مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف الأطر العليا المعطلة بالمغرب :أية مقاربة؟
نشر في مرايا برس يوم 26 - 07 - 2010


الإهداء
إلى "بريخت" الذي قال: قل للدرهم من أين أتيت، وقل للفكرة عما تدافعين.
لقد أصبح الكل في الرباط.. بل في المغرب و خارجه يعرف و يتابع شيئا اسمه ملف المعطلين بالرباط.. لكن إن أردتم الحقيقة أو على الأقل تدقيقا و توضيحا أكثر في الموضوع فما عليكم إلا أن تسألوا إسفلت شارع محمد الخامس و سينبئكم بمن هم الشرفاء من الانتهازيين ممن يحتضنه شارع محمد الخامس ومن هم على الهامش..
ثم اسألوا شهداء القضايا الوطنية عما يفعله بعض المسئولين بمصير الوطن، مغرب يريد الإقلاع والخروج من بركة الفساد و التسيب لكن يأبى أعداء الإصلاح و التغيير إلا تركه في أوحال التخلف والرجعية.
حتى يفهم الرأي العام الوطني
يعرض المعطلون أنفسهم على مدار السنة أجسادهم لهراوات و عصي قوات الأمن، أمام الرأي العام.. لكن هناك في الحقيقة هوة مافتئت تتسع في السنوات الأخيرة بين الحركات الاحتجاجية و المجتمع المدني. بشكل أصبحت معه نوع من القطيعة و الانفصال بين الجماهير الشعبية و قضايا الأمة الحيوية والوطنية..
و من أسباب هذا التباعد نجد ضعف الصحافة "الوطنية" و الأقلام المبدعة بصفة عامة عن محاولة توضيح و تفسير و إرسال رسائل قوية وواضحة للرأي العام ووضعه في سياق الأحداث و الإطار العام للأمور حتى يصبح متتبعا واعيا و مساهما حقيقيا في قضايا هذا الوطن بعد رفع اللبس و تبديد الغموض..
لهذا السبب فإننا نعلن للرأي العام المغربي أن تدبير ملف الأطر العليا المعطلة ينحو باتجاه ترسيخ الانتهازية و الخيانة و حقن الإدارة المغربية بانتهازيين و خونة صغار بدل المناضلين و الرجال و الأطر الحقيقيين الأشراف. و بالتالي تكريس الانتهازية و الضعف في تسيير هذا البلد بدل أن يحمل (الشارع- المدرسة) النضالية مجموعة حقيقية من المناضلين و النخب و الأطر الأشراف الوطنيين الكاريزماتيين يعول عليهم في تسيير دواليب هذا البلد (و ما أحوجه إلى هذه الفئة).
في الحقيقة تفاءلنا خيرا و كنا نحلم بأن يكون العدد الذي سيعلن عنه (و الذي تم التطبيل له في مختلف صفحات الجرائد الوطنية ولمدة طويلة، فكان الأمر أفظع من كذبة أبريل) قياسيا و بالتالي فرصة ذهبية لحزب العباس الفاسي لتنسية فضيحة "النجاة"، و لكن و يا للأسف لم يقع لا هذا و لا ذاك.. فقط المزيد من الإحباط والفشل والمزيد من الخطوات اللاوطنية و المزيد من زرع اللاثقة في أبناء هذا الشعب المغربي المكابد في ظل مثل هكذا مقاربات. لو كنا في بلد "ديموقراطي" على الطريقة الغربية لاستقال رئيس الوزراء أو على الأقل مدبر الملف (الذي اشتهر بتهديداته المشهورة و المتكررة بالاستقالة من تدبير الملف، الأمر الذي لم يستطعه رغم مطالبة مكاتب المجموعات بفعل ذلك لأنه فعلا فشل في تدبير الملف و من الأفضل استقالته؛ ونحن متيقنون من عدم استقالته بسبب الفشل، ببساطة لأن ذلك لا يقع إلا في الأمم المتقدمة و الديموقراطية و التي تعيش مؤسساتها تحت المراقبة و المتابعة و العقاب) لما عرفته أحداث إحراق الذات غير المسبوقة في قلب شارع محمد الخامس الذي هو قلب المغرب و في واضحة النهار. لكن هيهات هيهات؛ على خلاف العالم نكافئ وزراءنا الأكثر فضائحية و فسادا بأعلى الرتب وأسمى المناصب!
لقد تأكدنا من خلال هذا الملف (ملف المعطلين و تدبيره من طرف حكومة الفاسي) أن المغرب لازال يعيش على وقع المثل الشعبي الشهير "العكر على الخنونة"، إن التغيير في المغرب و المفهوم الجديد للسلطة يسير مشي السلحفاة في هذا البلد. فرغم تدشين الإصلاحات الكبرى و العميقة من طرف عاهل البلاد فإن النخب المغربية و على رأسها النخب السياسية لم تكن في الواقع في المستوى و الاستعداد المطلوب لتحقيق الطفرة النوعية في ظل الفرصة الحقيقية التي يعشها المغرب في الفترة الأخيرة.
إننا و نحن نرى الأمور تسير بهذه الطريقة لنخاف أشد الخوف على مشاريع المغرب المستقبلية كملف الجهوية الموسعة و سياسة المشاريع الكبرى و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية! و مفهوم الهوية و المواطنة.. مادمنا لم نحسم حتى مع البديهيات و من بينها الجدية في معالجة الملفات الشائكة و الحقيقية ومن بينها التعامل الرصين و الجدي مع ملف الأطر العليا المعطلة.
من حقنا أن نتساءل عن أسباب قسم مجموعة الاتحاد الوطني التي تعامل معها المحاور أزيد من سنتين كمجموعة واحدة إلى أن يتعامل و على حين غرة هكذا و فجأة بمنطق مقص الرقابة الذي كان يستخدمه المستعمر بالنسبة للمقاطع الوطنية التي لم تكن تعجبه و توافق هواه و منها مقالات الوطنيين الاستقلاليين الذي ينتمي المحاور نفسه إلى حزبهم. من حقنا التساؤل عن الأسباب العميقة لهذا "القرار"، وعن إمكانية تفاوض في الكواليس و تواطؤ ضمني بين المحاور و الشق المستفيد(هذه هي الفكرة الرائجة والمهيمنة في الساحة النضالية الآن)، الأمر الذي إذا صح، فإنه سيكون جريمة لا تغتفر (و التحقيق المنتظر هو الذي سيظهر الحقيقة).
من حقنا التساؤل أيضا عن أسباب التدخل في تشغيل مقصيي المجموعات مع المجموعات التي شملها الحل، إذ كيف نفسر هذا الحنان و الاهتمام المفاجئ بهذه الطبقة من المعطلين في حين أن المحاور يدعي احترام الشرعية التاريخية و بالتالي الشرعية النضالية للمجموعات (بل والادعاء على أن الأمر على قدم وساق لجلب المناصب من الوزارات للمجموعات المتبقية)، بل و أكثر من ذلك هو المطالب بتشغيل مجموعات تنتظر بفارغ الصبر و يلتفت إلى أفراد تخلوا عن النضال للالتحاق بالوظائف العمومية.. إنه لمنطق غريب! لقد تجاوز المحاور درجة "الاستغفال" إلى درجة "الاستحمار".. ومن بين مضحكاته التي انتشرت بين الأطر أنه يطلب مهلة 48 ساعة فقط لإيجاد 190 منصبا للشق الذي أقصاه و تركه من الاتحاد الوطني! لم يتوفق في سنتين لكنه طلب يومين فقط لإيجاد المناصب.. أليس هذا استحمارا للإطار المغربي!؟
لهذه الأسباب اختار خيرة أبناء هذا الوطن حرق ذواتهم المثقفة الواعية المنيرة بضوء العلم و المعرفة قربانا لإحقاق الحق و تطبيق "العدالة الاجتماعية" التي هي إحدى ركائز حزب البكاري و عباسه الفاسي.
لن نرضى في عهدنا - نحن مجموعة الاتحاد الوطني- أن تمرر هذه "البدعة"، إذ كل بدعة ضلالة كما هو معروف في مذهبنا السني، لكي لا نكون السبب في تكرارها في السنوات المقبلة على مجموعات أخرى.. كالبدعة التي كرستها مجموعة الشعلة بتركها ل 21 إطار تركت تصارع الأمواج لأنها تحمل دبلومات موقعة سنة 2009!..
إننا نطالب بالإدماج كما ناضلنا عليه "شاملا" و ليس "جزئيا"، و إذا تعلل المحاور بوجود لائحتين فمن السهل تذكيره بأن مجموعة "التنسيقية" كانت تحوي في طياتها "17 مجموعة" و لم يتعامل معها بهذا المنطق الغريب و الغير مسبوق.
والحمد لله أننا شباب و متحمسون ولم يسمح لنا حماسنا بأن نقصد بعيد الظلم و الحيف الذي نزل بمجموعتنا( اليوم: بشروا عائلاتكم، و في الغد: انتم مستثنون من الحل!)،لم نقصد المركز الحدودي ل "زوج بغال"، أو ترك بطاقاتنا الوطنية على أبواب "ولاية الرباط"، أو التهديد بطرق أبواب السفارات والقنصليات الأجنبية طلبا للجنسية أو اللجوء السياسي الجماعي أو طلبا لفرصة شغل (إذ على الأستاذ البكاري و غيره أن يعرف أن المسألة أكثر من الخبز و من الراتب، إنها مسألة كرامة وهوية قبل كل شيء)... بل تشبثنا بوطنيتنا الضاربة فينا حتى النخاع، واستنفدنا كل الأساليب الاحتجاجية لإسماع أصواتنا للمسئولين إلى حد تحويل أجسادنا إلى شموع تحترق من أجل نيل كسرة خبز من حقنا دون استجداء أو شحاتة. لسبب بسيط جدا وهو أننا: رغم القمع و الإهانة اليومية نحب هذا الوطن و نريد أن نقدم له شيئا عسى أن ننال رضا الله و رضا الوطن.
إننا لن نتوانى عن طلب فتح تحقيق في الموضوع مهما كلف الثمن، ولو على حساب أجسادنا، فالمجموعة كلها مستعدة لتقديم ذواتها قربانا على مسلخ قضيتها العادلة. ولن يكون غائبا عن أذهاننا طلب "التحكيم الملكي"، ضدا على تبجح المكلف بالملف بين الفينة و الأخرى بالتعليمات السامية و كأننا مواطنون من "المريخ" و لا يحق لنا أيضا طرق أبواب عاهل البلاد كمواطنين مغاربة يكفل لنا ذلك الحق و القانون..
مسائلة الأستاذ البكاري
العجب كل العجب من محاور تربى في حزب "وطني" و كان طالبا و معطلا أن يكون هو من يسهر على ملف اجتماعي.. و الأكثر من ذلك ملف يضم فئة هي من خيرة أبناء هذا الوطن، و يمتلك هذه الفرصة وهو الطالب الباحث المعطل السابق، والإطار الحزبي الاستقلالي الوطني، يمتلك هذه الفرصة الذهبية ويعرج بالملف من بعده الوطني إلى متاهات الانتهازية و المقايضة و الحسابات السياسوية الضيقة. إنها أزمة ثقة حقيقية تظهر جلية في "عبد السلام البكاري"، كنموذج لرجالات الأحزاب المغربية الذين ينضوون هم و أحزابهم تحت شعارات براقة في المؤتمرات و الندوات ولكن ما أبعد الواقع الذي يساهمون في بلورته و صناعته عبر الأفعال و الأقوال عن تلك اليافطات المفرغة من أي محتوى حقيقي.. إذ كيف يرفع الظلم من يمارسه..
إن الخاسر الأكبر هو الوطن؛ نعم الوطن أولا و أخيرا، يفوت فرصه التاريخية من أجل التغيير الحقيقي. فالتغيير و الإصلاح يحتاج إلى نخب جديدة و لا يمكن أن يتم بالنخب القديمة، و إذا كنا نريد التغيير الحقيقي فلابد من حقن الإدارة المغربية بدماء جديدة ملئها الوطنية والاستعداد لخدمة الوطن، و نسائل في هذا الباب الأستاذ البكاري، هل في مقاربته (إن كانت لدية مقاربة و رؤيا أصلا) لملف الأطر العليا المعطلة كان يحمل أدنى حس بمفهوم الهوية و المواطنة؟ لا أعتقد أن هذه المقاربة أو الذهنية كانت حاضرة و الواقع المر يؤكد ذلك بشكل لا غبار عليه:
- "الحوارات" لم تكن مسئولة.
- "الحوارات" أو الدردشة كانت مليئة بالتناقضات و التسويف و اللعب على الألفاظ و الكلمات.
- تم التنصل من مسؤولية تشغيل المجموعات الأشباح و الأفراد (بالمحسوبية و الزبونية و تكريس الانتهازية، بل الشارع النضالي يقول بأفراد من الشبيبة الاستقلالية و من دواليب الحزب عموما و الأيام ستفضح ذلك في المستقبل) تم تعليق ذلك على مشجب "التعليمات السامية" و هذا أمر خطير إن كان كذبا و زورا لأنه استغلال للنفوذ و السلطة.. إذ لا يمكن للتعليمات السامية كما عهدناها إلا للتدخل لإحقاق الحق و إزاحة المنكر، عكس طلب تشغيل عدد واسع من المجموعات التي لم تعرف طعم المطالبة والنضال بالوظيفة العمومية، ثم هل يعني ذلك أن التعليمات السامية طلبت من الأستاذ البكاري قص مجموعة الاتحاد إلى قسمين و ترك شق منه في الشارع! هل يعقل هذا؟ ناهيك عن التناقضات الصارخة التي تتخلل كلامه مع مكاتب المجموعات المناضلة بالرباط، إذ في هذا الباب يعلن عشرات المرات أنه هو الذي يشغل في هذه البلاد و ليس سواه، و حين ينتقد تصبح التعليمات السامية هي السبب!؟ منطق غريب عجيب. الأمر الذي حذا بالمجموعات ك"الاتحاد الوطني" و "الرابطة" بمراسلة الديوان الملكي وطلب التحكيم الملكي في الموضوع..
- تم تشغيل مجموعات لم تعرف طعم الشارع (وظفت لأسباب غير مفهومة على الإطلاق).
- الأستاذ البكاري كلف نفسه عناء المناداة على الأطر المقصية من المجموعات بسبب اشتغالها أو لأنها لم تلتزم مع مجموعاتها للعمل بدل المناداة على من هم في الشارع وهو ضرب سافر لنضالية و كفاح مئات من أبناء هذا الشعب لصالح من تخلى عن درب النضال لصالح طرق أبواب مشبوهة وسهلة ملئها الخيانة والانتهازية..
- اعتماد الأستاذ البكاري على لعب ورقة التوتر النفسي و الاجتماعي الذي يعيشه الإطار المعطل والمجموعات المعطلة عموما لجعلها مجموعات خنوعة بأطر تعيش على وقع تهديدات "المحاور" وبالتالي جعل الإطار أقرب إلى الشحاذ و المتسول و "مقبل الأيادي الكريمة" للمحاور، بدل ترك ماء الوجه و الوضع الاعتباري للإطار المغربي داخل وطنه. (في الوقت الذي خرج فيه جهاز الأمن والقضاء منتصرا في قضية معتقلي الاتحاد الوطني الخمس، حيث عوملوا بالحد الأدنى من الكرامة واحترام الوضع الاعتباري للإطار المغربي من طرف الأمن، و حضوا بمحاكمة عادلة من طرف القضاء سواء بالمحكمة الجنائية بسلا أو المحكمة الابتدائية بالرباط).
و بالجملة ليس هناك أي مؤشرات أو عناصر تستشف من "حوارات" الأستاذ البكاري تدل على وجود هاجس عند الرجل تقول بأنه يسعى إلى مقاربة فكرية وطنية لمعايير اختياره لهذه المجموعة أو تلك.
عجيب أمر هذا النوع من التسيير والمعالجة في القرن الحادي والعشرين، لأن الأمم التي تحترم نفسها تجاوزت مثل هذه الممارسات و انتقلت إلى البناء و التشييد و المضي قدما إلى الأمام. إنه "الزمن الضائع" بالمغرب، و لا يزال الكثير من أبناء هذا الوطن العاقين مصرين على المزيد من إهدار الوقت.
صحيح أن المقارنة بين المحاور الحالي و المحاور السابق تترك لنا بعض نقاط الاختلاف و التمايز الضعيفة، لكن نؤكد بكل ارتياح أنها لم تصل إلى المبتغى و المطلوب في المحاور "الوطني"، في ملف ليس ب"العادي"، ملف يمس شبابا متعطشين لخدمة هذا الوطن تعطش الأرض الجرداء لقطرات المطر.
ولفضح مسألة البعد السياسوي الضيق لمقاربة ملف المعطلين و ليس "العاطلين" كما تعمد وزير الاتصال و الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري تسميتهم في إحدى تصريحاته. نقول أنه من الغريب أن المحاور الذي يدعي و طيلة أطوار "الحوارات" الماراطونية معه باحترام الشرعية التاريخية، يأتي في آخر لحظة و ضدا على كل التكهنات المنطقية و يشغل مجموعة "الشعلة" لحاملي شهادة "الماستر"، و يترك مجموعة الاتحاد الوطني لحاملي شهادات DESA و الدكتوراه، علما أن الأولى لا تتوفر على قراري الإدماج المباشر عكس الثانية التي تملك القرارين. ناهيك أن الشارع النضالي أصبح يعرف أن المجموعة الفلانية يدعمها سياسيا شباط أو العدالة و التنمية و حزب التقدم و الاشتراكية بسبب علاقات كتابها العامين بتنظيمات و قواعد أو كوادر هذا الحزب أو ذاك.
ناهيك عن التناقض العظيم في حوارات الأستاذ البكاري وترديده المتكرر لنغمة "الحالات الاجتماعية"، كأولوية في مقاربة الملف، أتساءل شخصيا؛ أين وجه أولوية الحالات الاجتماعية في تشغيل مجموعة من حاملي الماستر دون قراري الإدماج ومعدل الأعمار فيها تتراوح بين 24 و 27، وبين مجموعة من حملة شهادات دبلوم الدراسات العليا المعمقة، تتمتع بقراري الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية، ومعدل الأعمار فيها يتراوح بين 30 و45 سنة، إنه لتناقض خطير بين التصريح و بين التطبيق، تناقض سافر لا غبار عليه.
أما البعد الانتهازي فقد حظي بحصة الأسد من المقاربة البكارية لملف المعطلين المشردين في شوارع الرباط لحساب من كانوا نائمين في بيوتهم أو منشغلين في وظائفهم و أعمالهم الحرة؛ إذ علمنا في ما يشبه الصاعقة أن هناك مجموعات شملها الحل لم يكن يعرفها إلى الأستاذ البكاري، وهو بالتالي الوحيد الذي يعرف لماذا حظيت بالحل و تحت أي مسمى أو دافع؛ من بين هذه المجموعات المنعم عليها بالشغل مع "النفاذ"، ورغم محاولة إحراق الذات و الانتحار الجماعي من طرف شق الاتحاد المتخلى عنه (هناك مجموعة الضريف! مجموعة وجدة!، مجموعة المساواة! ..وقس على ذلك. و أطلب منكم التأمل في التسميات فهي تحمل الكثير من الدلالات و تجيب عن الكثير من التساؤلات).
وهل المقاربة الجدية و الجذرية للملف تقتضي شق المجموعة إلى شقين شق يحظى بالوظيفة و الآخر يحكم عليه بالإقصاء؟ لقد استبشرنا خيرا لما انتقلت المقاربة من منطق "الكوطا" و منطق "P.V"، إلى المقاربة الشاملة و التي تقتضي النظر إلى الملف في شموليته و استئصاله من جذوره و بشكل نهائي بدل المراهنة على أساليب عفا عليها الزمن و لا تصلح إلا للتطبيق من طرف الإسرائيليين على الفلسطينيين. نفاجئ اليوم بالرجوع و النكوص من جديد إلى منطق التقطيع و التقسيم كالذي حدث ل "الاتحاد الوطني"، و كأنه يعاقب على تسمية نفسه ب "الاتحاد".
إن الردة في المقاربة تظهر بشكل خطير في العودة إلى منطق الكوطا (اختراع بدعة إقصاء أصحاب الشهادات الموقعة بسنة 2009من الحل، اختراع مسألة الحالات الاجتماعية الأمر الذي فتح أبواب المحاور مشرعة في وجع الانتهازيين و المضاربين و سماسرة سوق الوظيفة العمومية، و فتح الفرصة للتغرير بأصحاب شهادات الدكتوراه للانسحاب من مجموعاتهم و الالتحاق بمجموعات مستقلة للدكاترة على أساس التعامل معهم كحالات اجتماعية...) و الكثير الكثير من الأساليب المقيتة..
إنه من الواضح جدا أن "السيبة" بمدلولها التاريخي و حمولتها الدلالية لازالت مستمرة في هذا "البلد الشقي" على وزن "البلد السعيد" المعروفة في الكتابات و الأدبيات السلطانية. و من الأكثر جلاء للرأي العام العادي أو المتتبع أن مقاربة الملف غاصة في مستنقع السياسة البشع و الآسن..
هذا غيض من فيض ولم يسعنا قول كل شيء لأن الموضوع يتسع للكثير من الأمثلة اللامتناهية التي تعمدنا منهجيا أن لا نتقل قراء هذه السطور، مادامت هذه الأمثلة المنتقاة كافية لإضاءة عتمة الظلم بشموع الحق..
و المطلوب؟
- نريد محاورا حقيقيا و ليس مدردشا مسوفا.
- نريد مقاربة تواصلية تشاركية و ليس استئصالية تهميشية مع المجموعات من أجل الوصول إلى الحلول و المقترحات.
- نريد مقاربة أمنية متفهمة في الشارع و لها دور في ضبط المجموعات الحقيقية و فرزها عن المجموعات الوهمية و عدم اختزال دور "الأمن" في شخص "الداخلية" في العصا والقمع و فرض الأوامر من خلال "الحوارات الأمنية".
- نريد تسطير والتوافق على معايير وطنية في التوظيف واختيار المجموعات المستحقة للتوظيف بدل الضبابية و الطرق الملتوية و المشبوهة.
- نطالب بمحاور مستقل "تقنوقراط" مفوض تفويضا مباشرا من عاهل البلاد، يبتعد بالملف عن أوساخ السياسة و دواليبها الفارغة.
- ولماذا لا نتجاوز وجع الرأس هذا ونعبر عن وعي وطني كبير و مسؤول، بانتهاج المقاربة التونسية في تشغيل الأطر والكفاءات، فتونس تشغل قرابة 4000 إطار سنويا، دون شج للرؤوس و كسر للضلوع و حروب الكر والفر مع القوات العمومية و عرقلة للسير في الطرقات و الاعتصامات في الشوارع و الإضرابات عن الطعام أو إحراق الذوات السقف الجديد الغير مسبوق للنضال في الشارع العمومي، ناهيك عن إهدار المال العام جراء البنية البشرية و اللوجستيكية التي ترصد لقمع احتجاجات هاته المجموعات...
- و لا نريد أن تكون المؤسسة التشريعية التي تعد رمزا للديمقراطية و العدالة في هذا البلد أن تكون مكانا مزدوجا لأن تتفوق بجانبه سلطة النفوذ على سلطة القانون (فضيحة وزير الاتصال خالد الناصري و إبنه)، والمكان نفسه الذي تشج فيه رؤوس امتلأت بالعلم و المعرفة و تمارس فيه السادية من طي للضلوع لأجساد أنهكتها سنون البحث و التحصيل و تسيل على عتبته(البرلمان) دماء سخية زكية لشرفاء ذنبهم الوحيد أنهم تمكنوا رغم قلة ذات اليد و معاناة أسرهم في توفير ظروف الدراسة و البحث...
- ولا نريد للساهر على الملف أن يتغافل عن هذه الأمور التي ذكرنا و يضربها عرض الحائط لصالح أفراد أو مجموعات من خارج هذا النسق الصحي و الديموقراطي و تضييع فرصة الاحتفاظ بالأفضل والأجود "تنظيما" لصالح "المقصي" أو "الانتهازي" أو الخائض في ماء "الزبونية و المحسوبية..".
- ولا نريد أن يستمر النظر إلى الوظيفة العمومية كهبة لا كخدمة وطنية. و إلى العلاقة بين الإطار والدولة أو الحكومة أو المحاور كإحسان وولاء.
لاحظتم أن كل الجمل أعلاه تبدأ ب "نريد" وهو مشتق من فعل الإرادة؛ وهي الكلمة المفتاح والحلقة المفقودة في مشاريعنا الوطنية في ملفات: الجهوية و حقوق المرأة و شؤون الأسرة و حماية التراب الوطني و ملف الهجرة و البحث العلمي و التنمية المستدامة و تخليق الإدارة و ترشيد النفقات و عقلنة المشهد الحزبي و السياسي... إنها الإرادة. إرادة شعب و إرادة وطن من أجل مغرب أفضل.
إنه في ظل الأزمة التي يعيشها المغرب في السنوات الأخيرة، في ظل أزمة النخب، فإنها لفرصة تاريخية للوطن أن تستغل تجربة الشارع النضالية لتكون بمثابة "مدرسة" حقيقية لتخريج أطر و كفاءات كاريزماتية قادرة على الإسهام في بناء المغرب الحديث و المعاصر و المنخرط في "تاريخ العالم".
وبعد كل هذا، و إذا كنا نحن من ندعي أننا زبدة هذا المجتمع فكيف لنا أن نصمت على التلاعبات والتجاوزات الحاصلة في المشهد النضالي لمعطلي المغرب، و كيف نجيب يوم يساءلنا تاريخ مغربنا الحبيب عن تفاصيل صمتنا و تواطئنا الضمني مع كل هذه "السيبة" في إحدى أهم ملفات المغرب المعاصر والحديث.
يبدو جليا أن المسئولون و المخزن عموما يحارب كلمة "الاتحاد"؛ فقد حورب "المجموعات الأربع" المتحدة بالقطع و القسم، وهاهو اليوم يتخذ في حق "الاتحاد الوطني" نفس المصير. إنهم يكرهون الوحدة و الاتحاد! يزكون التنسيقيات و الأشباح! فالتنسيقية الوطنية (17 مجموعة)، إلى جانب "تنسيقية المحاضر"، إن الفكر الوحدوي الاتحادي مرفوض في هذه البلاد. بينما الفكر الاستسلامي الانتهازي يستقبل بالقبول و التهليل و المكافأة...
وا وطناه!
إننا ندق ناقوس الخطر من خلال العبث بهذا الملف ملف الأطر العليا المعطلة بالمغرب، لأننا في المغرب اليوم نعيش أزمة حقيقية للنخب و النخب الوطنية منها على الخصوص ومثل المقاربات السائدة ما هي إلا تحويل للشارع النضالي المنتج للكفاءات الوطنية إلى منبت حقيقي للانتهازيين والوصوليين..
أما نحن؛ فنعاهد الله و نعاهد أنفسنا و نعاهد الوطن، أننا لن نتحول إلى انتهازيين صغار، ولن نصبح مشاريع لانتهازيين كبار في المستقبل، ببساطة لأن المغرب يعيش تخمة منهم و ندرة قاتلة في الفئة الوطنية.
أتمنى أن تكون هذه الورقة المتواضعة رفعت اللبس للرأي العام المغربي، و أرسلت مجموعة إشارات ورسائل أوضحت مبتغانا و أهدافنا الكبرى، و أزاحت الغبار عن عديد من القضايا، و أوضحت نيتنا في تحكيم الضمير الديني و الوطني في مقاربة ملف المعطلين بالمغرب عسى أن يكون ملف المعطل والعطالة بالمغرب لبنة من لبنات الديموقراطية الوطنية، ولبنة نموذجية لمقاربة نموذجية لباقي الملفات الشائكة الأخرى في مغرب يسقيه أبناءه على الدوام بدماء حمراء سخية لينبت على أرضه حب و سلام ونجمة خضراء متألقة بين الأمم.
إن المتتبع المحلي أو الأجنبي ليلاحظ بوضوح الإشكال العميق في التواصل من أجل تجاوز المشاكل والقضايا العالقة.. فإذا كان التواصل صعبا و عقيما بين الحكومة و المسئولين مع فئة الأطر العليا المعطلة، و هي من بين الفئات الأكثر تعلما و تأطيرا و تكوينا في البلد يكون الفيصل فيه هو الهراوة والقمع و التعنيف اليومي و الإهانة المستدامة بدل التنمية المستدامة، فكيف يمكن تخيل التواصل بين الدولة و بين باقي فئات وشرائح المجتمع الأقل حظا من العلم و المعرفة. إنها لكارثة عظمى تفضح الفشل الذريع و الواقع المشين الذي يعيشه مغرب القرن الحادي والعشرين، الذي يريد أن يحضا بالوضع المتقدم مع أوربا؛ "باش بالقمونة و التسنطيح و قلت الحيا"، و السبب مسئولون عابثون بالوطن وبمصالحه الحيوية لصالح توفر المسابح في فيلاتهم، و السيارات الفارهة لتنقلاتهم، وأرصدة تنتفخ بقدر إفقار الشعب، و بطون على وشك الانفجار..
ختاما نذكركم يا سيادة الوزير الأول أن أخطاءكم نؤديها لحوما بشرية تحترق على قارعة الطريق عسى أن تصلكم رائحة لحومنا فوق النار، بعدما عجزت أصواتنا في اختراق آذانكم الصماء التي وضعت في خدمة مصالح عائلتكم المحترمة ضدا على مصالح وحقوق أبناء هذا الوطن الأبي.
باحث في الفكر الإصلاحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.