يبدو أن نشوة الفرحة التي أصابت أعضاء حزب العدالة و التنمية بميدلت بعد وصولهم إلى كرسي رئاسة المجلس البلدي أفقدتهم صوابهم و أطارت عقولهم و سلبت أفكارهم و جعلتهم لا يميزون بين المريخ و البطيخ و أصبحوا يفعلون و يندمون. مناسبة هذا الكلام هي : إقدام مستشاري العدالة و التنمية على خطوة غير مفهومة تتمثل في تصوير مقطع فيديو من داخل مكتب رئاسة بلدية ميدلت، نشرته البرلمانية عن نفس الحزب لبضع دقائق قبل أن "تندم" و تقوم بحذفه. يظهر فيه مستشارو العدالة و التنمية ملتفين حول المكتب، نائب كاتب المجلس واقف في مكان و وضعية تحمل عدة معاني فيما "الرئيس الفعلي" بدا مطأطأ الرأس متظاهرا بالقراءة و كأنه غير راض على ما يقوم به زملاؤه . و كان واضحا من خلال الفيديو أن الغرض من هذه الخرجة هو إغاظة جهات ما و "قليان السم لها" بحيث ابتدأ المتحدث كلامه بتحديد مكان تواجد الفريق ثم وجه تحية إلى "أشهر رئيس بلدية في العالم" و الذي كان ينتمي لنفس الحزب قبل طرده، و وصفه بالمناضل وصفق له الحاضرون و رفعوا شعارات النصر. خطوة مستشاري حزب العدالة و التنمية غير مدروسة أو محسوبة العواقب لا يفترض أن تصدر من أناس يعهد إليهم تسيير الشأن العام، أبانو من خلالها عن سذاجتهم السياسية. هي خرجة قد يفهم منها أنها استفزازية للمعارضة و لساكنة المدينة و رسالة إلى باقي مكونات الأغلبية تقول لهم : " نحن من سوف يسيّر ويقرِّر و أنتم ديكور" .... ربما قد يقول قائل أن الأمر عادي لايستحق التهويل و أن من حقهم الإحتفال بالطريقة التي أرادوا ...لكن ما لا يجب إغفاله هو أن هذا الحزب يسيّر البلدية في اطار تحالف مكون من 4 أحزاب يفترض أن تكون جسم سياسي واحد يعبر عن رؤية سياسية موحدة و لا مجال للتفكير بمنطق "كلها يلغي بلغاه" وأي تصرف غير مسؤول سيعصف بالمجلس وتركيبته ....ألم يكن من الخطر إقحام مستشارين في صراع سياسي يعود لسنوات لا ناقة لهم فيه و لا جمل ؟ ألم يكن من الأجدر بهم أن يبتعدوا عن مكتب الرئاسة-مقر الحزب مثلا- و يمرروا رسائلهم كما يشاؤون ؟ ثم كيف لعروس أن تمجد و تحيي من أدانه القضاء باغتصابها في ليلة دخلتها ، ألا يعلم هؤلاء أن الشخص الذي "وقفوا له إجلالا واعتزازا " توبع من طرف القضاء بتهمة الرشوة و عاش الحزب سنوات عجاف بسبب هذه القضية. و أن أمينهم العام يتبجح كلما أتيحت له الفرصة بتجميد عضويته و خاطب البرلمانيين ذات يوم قائلا بالحرف الواحد : " نهار اللي واحد ف الحزب ديالي حصل كاياخذ الرشوة مشا للمحكمة و ماساندناهش و تطرد من الحزب "، فكيف يعقل أن يعترف رئيسهم بنكيران أن ذلك الشخص "حصل كاياخذ الرشوة" و يقومون هم ب"تمجيده". ألا يعلم هؤلاء أن ساكنة ميدلت تعرضت لأكبر إهانة بعد أن صوتت على شخص ظنت أنه سيقود السفينة نحو بر الأمان و إذا به يتابع بتهمة تلقي رشوة و أصبحت المدينة تذكر في كبريات القنوات العالمية مقرونة بكلمة "رشوة". إن الذين صوتوا على "البيجيدي" و كانوا السبب في حصوله على المرتبة الثانية لم تكن لديهم أي نية للإنتقام والتشفي من أحد ...و إن أي نجاح لهذه التجربة هو نجاح للمدينة و فشلها هو فشل للجميع و لا نريدها أن تجهض مع بدايتها بسبب تصرف غير مسؤول وطائش ...كان على اخوان بنكيران الإكتفاء بكلمة شكر للذين أوصلوهم الى الكرسي بدل نبش عش الدبابير "و يخليو ذاك جمل راڭد" . نتمنى ألا يكتفي الحزب بحذف الفيديو و "يضرب الطم" و أن يوضح الأمور للرأي العام المحلي . الفيديو المثير للجدل :