التظاهرة العالمية التي تعتزم جماعة الدوري الدولي للبوكر تنظيمها بفندق السعدي بمراكش في أكتوبر القادم تترك وراءها العديد من الأسئلة، لاسيما وأن هذه التظاهرة تقام لأول مرة في القارة الإفريقية، مما يعني تحول المغرب إلى مركز جدب واستقطاب عالمي للقمار. فبحسب أليكساندر دريفوسالمدير التنفيذي لمؤسسة شيلي- بوكر الفرنسية الشريكة في تنظيم هذه التظاهرة العالمية فالهدف منها هو جعل مراكش قبلة أوروبية وإفريقية للاعبي البوكر أما الرئيس المؤسس للدوري الدولي للبوكر ستيف ليبسكومب فالهدف الأساس هو جلب قيمنا لكل شركائنا وتوسيع مواضع بصماتنا عبر العالم. تصريحات تؤكد بأن الهدف من هذه التظاهرة العالمية، التي لم يسبق لدولة عربية أو إفريقية أن نظمتها، هو تحويل المغرب إلى مركز استقطاب عالمي للقمار ومحطة دولية لتصديره إلى بقية دول العالم لاسيما منها التي تسمى في عرف المؤسسات المنظمة بالدول المحافظة. هذا الحدث، وهذه التصريحات، وهذا التحول في استراتيجية المؤسسات الدولية الخاصة بالقمار يحرك العديد من التساؤلات حول توجهات السياسة الحكومية بخصوص هذا الملف، والتداعيات التربوية والاجتماعية الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن تحول المغرب إلى لاس فيكاس أو عاصمة جديدة للقمار العالمي. والمفارقة أنه منذ الستينيات، وعلماء المغرب ومثقفوه يطالبون الدولة بإيقاف زحف هذه الظاهرة ويحذرونها من تداعياتها الخطيرة، لكن السياسة الحكومية مضت في خط تبنيها واحتكارها وتنويع ألوانها. فبيانات رابطة علماء المغرب، بمناسبة كل مؤتمر من مؤتمراتهم كانت يحذر من القمار، وأحيانا تذكر بالاسم بعض أصنافه (اليانصيب وغيره) وتطالب بمنعه وقطع الطريق على مروجيه، لكن يبدو أن هذه المواقف الشرعية لم يكن يأبه لها أحد، وظلت مؤسسة القمار في المغرب، برعاية من الدولة واحتكار منها، تشق طريقها وتخترق النسيج المجتمعي، حتى صارت المغرب مطمع ومطمح مؤسسات القمار العالمية. إنه من الجدير أن نسائل الذين يهيئون الأسباب لتنامي هذه الظاهرة وانتشارها، والذين يسعون لتحويل المغرب إلى عاصمة للقمار، تمر منها قيمه وتروج في بقية البلدان العربية والإسلامية المحافظة، من الجدير أن نتساءل عن المآل الذي يجرون المغرب إليه، والمصير الأخلاقي والتربوي الذي يسيترد إليه المغاربة بعد أن تتحول مدنهم- اليوم مراكش وغدا جميع مدن المغرب- إلى مراكز عالمية لاستقطاب لاعبي القمار الدوليين. إنه من الجدير أن نتساءل، ليس بميزان الربح والخسارة عن الكسب الذي سيحققه المغرب من جراء مسارسعته إلى استقطاب مثل هذه التظاهرات من دون سائر الدول العربية والإسلامية. خطأ كثير ممن يكون لهم في مثل هذه القرارات يد طولى، أنهم لا يبصرون إلا الكسب المادي العاجل الذي يختبئ وراء يافطات من قبيل تشجيع السياحة والتنمية، في حين يغيب عن أذهانهم الخسارة العظمى التي يدفعها المغاربة من رصيد قيمهم وتماسك أسرهم وتضامن مجتمعهم، بل من رصيد دينهم وإسلامية دولتهم التي تجعل تجعل القمار وتشجيعه وترويجه من المحرمات التي وردت بشأنها نصوص صريحة لا تأويل فيها ومواقف واضحة لعلماء المغرب لا تحتمل إلا معنى واحدا. إنمه لمن الجائز أن نتساءل عن الجهات التي تمد ظاهرة القمار بأسباب البقاء والامتداد، وتذهب به إلى درجة خدمة استراتيجيات منظمات القمار العالمية من غير تقدير ولا اعتبار للمصلحة الوطنية. بالأمس، كانت الدولة تختفي وراء مفردات من قبيل اللعب والرياضات لتبرير القمار، وكانت تحتكر كل مؤسساته خوفا من أن تمتد إليها يد مؤسسات القمار الخاصة أو الدولية، لكن المفارقة اليوم، أنها لم تعد تلبس جلبلا الحياء وهي تحتضمن أكبر دوري للقمار العالمي، والكارثة أنها تخلت عن منطقها، وكسرت احتكارها، وتنازلت أو استسلمت للمؤسسات الدولية!! كيف حصل التحول؟ وبأي منطق تبرره؟ هذا ما لا نجد جوابا عنه إلا عند المسؤولين عن هذه المؤسسات الدولية الذين يعلنونها صراحة ومة غير مواربة أن هدفهم هو جعل مراكش قبلة دولية وإفريقية للقمار بلال التليدي