أيها الرجل المنطفئ علمه في سراب حمامه الأزرق، المنتهية صلاحيته كأي حليب فاسد (عافه) الجيران قبل أن ( يعافه ) أهل الدار، و عندما أردنا إرجاعه للبقال كما تفعل الجدة عادة في مثل هذه المناسبات، رفض البقال استرجاع بضاعته الفاسدة، فعرض بغباء البلهاء الكبار بضاعة أخرى ! فأي بضاعة سترفضها اليوم .. و أي واحدة ستدلي بشرفها بعد الآن ؟ . **** أيها التلميذ الحاصل على نقطة ضعيفة بعد تصحيح امتحانه، رغم استعطافك فلن تعود لمقاعد النضال من جديد، رغم حبك لأسوار المدرسة و لكراسيها و كراساتها، لتاريخها و جغرافيتها فلن تعود بعد الآن . طردت شر طردة .. وعلى قلبك ما أقسى حكمة قالت " يوم الامتحان يعز المرء أو يهان " . تندد بكامل صوتك أن المصحح لم يكن نزيها وموضوعيا في التعامل مع أجوبتك، و تنادي رفاقك من التلاميذ أن يتضامنوا معك .. لكن فاتك الحال يا مخلوعا من صفوف الحمام . **** أيها المنصور الذي لم ينصره قزم من قبيلة الأقزام، و لم تشعل لسقوطه شمعة ( حداد) أو لوحت في الأفق من أجله راية سواد. سقوطك كان هادئا ناسب هدوء الحمام، ولعمري لم أر سقوطا غابت فيه الكلمات كما تغيب السنان من ساحات الوغى . أيها الغائب عن رفاقه، الغريب في جلدته، أ تداعت عليك الخيانة والمؤامرة منذ سالف الأزمان !؟ فتعلم ... ليس المرء يولد عالما . تعلم ألا تؤمن بالكراسي، فمنها الخشبي و منها الحديدي، و منها المذهب وهو الأخطر بين الكراسي . تعلم أنه ليس كل الحمام حمام فبين الحمام غربان تنذر بسقوط قريب، تشهر أصواتها في وجه الحمام ساعة الهدوء، و تعد كل من نصرها بفتح قريب و كل من خذلها بحساب وشيك. لا تحزن .. فسقوطك طبيعي جدا في وطن تختلط فيه سياسة الحمام مع الغربان . وفي الوطن تشابهت علينا«الطيور» حتى أصبحنا لا نفرق بين حمام يدعي الطهارة وغراب ينذر بشؤموسقوطقريب .. *** لم تدري .. ربما كان عليك حتى تحافظ على جمودك أن تغير رمز قبيلتك من رمز الحمام إلى رمز الغربان،فالمساء الذي عينت فيه زعيما على قبيلتك كان حتما مساء شؤم أسود. و الحمام الذي كنت تعتقد في وفائه في سرعة السلحفاة صار كالغربان ينعق وراء مصالحه. أكان عليك أن تقطف من لحظات صراعك لحظات أخرى .. تهادن فيها صاحب الجرار ليسمح له بحرث أراضي قبيلتك، و زرع بذور رسمية في دفء ترابها .. لعلك تبقى كما أنت، أو كما كنت ! و الآن .. وبعض أنانيتك المزروعة في دمك منذ الإشاعات الأولى، آن الأوان لتنسحب مهزوما و تترك البطولة لزعيم الغربان الجديد !