كتبت حنان الطيبي - لم يظهر «الشاط» (الدردشة) أو الحوار عبر الإنترنيت باستعمال الكاميرا الرقمية أو بدونها في المغرب إلا في أواخر التسعينيات، لأنه كان حكرا على أجهزة معينة. لكن في عصرنا هذا أصبح الإنترنيت في متناول الجميع، وذلك بفضل العولمة وتعميم التكنولوجيا. كما أصبحت الطبقة العامة وصاحبة الدخل المحدود تستفيد منه أيضا، إلا أن هذه الاستفادة تختلف حسب حاجة مستعمله، فالبعض يستعمله لتبادل وجهات النظر أو لتبادل الحديث مع الأقارب والأصدقاء، وتذويب المسافات أو لاكتساب أصدقاء جدد والخوض في نقاش مواضيع معينة عبره، أما البعض الآخر فيستغله لممارسة أشياء مخالفة للشرع والقانون. «أنا لدي ابني مقيم في أمريكا.. وهو متزوج بأجنبية هناك، لم أره منذ أكثر من خمس سنوات .. عندما اشتاق لمكالمته أتوجه وابنتي إلى نادي للانترنيت .. نستعمل كاميرا لنراه ويرانا وندردش معه بالساعات.." هكذا عبرت «السيدة فاطنة» بفرحة كبيرة لاكتشافها هذا الاختراع الذي سهل عليها التواصل مع ابنها بأقل تكلفة مادية ممكنة. وتضيف: «هذا أحسن من التلفون .. أتكلم ساعة وساعتين غير ب10 دراهم، واستطيع رؤية ولدي عبر الكاميرا، أما المكالمات التليفونية من المغرب لأمريكا ف؟أجدها جد مكلفة». ولا يمكن لهذا المرأة المسنة أن تنكر فضل الإنترنيت عليها في تقريب ابنها منها، شأنها في ذلك شأن خديجة التي تشكر من كان وراء هذا الاختراع العجيب، قائلة: «أنا مدينة لصاحب هذا الاختراع. لقد اقتنيت الإنترنيت في المنزل، وأصبح بإمكاني التحدث باستمرار مع خطيبي الذي تعرفت عليه عن طريق الشاط، دون خوف من الوقت مثلما يحدث في المكالمات الهاتفية وفي أي وقت أشاء. بصراحة هذا الاختراع عجيب ومريح واقتصادي». ولا تتقبل مونية التعارف عبر الشات الذي تعتبره شكلا من أشكال التحرش والمعاكسة والمضايقة، شأنه في ذلك شأن التحرش الذي تتعرض له يوميا في الشارع العام من قبل شبان مغرورين أو متسكعين، حيث تقول: «أنا لا أحب هدا النوع من التعارف عن طريق الشاط... بحيث أنني أرى أن ليس هناك فرق بين التحرش في الشارع والتحرش في الشاط... فرق بسيط هو أن الشاط الفتاة لها كامل الحرية في أن تختار بنفسها من سيتحرش بها أو بالأحرى من ستتحرش به هي نفسها». وبثقة في النفس تؤكد مونية قائلة: «الشاط سلوك غير ايجابي وغير لائق... ففي الشارع يمكن أن ترى الشخص الذي يتحدث معك مباشرة وليس مثل الإنترنيت الذي يستغل بطريقة سيئة»، وتضيف قائلة: «أعرف الكثير من الفتيات اللواتي تعرضن لمشاكل عديدة بسبب مواقع الدردشة، فهناك الكثير من الشبان الذين يسجلون البنات في الكاميرا ويشوهونهن». أما حنان، طالبة جامعية، فتحكي عن تجاربها المتعددة في الإنترنيت والشاط، وتقول: «للأسف العديد من الناس والشباب خصوصا ممن يستغلونه بشكل جد سلبي.. كثيرون هم الذين يستعملونه في أشياء تافهة ومخلة بالآداب، وقلة من الشبان يتصفون بالحياء.. وللأسف بعضهم تصل به الجرأة والوقاحة إلى طلب ممارسة الجنس عبر الشات للتنفيس عن مكبوتاته الجنسية..». أما طارق فيحكي بسعادة: «للشاط فضل كبير علي، فقد كنت أبحث عن عروس، وبفضله تعرفت على فتاة فرنسية.... بدأنا ندردش لمدة 6 أشهر حتى قامت بزيارتي في بلدي وتم الزواج بيننا .. الشاط في نظري يعتبره «نعمة» إن أحسن استغلالها و«نقمة» إن أسيء ذلك.». ويبقى «الشات» امتيازا يختلف تقديره باختلاف الحالات والعقليات، من دون أن ننكر فضله ومزاياه، خاصة في التواصل المفيد والمثمر والنقاش الجاد والمجدي، لكنه أحيانا يتحول إلى مصيبة، خاصة وأن المخاطب أو الطرف الآخر يملك حق عدم الكشف عن نفسه أو التضليل في ذلك.