مع حلول شهر الصيام أهله الله على المغاربة باليمن و البركات . ترتفع وثيرة الانتاجات المحلية من الأفلام و المسرحيات و المسلسلات إلى غير ذلك مما له علاقة بالشاشة الكبيرة أو الصغيرة , و مع هذا النمو الفطري (من الفطر و ليس من الفطرة ) لهذه الأعمال تثار أسئلة مهمة مفادها "ما الحمولة الثقافية التي تنطوي عليها انتاجاتنا الوطنية ؟ و هل هذه الانتاجات تقدم صورة حقيقة عن المجتمع الذي أنتجها؟ ". قبل الحديث عن الحمولة الثقافية وجب الحديث عن الجودة أولا ، هذه الأخيرة التي غابت عن انتاجاتنا التلفزية منذ عهود حيت الرداءة سمة طبعت جل الأعمال المقدمة سواء من "الأولى" أو من "الثانية" , رداءة تشتد وطئتها خلال شهر رمضان بالخصوص . فما إن ينتهي الشهر المبارك حتى تفتح أفواه النقاد و الأدباء شاجبة للرداءة التي تبث في القناتين ، و لا أدل على سخط الفئة المثقفة وعدم الرضا الذي تركته وراءها هذه الأعمال من عدد المقالات التي تنشر يوميا على صفحات الجرائد الوطنية ، و من مجموعات الحوار التي تنتشر على مواقع الانترنت العالمية ( فايسبوك ، تويتر ....) انتشار النار في الهشيم (الله لا يفضحنا ) . إذا كان الحال كهذا في جانب الجودة فهو يزداد سوءا عند الحديث عن الحمولة الثقافية التي تنطوي عليها إبداعاتنا ، فالمغرب من اعرق الدول التي تضم خليط ثقافي-عرقي قل اجتماعه في بلد أخر ، فمن امازيغ الشمال إلى عرب الوسط و امازيغ الأطلس و السوس تم الصحراوين تتعدد الثقافات و معها العادات و التقاليد ، هذا التعدد الذي لا يجد راصدا له و لا قنوات للتصريف سوى قناة يتيمة لا تلقى إجماع الفئة المستهدفة حولها . فالأجدر بالمنتج المغربي و هو يدرس مشاريع الأعمال المقدمة من اجل الشهر الفضيل أن يضع نصب عينيه الرفع من المؤشر الثقافي داخل هذه الأعمال و معه سيرتفع مؤشر الجودة ، فبالعودة إلى الانتاجات القادمة من أمريكا اللاتينية أو من بلاد الأناضول نجد أن هذه الأفلام تضم في طياتها رسائل مهمة و تحمل في مضامينها ثقافة معينة ، فبين " حرية " المجتمع الغربي و "جمالية المكان و الزمان و الشخصيات" عند الأتراك ، تحاول هذه الإنتاجات نقل معطيات فيها من الصحة ما فيها و من التضليل الشيء غير الهين . فهل ستضل انتاجاتنا الوطنية حبيسة الجانب المالي الربحي و إرادة "مول الشكارة" ؟ و ما الدور الذي يجب أن تلعبه الوزارة الوصية في الموضوع ؟ باعتبار أن هذه الأخيرة لها من الصلاحيات معية المركز السينمائي ما يخول لها الرقابة في هذا المجال ، والى متى سيبقى هاجس الربح المادي هو المسيطر على أعمالنا التلفزية و السينمائية؟ ، فنحن لا نشكك من قدرات الفنانين المغاربة الذين أعطوا ولا زالوا في أوج عطائهم لتقديم الأجود للجمهور المغربي المتتبع ، و الذين يشتكون - كلما أتيحت لهم الفرصة- من ضعف الأجور المقدمة لهم . كما لا نشكك من قدرات المخرجين الشباب الحاملين لرؤية متجدد تطمح إلى تطوير الميدان ، و إنما نلقي اللوم على غياب الإرادة لدى الفاعلين الأساسين الذين يكتفون باستهلاك ثقافة الآخر و التفرج على ثقافتنا تعصف بها الرياح من كل حدب و صوب ، و الأدهى أنهم يكتفون بالتفرج بل يساهمون بعلم أو دونه في تخريب هذه الثقافة بتسهيل استهلاك ثقافة الآخر و قتل الحس الإبداعي لدى المجتمع حتى يعدو مجرد مستهلك .