على بعد حوالي 20 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من بلدة " كرامة " ، تتراءى -- عبر الجانب الأيسر للطريق الجهوية الرابطة بين هذه الأخيرة ومدينة "بني تدجيت " بإقليم ( فكيك ) -- بقعة أرضية مخضرة ، حاضنة لتجمع بشري منعزل صغير ، قابع بمحاذاة ثلاثة مرتفعات صخرية ، متجانسة الشكل والمنظر، تطلق عليها محليا تسمية : ( إفردا) ، هي بمثابة مقدمة لسفوح جبل " مصروح " الشامخ....... وما أن يعرج المرء صوبها ، ويتحمل عناء مسلك غير معبد ورديء... يناهز طوله 6 كيلومترات ، حتى يجد نفسه أمام لوحة ربانية أخاذة ، حباها الخالق جل وعلا ، كل مقومات بهاء طبيعي غاية في الجمال... مدشران قرويان متجاوران ، تجمعهما صلة الرحم ، و نمط العيش ، ووحدة المصير... وتزين تآلفهما مزرعة زاخرة بالغلال والخير الوفير... يحيط بها سياج غابة زيتون ، وكأنه أم تعانق طفلها الصغير ...و غير بعيد من البيوت الآهلة الهادئة ، صهريج رحب شيده المعمر الفرنسي لخزن ماء رقراق سلسبيل ، قادم من ينابيع الأعالي الشماء ، ينعش بادئ دي بدء أجساد الشبان المكتوين بلفحات القيظ صيفا ، قبل أن ينساب في الجداول والسواقي ، ليروي التربة والإنسان والبهيمة ، ويبعث الأمل ويرسي دعائم الحياة الكريمة... تلكم بإيجاز شديد هي قرية : " إسكنى " الفتانة ، التي تمكن أهلها الصامدون -- رغم تواضع مواردهم الحياتية ، المرتكزة أساسا على زراعة معيشية بسيطة ، وتربية نحل ضئيل و ماشية شحيحة -- من إنجاب صفوة أطر ، غذت بجديتها وكفاءتها مختلف أجهزة و دواليب الدولة...........