ورد في قصاصات الأنباء ليومه ثاني سبتمبر 2010 خلاصات لكتاب جديد للدكتور الانجليزي وعالم الفيزياء الفلكية النظرية ستيفن هوكينج Stephen hawking تجعل من فكرة وجود خالق للكون لا ضرورة لها مع وجود إمكانية إنبثاق الكون تلقائيا فقط تبعا لقوى الجاذبية .و قدمت تلك القصاصات حجة وجود كوكب يدور حول شمس أخرى .و قيل إن إكتشاف هذا الكوكب يجعل تلك الفكرة القائلة بأن الأرض صُممت خصيصا لتلبي رغبات البشر لا أساس لها من الصحة .كما نقل عن عالم الفيزياء قوله إن الصدفة هي السبب في وجود شيء ما عوض وجود لاشيء و هي السبب في وجودالكون ووجودنا . و بهذا يكون ستيفن هاوكينج "رسول" جديد يبشر ببطلان الكتب المقدسة.فالغرب يضعه رجل الفيزياء النظرية الثاني بعد إنشتاين. الغريب أن موقعه الإلكتروني لم ينشر أي خبر حول المسألة آنذاك. ولأنني أعتقد أن وجود خالق الكون ليس إحتمالا بل ضرورة يستوجبها وجود الكون أو الأكوان ، و هو الوجود الذي لا يتناقض مع أي قوانين علمية أو ظواهر طبيعية ، فعلى الدكتور هاوكينج أو الذين يتبنون أفكاره أن يقنعونا بعدما نطرح عليهم تساؤلات و إعتراضات مشروعة ..ومادام الميدان الذي يتحدث عنه و الذي هو الفيزياء لا ينفصل عن الميادين الأخرى الشبيهة في خطها العام ،فالمنهج التجريبي لا تختص به الفيزياء وحدها بل البيولوجيا والجيولوجيا أيضا. ووحدة المنهج العام والفكر تفرض تفاعلأ إيجابيا مع ما ذهب إليه وما صدرت عنه من معلومات .و إذا إستطعت تكذيب نظرية هاوكينغ فسيكون ذلك إنجازا للفكر العلمي .لأن تكذيب النظريات و ليس تأكيدها هو سبب المعرفة الأكيدة .فحين نعرف أننا كنا مخطئين نترك الطرق القديمة وتتبين لنا آفاق جديدة للتفكير والتفسير و هذا يؤدي لتقدم البحث والمعرفة .و سأوجزتعليقي على خلاصات كتاب هاوكينج في ثمان نقط أساسية هي: 1-إن فكرة انبثاق الكون من تلقاء نفسه ليست فكرة جديدة فقد وردت في كتب بعض فلاسفة اليونان القدماء قرونا عديدة قبل الميلاد . 2-حينما نتحدث عن وجود الجاذبية و جميع القوانين المعروفة علميا فمعنى ذلك أننا داخل فضاء به أجسام أي أن المكان موجود والمادة كذلك .لكن اللحظة التي نتحدث عن كونها تستوجب الخالق هي ما يسبق وجود المكان والمادة أي اللحظة التي لا يمكن لأي قانون فيزيائي أن يجد مجالا له للفعل .إنها لحظة الشرارة الأولى التي أدت لإنطلاق عملية تكون الكون. 3-الملاحظات في عالم الأحياء على الأرض و التي تجري عليها قوانين الفيزياء أيضا كسائر الأجسام تجعل من وحدة بنية الكائنات الحية ووحدة الأنظمة الفزيولوجية الملاحظة من الكائنات الوحيدة الخلية إلى متعددة الخلايا ، وتشابه الكائنات الحية بعضها مع بعض لدرجة تجعل غير الخبراء يخطؤون في تصنيف بعض الكائنات الحية و يجعلونها مع بعض ...و منطقية تنظيم الوظائف الحيوية و نتائجها ...كل هذا يجعل من وحدة مملكة الحياة و منطقيتها شيء من سابع المستحيلات أن يكون ناتجا عن الصدفة .فمابالك القول أن النظام الكلي الذي توجد ضمنه هذه الحياة ناتج عن الصدفة . 4- الحياة خارج الأرض شيء وارد وليس مستحيلا بسبب أن الكون فسيح جدا . و من المحتمل وجود كواكب بالمليارات تشبه كوكب الارض لها شموسها و نفس ظروف الأرض وليس كوكبا واحدا فقط و ربما بكائناتها الحية هي كذلك . أما إكتشاف كوكب واحد في مجموعة شمسية أخرى إذا نفى بعض معلومات الكتب المقدسة فإنه لا يستطيع أن ينفي ملاحظات البيولوجيا السابقة الذكر و التي توحي بوجود خالق وراء وجود الكون .لكن ملاحظة هذا الكوكب لم تبين أنه يحتوي على كائنات مثلنا.وبالتالي فلا مجال للقول أن القول بأن الأرض صممت خصيصا لنا ليس صحيحا. و ظهور الحياة على الأرض هو جزء من تطور الكون . و من البله إعتبار تتويج هذا التطور بالوعي والذكاء البشري الذي يعي نفسه ويعي الكون لا يمكن أن يوجد مثله في كائنات أخرى عبر الكون منها خالق الجميع . 5 - إذا سلمنا بانبثاق الكون من قوانين الفيزياء صدفة (وهو ما لا يسع عقولنا قبوله) فستصبح هذه القوانين هي هدف السؤال: من وضع هذه القوانين؟ وليس من خلق الكون ؟.و بخصوص الصدفة فإن عثورك على محفظة في الغابة مثلا و أنت تتجول سيكون صدفة بالنسبة لك .لكنك ستكون متأكدا أنها تعود لشخص ما ..معنى ذلك أن تفسيرنا لوجود الكون بالصدفة نتيجة قوانين الفيزياء كإكتشاف جديد مثلا لا يلغي فكرة وجود شخص الخالق وراء تلك الصدفة (التي ليست صدفة في النهاية). و القول أن الصدفة هي سبب وجود شيء ما عوض وجود لا شيء ليست فكرة علمية.أولا لأنه لا يمكننا أن نقول أن العدم هو صدفة وثانيا لأنها تلغي قانون السببية الذي يقول أن الظواهر تحدث نتيجة أسباب منطقية ومعقولة و ليست صدفة .و أن نفس الأسباب تؤدي لنفس الظواهر.و القول بالصدفة هو جواب سهل للتخلص من صعوبة البحث ربما عن الجواب العلمي المنطقي .و المفروض في الفيزياء و البيولوجيا وغيرهما أن تجد الجواب عما عجزت عن إظهاره الكتب المقدسة بخصوص جوهر الخالق و ليس نفي وجوده ..لأن فكرة وجود الخالق كانت موجودة قبل ظهور الكتب المقدسة.إنه حدس بشري تم تدوينه فيما بعد و تناقلته الجماعات البشرية عبر احتكاكها ببعضها و تم بناء نظريات حول هذه الفكرة المركزية .و هذا ما يفسر إختلاف الأديان بإختلاف الأوساط البيئية التي وجدت نفسها فيها .و حتى لوتمت البرهنة على خطأ معلومات كل الكتب المقدسة فإن الفكرة المركزية لهذه الكتب و التي هي وجود الخالق لا يمكن تفنيدها .لأننا لا يمكن القيام بتجارب أو ملاحظات تنفي هذا الوجود. و السبب ربما في صعوبة تمثل الخالق راجع لكوننا حين نتحدث عن وجود الكون ووجودنا فإأننا نعتقد أن وجودنا هو خارج وجود الخالق و الحال أننا ربما داخل وجوده لا خارجه كقطرة ماء داخل المحيط تتساءل أين المحيط ؟ والقوة المغناطيسية تقرب الفكرة .فالقوة المغناطيسية يمكننا ان نحس بها لكننا لا نراها .هذه القوة يمكنها أن تخترق المادة .وحضور الخالق يمكن مقاربته مع هذا . 6- يقول الإخوة الملحدون أن مايحدث في الكون هو مجرد تحول صدفوي للمادة و الطاقة .ففي الأرض مثلا يأكل العاشب عشبا يتحول إلى مادة عضوية في جسمه .و يأكل اللاحم عاشبا يتحول إلى مادة عضوية في جسمه الخ...و ظواهر أخرى مشابهة . تحول المادة و الطاقة هذا حقيقة.لكن بالنسبة للإنسان أن يكون مجرد مادة وأملاح معدنية ..و مواد عضوية و ماء ...منظمة تنظيما محكما منطقيا محكوما بالزمان ثم تعقل هذه المادة ذاتها بذاتها بل تعقل عقلها إلى ما لا نهاية ، فهذا لا يمكن للعقل أو عقل العقل أن يستنتج أنه فقط تحول للمادة أو ناتج عن صدفة .وجود الوعي عند الإنسان ووعي الوعي مرتبط بوعي أعلى مطلق وإرادة خالقة. 7-و لأن العلوم تتقدم ..وبالنظر للكم الهائل من الأسرار التي تم الكشف عنها في الأرض ،فإن ما لا يحصى منها لا يزال في إنتظار الإنسان خارج مدار الأرض.مما يعني أن الشوط لا يزال بعيدا أمام الإنسان بسبب ضعف وسائل البحث الحالية رغم تطورها الهائل بالنسبة للماضي .و المستقبل يبدو واعدا مع تقدم هذه الوسائل ..و مثلما كان السيد تشارلز داروين Charles Darwin لا يعرف شيئا عن علم الوراثة و لا أي شيء عن وراثة العشائر ولا أي شيء عن تركيب الأدي إن ADN مما أدى لإرتكابه العديد من الأخطاء في كتابه "أصل الأنواع" منها أن أصل الإنسان قرد رغم كونه كان يتحدث عن ظاهرة طبيعية كانت معروفة في زمنه و لم يخترعها ، فإن كتاب ستيفن هاوكينغ سيخلو بكل تأكيد من الكثير من المعلومات التي هي الآن في مجال المجهول بالنسبة له و لنا. و سيبدو كتابه فيما بعد كتابا تافها رغم عظمة صاحبه العلمية ليس فيما يتعلق بشرح القوانين الفيزيائية وإنما بسبب ربط هذه القوانين بعدم ضرورة السبب الأول لوجود الكون و هو الخالق. 8-من الناحية الفلسفية ، إذا قارننا مقاييس الكون بحجمنا فيه ، فنحن نبدو كالعدم و أفكارنا كذلك و إنجازاتنا تافهة بالنسبة لهذه المقاييس العملاقة .و السؤال الذي يطرح نفسه هو:هل من هم بهذه الضآلة ممكن أن يكون "وعيهم المجهري"بالوجود هو الوحيد الذي يقرر في هذا الكون؟ متمنياتي للدكتور ستيفن هاوكينج بالشفاء التام . للتواصل مع الكاتب :[email protected]