ما أسهل النقد وما أصعب الكتابة لأن الكتابة تعبير مخلص للذات صريحة بكل المعاني أما النقد فهو كتابة على كتابة يمكن نعته بالنميمة الصامتة, الكتابة مخاض معاناة لا تنتج هكذا بل لابد من ألم تحدثه إنها ولادة جديدة تحتاج إلى اسم وهذا الاسم لا بد له من رعاية, وقد ينعت هذا المولود بالحرامي فكثير من الكتاب ينشرون بأسماء مستعارة خوفا من الإرهاب الفكري و الجسدي, فمند القديم و الكتابة تكون سببا في إزهاق أرواح أصحابها. أنت تريد كتابة رسالة إلى صديق أو صديقة كم مرة تمزقها ترمي بها في سلة المهملات أنا من محبي الكتابة والتدوين لكن هل يمكن لي كتابة كل شيء يرد بخاطري أتحدى العالم , أتحدى نفسي لا يمكن تحدي النفس بالنفس نعيش من أجلها نعيش, كلنا يحب نفسه لا نريد الموت كثير من الكتاب ضحوا بأنفسهم ماتوا ولم يعرفهم التاريخ لم تنصفهم الإنسانية شردوا في العالم عاشوا غرباء ماتوا غرباء,في سيبيريا مات الكتاب الروس لكن بقيت آثارهم تشهد عليهم,في العالم العربي قديما وحديثا قتل الأدباء والعلماء إخصاء فكري وجسدي, كان الجاحظ يكتب في الأدب باسمه وكان يكتب في الفكر و السياسة باسم مستعار, أين الجاحظية الفلسفة المتمردة التي تريد تكسير الحواجز و الخروج إلى الوجود أين الأوزاعي أين فلسفته أين فتاويه أين ابن رشد والفلسفة الرشدية و المضحك المبكي هو البكاء على أطلال الماضي لا زالت هذه العقلية القديمة راسخة في أدهان العرب ,دائما نبكي مات أحمد الدرة نبكي كم أحمد الدرة مات ننسى حين يثبطون على أكتافنا ونجلس على طاولة المفاوضات نفاوض من,نوقع المعاهدات مع من. نجلس وحدنا ونبحث عن السلام وعليكم السلام اصح يا صاحبي أين السلام احذر يده اليمنى إليك ويده اليسرى عليك عفوا أخذني الحديث انتقلت إلي عدوى النميمة أعود إلى رشدي, ما هذا التاريخ الذي نقرأه أننا نعتز بتاريخ دونه المنتصرون فما نقرأ من تاريخ هو تعبير عن أحداث مصطنعة انعدمت فيها الحقيقة أين تاريخ المنهزم تاريخ الفقراء التاريخ الشفهي الذي لم يستطع النشر و التأليف ,الأقوياء يستطيعون شراء الذمم و الأفكار كمن يشهد شهادة الزور كل شيء بثمنه . ماذا يخسر المستكتب قياسا على المسترزق يطلب مايريد يبيع بضاعته, الفكر تحول إلى بضاعة الذي يدفع أكثر هو الذي يشتهر أكثر, الفقراء لا يملكون شيئا وبالتالي فلا يعرفون, و الأغنياء يملكون أكثر فيشتهرون أكثر. لا أستطيع الكتابة كتبت على طاولة القسم أعبر عليها وأكتب ما أريد الأستاذ لا يهمه ما أكتب الشئ الذي يهمه هو السكوت, في البيت يقول لي أبي اسكت, تضربني أمي تقول لي أسكت, أمي يضربها أبي يقول لها اسكتي, أخي الكبير يضربني ويقول لي اسكت, في الشارع يمنعونني من الكلام ويقولون لي اسكت, متى أتكلم وأعبر, صحيح لقد وجدتها وجدتها سأكتب سأتكلم عندما أكون منعزلا في خلوتي على كرسي المساواة في الحمام, سأكتب على الحائط سأرسم جدارية بأي لون أريد . خذ بالك الحيطان لها عيون وأذان. لا تكتب كل شئ ابتعد عن السياسة وقل ما تريد . اسأل من تريد في الشارع عن الكتابة وعن الكاتب و الكتاب أول ما يتبادر الى ذهنه هو الكتاب بمعنى الحرز فلفظ الكتاب يحمل عدة دلالات, والإنسان بحكم ابتعاده عن القراءة والمعرفة أصبح تفكيره قاصرا على الدلالات السطحية , وكذلك عندما يسمع لفظ الفقيه أو الشيخ فالفقيه فرغ من محتواه وأبح المقصود منه المشعوذ و الشيخ المقصود منه الكوامانجي . إلى هذا الحد من التدني وصلت إليه اللغة . و اللغة كما يقول العلماء وعاء الفكر, فإذا كان الوعاء بهذا المستوى كيف يكون الفكر. بقلم الأستاذ : محمد يوب