الكويتية. وعن طريق نجوى سالم وعلية فوزي عرفت هند رستم طريق بلاتوهات السينما، وكانت نظرة كل الموجودين من ممثلين وفنيين وعمال وكومبارس تتجه إلى أنوثة هذه الفتاة، وبدأ كل واحد يدور حولها بدعوى مساعدتها. الغريب، أنه على الرغم من تردد هند رستم على بلاتوهات السينما شهورا طويلة، إلا أنه لم يقترب منها أحد، أو يطلبها للعمل حتى تعرفت على فتاة أجنبية أخذتها إلى شركة الأفلام المتحدة التي كانت تستعد لإنتاج فيلم بعنوان (أزهار وأشواك). وكان مخرج الفيلم محمد عبد الجواد -الذي ظن أنها أجنبية لملامحها الغربية- فسألها إن كانت تتحدث العربية جيدا، فأجابته بأنها مصرية، فعرض عليها دورا صغيرا في الفيلم، فوافقت على الفور. 18 فيلما اشتركت فيها هند رستم على مدى ثمانية أعوام، كان أغلب هذه الأفلام، لا تنطق فيه، وإذا نطقت فكلمة أو اثنتين فقط! ومن بين نجمات تلك الأفلام التي وقفت هند رستم وراءهن في أدوار الكومبارس: فاتن حمامة، مديحة يسري، هاجر حمدي، تحية كاريوكا، مريم فخر الدين، سامية جمال، كاميليا، نور الهدى، ماجدة، هدى سلطان، درية أحمد، وليلى مراد في فيلم غزل البنات عام 1949 الذي تظهر فيه، وهي تركب الخيل مع بطلته ليلى مراد في مشهد أغنية «اتمخطري يا خيل». ولعل أحدا لا يعرف أنه في العام 1949 جاءت فرصة الفنانة الشابة هند رستم لتنتقل من دائرة الكومبارس إلى دائرة أنصاف النجوم، كان المخرج حسن رضا الذي سوف يكون له معها تاريخ حافل، والذي قدمها من قبل في دور الكومبارس في فيلم خيال امرأة عام 1948 بطولة ملكة الفتنة والإغراء في ذلك الوقت كاميليا، قد أتاح لها تلك الفرصة بإسناد دور البطولة الثانية إليها، أمام كاميليا أيضا في فيلم ثانٍ بعنوان “العقل زينة” دفع لها فيه أكبر أجر تقاضته في تلك الفترة، وهو مبلغ مائة وخمسون جنيها. وكان من المتوقع أن يكون هذا الدور منطلقا للدخول في أدوار النجوم، لكنه على العكس، عاد بها إلى الوراء، لأن الفيلم لم يقدر له النجاح، وسجل سقوطا شنيعا. وبعد ذلك تزوجت من المخرج حسن رضا، وابتعدت عن الحياة الفنية لفترة من الوقت انشغلت فيها بحياتها الشخصية، نسي خلالها الجمهور هند رستم، فاضطرت إلى تأدية الأدوار الثانية لتحقق الانتشار، لكنها لم تلبث أن خرجت من تلك المحنة بسلام، وعادت للكفاح من جديد. توالت أدوارها الصغيرة في السينما إلى أن بدأت تحصل على أدوار بطولة في أفلام “ابن حميدو” و”لا أنام”، قبل أن تشارك مع المخرج يوسف شاهين لتبلغ ذروة الأداء في “باب الحديد” الذي نافس على جائزة الدب الذهبي في مهرجان “برلين” السينمائي عام 1958. واعتزلت هند رستم أو مارلين مونرو العرب التمثيل عام 1979، بعد آخر ظهور لها في فيلم “حياتي عذاب”.