محمد القنور . عدسة: م السعيد المغاري القصري. “أولاد الفشوش” في شوارع بمراكش. خروقات في المرور، وتنطعات على رجال الأمن. محمد القنور . عدسة: م السعيد المغاري القصري. نشب شجار بعد زوال يومه الأربعاء الفارط بين شخص يدعي إنحدار أصوله من جهات نافدة، وشرطي مرور بشارع 11 يناير قرب مقر ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز، تطور فيما بعد الى شتم الرجل للشرطي، قرر معه الأخير نقل سيارة المعني بالأمر رباعية الدفع للمحجز البلدي، بسبب اللوحة المعدنية المخالفة للقانون، الأمر الذي لم يستسغه الرجل في تحد سافر للقانون.والواقع، أن مثل هذه الظواهر، باتت تطال العديد من رجال الشرطة، المنظمين للمرور في مراكش، خصوصا في أيام نهاية الأسبوع، التي تعرف تقاطر العديد من أبناء وبنات الأعيان والشخصيات النافذة على مراكش ، خصوصا أولائك الذين يحسبون أنفسهم فوق القوانين ويعلون عليها، ولايعيرون لتفاصيل السير والجولان، وقوانين الطرق أدنى اهتمام، بما أنهم تربوا على أنه لاخطوط حمراء يمكن أن تحبسهم، وكأن القوانين لم توضع لهم ، وإنما لغيرهم، . أبناء وبنات في ريعان الشباب، كهول وبالغين في مقتبل العمر ،تجمع بينهم خطوط رفيعة من عدم الإنضباط للقوانين المتعلقة بنظام السير والجولان، ويتوحدون تحت مظلة خرقاء تنم عن سوء التربية الوطنية، وقلة الحياء، يصولون ويجولون في معظم الشوارع المحورية في مراكش،بدءا من شارع عبد الكريم الخطابي، وإنتهاء بشارع 11 يناير، ومرورا بأكبر الشوارع على غرار شارع محمد السادس وشارع علال الفاسي وشارع محمد الخامس، يهينون رجال الأمن المنظمين للسير والجولان، ويعتدون على بعضهم بالكلام النابي وعدم الإنضباط لقراراتهم في تنظيم السير، خصوصا في ساعات الدروة، وبالمحاور الطرقية التي تشهد الاختناقات المريرة للمرور، وهم في ذلك لايفرقون بين مواطن عادي من الراجلين العابرين للطريق، أو الراكبين على الدراجات العادية والنارية، أو حتى ذوي الحاجات الخاصة من أصحاب العكاكيز والكراسي المتحركة، وبين موظفي الدولة وأعوانها من رجال شرطة المرور، فالكل أمامهم سواء في الإهانة والاعتداء. يشمّرون في مواجهة «العوائق» التي قد تعترضهم عن تفاصيل مواقع آبائهم وأقربائهم السلطوية، والاقتصادية والمالية، ويشهرون بطائقهم في وجه من “يتجرؤون” على مساءلتهم أو مجرد تنبيههم. والواقع، أن “أبناء وبنات الفشوش” هؤلاء، يتموقعون في مقدمة الممتجاوزين الخارقين للقوانين! مواطنون من مختلف الأعمار ومن مستويات ثقافية وعلمية متفاوتة، لايرتبط سلوكهم المنافي للمدنية، بالطيش وباندفاع الشباب غير المحسوب، وإنما بخلفية تستقر في أغلب أدمغتهم ، فحواها أنهم ذوو علاقات متينة بأشخاص وازنون، سيتحملون تبعات وزرهم. في نفس السياق، عرفت مراكش خلال الشهور الأخيرة تفاصيل اعتداءات وارتكاب حوادث متعددة سيما في مجال السير والجولان ، يقترفها مغاربة “الفشوش”، طالت الكثير من رجال شرطة المرور، ممن ينظمون حركات السير والجولان، ولم يسلم من تداعياتها مغاربة آخرون، لم تشفع لهم مواطناتهم شيئا، ولم ينفعهم حتى مجرد انتسابهم إلى الجنس البشري، وكأنهم لايعنون شيئا للفئة “المفششة”، إذ سرعان ما يعمد هؤلاء إلى “تحمير العينين”واستعراض العضلات،وإخراج بعض البطاقات، مستعملين قاموسا خاصا من الألفاظ والمصطلحات والسلوكيات المعنوية والمادية للتعبير عن السخط حيال من يعتبرونهم مجرد “بوزبال”، مرة بلغة الليل، ومرة بلغة موليير ذات النفحات السوقية. والغريب المحزن، أن حدة الاعتداء تزداد كلما كان هؤلاء المعنيون “المفششون” مخطئين من قمة رأسهم إلى أخمص القدمين، متسلحين بتطبيق مضمون مقولة «خير وسيلة للدفاع هي الهجوم»؟ هذا، وقد كان المراكشيون بدورهم مع حادث مماثل، وذلك حين كان رجل أمن يعمل على تنظيم حركة السير والجولان بأحد شوارعه المدينة فإذا بسيدة ترتكب مخالفة بعبورها الخط المتصل، فأشار عليها الشرطي بيده من أجل التوقف، غير أنها لم تمتثل وواصلت السير، فتصدى رجل الأمن للسيارة من أجل دفعها على الامتثال حتى يتسنى تحرير مخالفة في الموضوع، إلا أن السائقة حاولت دهسه بسيارتها، وكررت المحاولة عدة مرات، إذ أنه لو لم يتفاد السيارة لكان قد تعرض لموت محقق! وأمام اضطرار سائقة السيارة للوقوف بسبب انسداد أفق الفرار أمامها، ترجّلت من السيارة وتوجهت نحو الشرطي ليس لتسليمه أوراق السيارة والاعتراف بما أقدمت على اقترافه وفعله، وإنما وجهت له صفعة على الخد أمام مرأى ومسمع من الجميع قبل أن تشده من تلابيب زيه الرسمي، وشرعت في جذبه نحوها ودفعه موجهة إليه عبارات السب والشتم، وآزرتها في الاعتداء شقيقتها التي كانت برفقتها؟ اعتداء لم يطل رجل الأمن لوحده وإنما امتد لرجل أمن ثان مرافق لسيارة الجر التي انتدبت لقطر السيارة المخالفة نحو المحجز البلدي، وكذلك الأمر بالنسبة لشرطي ثالث، وهي التفاصيل التي أكدها مجموعة من الشهود الذين حضروا النازلة، الذين تشبثوا بتقديم إفادتهم في الموضوع، لأن من شأن الصمت عن مثل هذه السلوكات التشجيع على عدم احترام أي كان وانتشار الفوضى والاستخفاف بالقانون! برلمانيون للأسف الشديد، وأبناء وبنات برلمانيين، وأبناء وزراء وشخصيات أخرى نافذة، أبوا إلا أن يتركوا بصماتهم بالشارع المراكشي، في كل “ويكاند”، وآثار أصابعهم على خدود رجال أمن ودرك وأعوان للسلطة وموظفين عموميين وأجساد مواطنين بشكل عام، وعوض أن تطبق عليهم تفاصيل القانون بحذافيرها إسوة بغيرهم من المواطنين المغاربة، يتم استثنائهم نتيجة لهذا التدخل أو ذاك، وهي الممارسات التي تزيد في ترسيخ شرخ وهوة اللامساواة أمام القانون، وافتقاد الحقوق وغياب العيش في وطن يحفظ كرامة كل المغاربة أجمعين يكونون فيه سواسية في الحقوق والواجبات، الأمر الذي أدى إلى انتقال العدوى، فأصبح الكل يمارس “بسالته” على طريقته الخاصة ويبحث لها عن منفذ أكان نافذا في عالم السلطة أو نافذا في عوالم المال والأعمال أو ممارس للفتوة الرعناء بشكل من الأشكال، لتعمل بذلك هذه الممارسات الشائنة على تكريس الحقد في نفوس مواطنين يجدون أنهم يعيشون في وطن هو لغيرهم وليس لهم ماداموا غرباء فيه! في سياق مماثل، لايزال معظم المراكشيين والمراكشيات يفتخرون بأخلاق الأستاذ أحمد بودالية وكيل جلالة الملك سابقا بالمحكمة الإبتدائية في المدينة، الذي أمر باعتقال نجليه، ووقع قرارا للاعتقال موجه الى الضابطة القضائية لاعتقال أبناءه، بعدما قاما بالاعتداء على رجلي أمن بالسب والشتم، والعراك مع مواطن في الشارع العام أمام المواطنين، إثر مطالبة رجلي الأمن من نجلي الوكيل بأوراق السيارة، إثر اعتدائهما على أحد المارين . وكان نجلي الوكيل قد دخلا في عراك مع مواطن في سيارته، بسبب خلاف بسيط نشب في الطريق العام، مما جعلهما يقدمان على ضرب الضحية، الشيء الذي تسبب له في جروح وكدمات، قبل أن يتدخل الأمن، هذا، وبعد العديد من الاستعطافات التي قدمت للأب الذي ليس سوى وكيل جلالة الملك نفسه، وحفاظا على عدم الزج بالشابين في السجن، وتحت طائلة إحترام الرجل الذي آثر الواجب المهني عن عاطفة الأبوة، تنازلت ولاية امن مراكش عن القضية، وهو ما جعل إبني الوكيل يتابعان في حالة سراح، من طرف النيابة العامة. حادثة أثلجت صدور العديد من ساكنة مراكش، مغاربة وأجانب، وكذا المغاربة، وزادت من الإفصاح عن قوة القانون،وسواسية كل المواطنون أمامه، وأعطت صورة ناصعة على حيادية القضاء، وأن المغرب دولة مؤسسات وليست بلد أعيان ونخب فشوشية وطبقات فوق القانون .