وسط الصدمة والدهشة والذهول الكبير افاق العالم، فجر الاثنين الماضي ،على عملية القرصنة ، التي نفذتها قوات الكوماندوز الاسرائيلية في عرض البحر المتوسط وسط المياه الاقليمية ،وعلى بعد اميال من المياه الاقليمية لشواطئ غزة ، ضد اسطول الحرية الذي يحمل المئات من المتضامنين الذين جاءوا من دول مختلفة لكسر الحصار الغاشم والظالم المفروض على ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر من اربع سنوات ، وتقديم المساعدات الانسانية للشعب الجائع المعذب والمحاصر الذي يئن تحت وطأة القهر والظلم والحصار ، وليس لهم اي جرم سوى انهم يطالبون بالحرية والعدل الانساني وفك الحصار عن شعب غزة المكلوم. ان ما ارتكبته حكومة نتنياهو براك بحق قافلة الحرية هو جريمة بشعة ونكراء ضد الانسانية وعملية قرصنة في عرض البحر ، وتمثل استباحة وانتهاك خطير للقوانين الدولية. وهذه الجريمة اقترفت امام اعين العالم وحكام التواطؤ والتخاذل والتآمر العربي ، وهي تعكس الوجه البشع والطبيعة العدوانية للمؤسسة الصهيونية الحاكمة ، التي لا تحترم الحريات الانسانية والمواثيق الدولية، وتكشف مدى وحجم الغطرسة والصلف والعربدة الاسرائيلية . ان انتهاك واستباحة حكومات اسرائيل المتعاقبة للقوانين الدولية ، هو نتاج الصمت الدولي وازدواجية المعايير في التعامل مع دولة لا تحترم هذه القوانين، وأيضاً نتاج حالة الضعف والتفكك والانقسام والانهزام الشامل للعالم العربي الذي لم يرتقِ مرة الى مستوى الحدث، وفي مرات عديدة كانت الانظمة العربية العميلة والمأجورة هي الداعم والمؤيد للعدوان الاحتلالي وللجرائم والممارسات الاسرائيلية الخارجة عن القانون الدولي والانساني، التي تنفذها ضد الشعب الفلسطيني. كما ان الضعف العربي والانقسام المستمر في الشارع الفلسطيني يشجعان العدوان والاستيطان والغطرسة والهيمنة الاسرائيلية ومواصلة تنفيذ مشاريعها الاستيطانية واعمالها العدوانية بحق شعبنا الفلسطيني. الجريمة ضد اسطول الحرية كبيرة ولا تحتاج الى اثباتات وادلة ومبررات واهية ، وفي ضوء فداحة الحدث جاءت ردود الفعل في العالم المتحضر سريعة ، وهذه الجريمة الجديدة التي تضاف الى سجل المجازر الاسرائيلية المدانة، تحتاج الى أكثر من بيانات الشجب والاستنكار، انها بحاجة الى فعل جاد وحقيقي ومؤثر يرتقي الى مستوى الحدث . والرد على القرصنة الاسرائيلية يتطلب موقفاً وتحركاً دولياً واقليمياً عاجلاً وضاغطاً وفاعلاً، يضع العالم كله والمؤسسات الدولية امام مسؤوليتها في لجم هذه القرصنة البربرية ، وتشكيل لجنة تحقيق دولية تكشف الحقائق امام العالم حول المجزرة الدموية السافرة ، التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من المتضامنين الدولييين ،محبي العدل والحرية والسلام. ما تحتاجه المرحلة الحالية هو التدخل الدولي الضاغط ،وصحوة الضمير الانساني ،وتحرك المنظمات الدولية لوضع حد للحصار الظالم ، اضافة الى وضع استراتيجية عربية رسمية طويلة الامد لمواجهة الصلف والتعنت الاسرائيلي ، وعلى السلطة الفلسطينية وقف المفاوضات غير المباشرة ،كذلك على الفصائل الفلسطينية وقوى العمل المدني في المجتمع الفلسطيني انها الانقسام الفلسطيني حالاً وسريعاً وتحقيق المصالحة الوطنية الكفيلة بالمساهمة في رفع الحصار وكبح جماح الظلم والغبن والاضطهاد الاحتلالي ، ووقف الاستفراد بالشعب الفلسطيني. والسؤال: هل يخرج العالم عن صمته ويحاكم دولة الاحتلال على جريمتها ضد اسطول الحرية؟!