الأحداث المتوالية التي أتت المشهد المغربي مؤخرا، تجعل من المواطن العادي قبل المثقف والسياسي، منغمسا في التحليل والتركيب والتفكيك لمجريات الأحداث والتي لا يجد لأكثرها جوابا ؟ مغرب أصبح فيه الصغير قبل الكبير والأمي قبل المتعلم على اهتمام ومشاركة في شؤون السياسة، فقد ولى زمن احتكار المعلومة وتنميط الشعب بتحليلات خشبية مرصعة بفكر مخزني نثير إعجاب المستمعين ،ومن هنا يأتي الكلام في سياق المعرفة والتحليل لمجريات الأحداث الأخيرة بمقهى أركانة بمراكش، في إطار من النقاش الذي يقبل النقد مهما سمة مكانة الجهة التي تبين إخلالها بتوازن منط الحق والواجب في أداء مهامها، فاجعة أركانة أيقظت مضاجعنا من حلم مغرب السلم والأمن والسلام في زمن الثورات الغاضبة والتي نجحنا في تخطيها بسلام، وهذه تقطة حسنة لهذا الشعب الذي آثر المصلحة العليا للبلاد على السير في الخطى التقليد الأعمى ، وأثر الاستمرارية للعرش العلوي إيمانا منه على أن قوة العرش من قوة الشعب، وصمام أمان الاستقرار لهذا البلد أبا عن جد، إلا أن هذا الشعور والتضحية والعقلانية لابد وأن تكون تكليفا لا تشريفا للجهات المسؤولة وعلى أن تضاعف الجهود لحماية الوطن والمواطنين ، فأن نضرب في عقر دارنا وفي مدينة مثل مراكش ؟ وفي ساحة جامع الفنا ؟ لشيء يطرح علامات الاستفهام والتعجب ؟! فأصبح من الواجب علينا الإشارة بأصبع المحاسبة وتحمل المسؤولية لكل المتدخلين في الأمر والذين بفعل تهاونهم فتحت منافذ الغدر من قبل مواطن من جلدتنا, وأولى إشارات التقصير تتجه صوب الأجهزة الأمنية وما راكمته من أخطاء قبل وبعد العمل الإجرامي
1- أولى هده الأخطاء كان نتيجة ممارسات جهاز الاستخبارات في التعامل مع قضايا الإرهاب في غياب المسؤولية المقترنة بالضوابط القانونية ، فإذا كانت أحداث 16 ماي فتحت الأفواه في اتجاه واحد ، مبتغاه استئصال التجربة الإسلامية وإلباسها عار الفضيحة والجريمة، فإن من نسيم الأحداث الأخيرة رغم صغر حجمها مقارنة مع 16 ماي (مقارنة بالضحايا) نجحت في أمر خطير هو توحيد الرؤى ولفت الإنتباه لجهاز الاستخبارات فأصبح المتهم رقم 1 مباشرة بعد سماع خبر تفجير مقهى أركانة، خصوصا لتواتر مجموعة من المؤشرات الدولية والمحلية على إلصاق الشبهة به
* أرشيفه الملوث بملف تعذيب سجناء القاعدة خدمة الأمريكيين ومعتقلي السلفية الجهادية
* اكتشاف تورط المخابرات المصرية في حادث انفجار كنيسة مما يدعم فرضية تورط الأجهزة الاستخبارتية في جرائم لدواعي سياسية
* محاكمة رشيد نيني بتهم باطلة لتجرئه في مقاله على مدير الاستخبارات المغربية
* دعوات متتالية لإعادة فتح ملف 16 ماي
* الدعوة إلى إقفال معتقل تمارة ( مركز التعذيب الخاص بالمخابرات) حسب بعض المعتقلين السلفيين
كل هده إشارات دفعت في طريق الإتهام المباشر لهذا الجهاز لأنه المستفيد الأول- حسب البعض - لتوجيه الأنظار لوجهة أخرى وتحقيق مكاسب جديدة
2- الشخص المدعو العثماني ابتدأ في حقه البحث من قبل الأجهزة الأمنية بعد سفره الى ليبيا و محاولة التسلل الى بؤر التوتر للجهاد ولم يتم استكمال التحقيق بشأنه ووضعه تحت المراقبة،
3- حسب الاتهامات الموجهة للمشتبه فيه كان على ارتباط دائم بالانترنيت للتواصل مع بعض العناصر التي تزوده بالمعلومات الخاصة بصنع المتفجر، ومن هنا يطرح سؤال أين هي الأجهزة الأمنية الإلكترونية التي تسهر على ضبط وتتبع مثل هده العناصر ،مع العلم على أن كل من الشرطة لها فرقة خاصة لمحاربة مثل هده الجرائم وكذلك الاستخبارات العسكرية والمدنية وعناصر الدرك والكل كان في غفلة من أمره ،وكان الترقب فقط متى وأين سيجتمع أعضاء 20 فبراير ؟
4- التساهل مع أرباب المقاهي في ضرورة تركيب كاميرات للمراقبة خصوصا وأن الأمر يتعلق بسلامة وحماية الأجانب في مدينة سياحية كمراكش، وهوالأمر الذي كان سيسهل عملية القبض على المشتبه فيه،
5- ضعف وسائل المراقبة لساحة حامع الفنا مما سهل وسيسهل على أي ارهابي فعل فعلته والإفلات، فكيف يعقل بأن الساحة لا تتوفر إ لا على عدد ضعيف من كاميرات المراقبة فقط ، دون تخزين المعلومات ، رغم أن خزان المعلومات الإلكتروني لن يكلف سوى 5000 درهم كأعلى سعر ،والكل يعلم على أن تلك الكاميرات ما هي سوى اجتهاد من المسؤول الأول عن الشرطة القضائية بالمدينة ، ومن هنا يأتي الحديث عن أهمية تخزين المعلومات فهل في حالة ما إن اكتشف أحد عناصر الشرطة الأرهابي على شاشة المراقية قبل التفجير بدقائق لكن قبل الوصول اليه انفجرت العبوة ألم نكن في هده الحالة
أيضا قي حاجة لتسجيل المعلومات لمعرفة من هو الفاعل ، ومن أين دخل ومن أي خرج ؟ وما هي مواصفاته بالتدقيق؟وفي حالة سرقة أحد السياح ألسنا في حاجة لكاميرات مراقبة وتخزين معلومات لضبط الفاعل ،
6- الغريب في الأمر أن وزير الداخلية أعلن في خطابه أن العثماني اعتمد على الانترنيت لمعرفة صنع العبوة ، أي الأمر يتعلق باجتهاد شخصي، وهدا أكبر تهديد بل أكبر من الجرم الدي ارتكبه المشتبه فيه ، بالأمس كان ربط القاعدة بكل الأحداث يجعل من لهم نوايا جهادية تطرفية البحث أولاعن الطريق لربط الصلة بعناصر القاعدة لأن في انتمائه لها سيضمن الحماية والتكوين في أساليب صنع العبوات والتخطيط للهجمات ، أما اليوم وبعد خطاب الوزير أصبح الباب مفتوحا لكل من أراد أن يخطط ويفجر فما عليه سوى اللجوء الى الأنترنيت ، والبحث عن الوسائل المكونة للمتفجر التي أكد الوزير أنها في المتناول
7- أمام الإتهامات التي لاحقت الإستخبارات بكونها الفاعل الرئيسي لهدا الجرم ، كان للقبض على المشتبه به واعادة تمثيل الجريمة إحدى الأدلة النافية لهده الشبهة ، فلم تكن مجرد استئناس للنيابة العامة على سبيل تقوية المحاضر، بالقدر الدي كان المواطن يرى فيه مدى براءة الإستخبارات من الجرم، وهدا ما لم تستوعبه الفرقة الأمنية المكلفة بتمثيل الجريمة ، فقد تم تحديد الساعة التاسعة والنصف كموعد لبدأ التمثيل بحضور وسائل الإعلام الوطنية والعالمية الا أن أحد المسؤولين اتخد قرار البدأ على الساعة الثامنة والربع مما أربك الوسائل الإعلامية و ضيع الفرصة أمام الكثيرين للحضور ونقل حقيقة الحدث حسب رواية المشتبه فيه
8- ارتباك واضح في صفوف الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية المشتبه فيه ، خليط غير متجانس من الفرق (فرقة الشرطة الوطنية، فرقة التدخل السريع،طلبة المعهد الملكي للشرطة,,,) مما أبان عشوائية وغياب التنسيق بين هده العناصر، ونحمد الله على أن الأمر مر بسلام فأخوف ما كنت أخافه أمام هذا لإرتباك أن يستهدف الجمع من قبل عناصر إرهابية ، وتخيلوا آنذاك حجم الكارثة
9- إدا كان من المفهوم ارتداء عناصرالفرقة الوطنية للشرطة القضائية لقناع الوجه لحساسية جهازهم ومأموريتهم ، فما دلالة لبس القناع بالنسبة لطلبة المعهد ، وما دلالة أن مسؤولي هده االفرق يتجولون بدون حسيب ولا رقيب أما م عدسات الكاميرات ، ونذكر منهم السيد عمر الخيام ، فهل الإرهابي في نظرك إذا ما أراد الإنتقام سيتجه لطالب المعهد أو الشرطي المغلوب على أمره؟ أم أن الأمر في لبس الأقنعة لا يعدوا أن يكون استظهار للعضلات في مشهد هيتشكوكي، دون أن نخوض في الحالة المزرية للأقنعة (الؤجوع الى صور أشيف تمثيل الجريمة)
10- مدى قانونية نشر أسماء المشتبه فيهم ومدن سكناهم، وخصوصا أن الأمر يتعلق ببحث تمهيدي ، ألا يعتبر دلك تهديدا لدويهم من أي انتقام محتمل، وما هي الضمانات لحمايتهم ، والإنعكاسات السلبية على المشتبه فيه في حالة ما تبث للمحكمة براءته
11- فتح الباب لوسائل الإعلام للخوض في الموضوع بدون خطوط حمراء ، ومحاولة توجيه الرأي العام في إتبات المنسوب للمشتبه فيهم عن طريق الصورة قبل صدور الحكم، (على هاد لحساب كون غير تهن القاضي أفرقوا هما على كل واحد شحال جاه ديال الحبس)
12- حسب بعض المعلومات من مصادر أمنية، الشخص المشتبه فيه جد مرتاح لفعلته ويتبين ذلك من الأريحية التي كان عليها أثناء تمثيل الجريمة، فمن يضمن لنا إدا ما حوكم هدا الشخص وأدخل السجن أن لا ينشر فكره في صفوف السجناء خصوصا وأن ااخطير في فكره أنه تقني في كيفية صنع عبوة ناسفة، فيخرج لنا بعد ذلك عشرات العبوات تمشي على الأرجل ، فما الضمانات لعدم حصول هذا الأمر؟
13- خرج وزير الداخلية ليبشرنا بالقبض على المشتبه فيهم وينوه بعمل جهاز الاستخبارات وهذا ما يسمى حجب الشمس بالغربال ، فالكل يعلم على أن الأمر كان بالسهولة بما كان، خصوصا وأن المشتبه فيه لم يكن غلى يقظة من أمره ولم يتخذ الإجراءات التي تعتبر أبجديات العمل في مثل هذه الحالة باستعمال الهاتف النقال، وإلا أثبتوا لنا جدارتكم في القبض على مرتكب أحداث 16 ماي
تطورات الأحداث التي واكبت العمل الإجرامي بمدينة مراكش ، تضعنا أمام محك القراءة المتئنية لوقائع الأحداث خارج نمطية القراءة الخبرية للوقائع وما يصاحبها من سفسطة نتوه في دروب زيفها ، وكذلك فرصة حقيقية لنقف على مكامن الخلل ونسمي الأشياء بمسمياتها حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود ، دون إغفال مبدأ المحاسبة لكل من تبث في حقه التقصير في أداء مهامه ، فهذه أرواح أبرياء قد أزهقت، مع الضمانات الكافية للمشتبه بهم من محاكمة عادلة