تقول صحيفة "ذي غارديان " البريطانية في عددها الصادر أمس الثلاثاء في تحقيق أعده الصحافي روبرت بوث إنها حاولت أن تلملم ما تبعثر من حكاية الهجوم العسكري الإسرائيلي على قوارب " أسطول الحرية " وان تستقي ذلك من الاتصالات الالكترونية لهذا الأسطول وصور الفيديو التي التقطت من على ظهر تلك القوارب والمقابلات مع منظمي الحملة والتقارير التي أرسل بها صحافيون من القارب " مرمره " ، إضافة إلى تقارير الصحافيين الذين صحبوا القوات الإسرائيلية والبيانات الصادرة عن الإسرائيليين . وتضيف أنه طوال يوم الأحد في الرحلة من قبرص نحو غزة، كانت الأمور تسير على ما يرام ، والمعنويات بين الناشطين المؤيدين للفلسطينيين عالية ، وذلك وفق رسائل استلمتها قاعدة "حرية غزة" في قبرص من القوارب. وقالت غريتا بيرلين ، إحدى ناشطات حرية غزة في قبرص التي كانت على اتصال تام مع القوارب: "كانت مشاعر الفرحة تغمر قلوبهم إذ كانوا يدركون أنهم في الطريق إلى مبتغاهم . وقد استلمنا رسائل منها ما يفيد ب " نحن نمخر البحر المتوسط، والبحر هادئ ورائع ". لم تكن هناك أي مشاعر حتى حوالي منتصف الليل باحتمال وجود أي خطر عليهم ". لم تكن لدى أي منهم فكرة أنه قبل ثلاث ساعات ، أي حوالي التاسعة مساء ، غادرت ثلاث سفن حربية إسرائيلية ميناء حيفا لاعتراض قواربهم. كانت خطة "وحدة الأسطول 13" الإسرائيلية تقضي بالنزول على سطح القارب "مرمره" ومن هناك الاندفاع نحو السطح العلوي ومطالبة قبطان القارب بالتوقف، حسب قول الصحافي الإسرائيلي رون بن يشائي الذي كان يصاحب القوات الإسرائيلية . وحوالي الحادية عشرة ليلا كانت القوة الإسرائيلية تبحر إلى جانب قوارب الأسطول الستة. وأصدرت إحدى السفن الإسرائيلية إشارة تحذير بعدم الاقتراب من غزة. وجاء في تلك الرسالة حسب تسجيل أذيع من الإذاعة الإسرائيلية " إذا اغفلتم هذا الأمر ودخلتم المنطقة المحاصرة، فان البحرية الإسرائيلية ستضطر لاتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ الحصار باستخدام القوة ". وحوالي منتصف الليل ، أخذ منسقو أعمال الأسطول يشعرون بالقلق ، وأرسلت لبنى مصاروه ، الفلسطينية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية على ظهر القارب مرمره سلسلة من الرسائل العاجلة عبر ال" تويتر". قالت فيها " لا نتوقعهم الآن. نعتقد أنهم سيصلون في الصباح. يرجى مواصلة الاتصال مع القوارب الأخرى ، الموجودون هنا بدأوا يلبسون أردية النجاة . كل شخص يعد نفسه لما هو آت . نحن الآن في المياه الدولية. هناك ثلاثة قوارب تقترب ليس قاربين. ثلاثة قوارب إسرائيلية، ونحن على بعد 78 ميلا عن إسرائيل. اقتربوا واتصلوا بالسفينة يسألون عن هويتنا، ثم اختفوا. لكنهم بدأوا يقتربون من القوارب من جديد ونستطيع مشاهدتهم ". بدأ القلق يعتمل في نفوس حملة "حرية غزة" لدرجة أنها بعثت ب" نداء إلى العالم من ركاب القوارب"، قالت فيه إن: " القوارب تحمل مساعدات لسكان غزة، وأنها تواجه بقوة عسكرية ". وبعد نصف ساعة من منتصف الليل قالت: "هذه رسالة لطلب المعونة. اتصل الإسرائيليون بنا، لكننا لا نزال بخير، لا داعي للقلق". وبعد ذلك بقليل بعثت برسالة أخرى " القارب تشالينج 2 اتصلت به إذاعة الجيش الإسرائيلي و السفن الإسرائيلية ". ورسالة أخرى " نواصل السير". وفي الرابعة والنصف ، بعد رسالتين في الواحدة والنصف والثانية والنصف بأن الأمور على ما يرام، " آخر موقع لنا قبل هجوم الإسرائيليين على بعد 70 ميلا عن ساحل شمال إسرائيل و90 ميلا عن غزة ". كان الهجوم قد بدأ قبل 30 دقيقة على الأقل حسب قول الدكتور عرفات ماضي ، أحد المنظمين الأوروبيين للقافلة التي تمكن من مخاطبة الناشطين عبر هاتف ساتيلايت بعد ذلك بوقت قصير. وقال: " أخذ الإسرائيليون هواتفنا بينما كنا نخاطبكم. وقد علمنا منهم أن الجيش الإسرائيلي هاجم كل القوارب في وقت واحد بمئات من الجنود". وقال إن قبطان القارب 8000، وهو قارب يوناني صغير، أصيب بعيار ناري مع اثنين آخرين. وقد أظهرت الأفلام التي التقطت للهجوم على "مرمره" أن خمسة أو ستة من الكوماندوز الملثمين والمسلحين أخذوا يتجمعون على ظهر القارب بعد هبوطهم من مروحية عسكرية. وخلال الهجوم الذي وقع على بعد ما لا يقل عن 40 ميلا عن الشاطئ، واصل عدد من الصحافيين إرسال تقاريرهم من سطح المركب الخلفي. وقال احد صحافيي فريق شبكة "بريس تي في" التلفزيونية الإيرانية : " يطلقون علينا القنابل الغازية، والقنابل الصوتية. السفن الحربية تحيط بنا من كل جانب ومن فوقنا المروحيات. يهاجموننا من كل الجوانب". وقد حاول الناشطون الدفاع عن أنفسهم بما تيسر لهم، إلا أن قبطان المركب تحدث عبر مكبر الصوت قائلا " أيها الإخوة أرجوكم العودة إلى غرفكم والجلوس هناك والتوقف عن المقاومة. إنهم يستخدمون الذخيرة الحية، ونحن لا نستطيع أن نحمي أنفسنا " . بينما قال جمال الشيال في تقرير لقناة "الجزيرة" القطرية إن اثنين من الركاب قتلا. وقال إنه تم رفع العلم الأبيض " بعد هبوط الكوماندوز الإسرائيليون على القارب من مروحية. ورغم رفع العلم الأبيض فإن القوات الإسرائيلية واصلت إطلاق النار، ولا تزال تطلق الذخيرة الحية ". بعد ذلك بوقت قصير توقفت كل الاتصالات عبر الانترنت وعبر هاتف الساتلايت. وقال الصحافي الإسرائيلي بن يشائي إن القوات الإسرائيلية فوجئت بالمقاومة وأن " المقاومين على سطح القارب الذين ارتفع عددهم إلى 30 ظلوا ينهالون بالضرب على حوالي 30 من الكوماندوز الذين واصلوا الهبوط من المروحيات ". وادعى أن الناشطين استولوا على سلاح احد الكوماندوز والقوا به في البحر من فوق حاجز القارب وأن إصابته في الرأس كانت خطيرة. وقالت "ذي غارديان" إن الأفلام التي عرضها التلفزيون التركي أظهرت نتائج المعركة. وشوهدت امرأة تُحمل على نقالة ملطخة بالدماء، ورجال ينزفون من جراحهم، وأناس يعملون على رعاية المصابين، وأناس ممددون على الأرض لا يعرف ما إذا كانوا أحياء أو أمواتا . ونشرت الصحيفة البريطانية معلومات يكشف النقاب عنها للمرة الأولى حول الوحدة العسكرية الإسرائيلية التي هاجمت الأسطول . وقالت في تقريرها : " تعتبر وحدة الكوماندوز الإسرائيلية "الأسطول 13" من أفضل تشكيلات إسرائيل العسكرية. ويتم اختيار أفرادها بعناية ويدربون تدريبا جيدا. وقد شاركت في العديد من العمليات البحرية السرية، بما فيها الكثير من الغارات على لبنان. وتعمل بالتعاون الوثيق مع خدمات ال"موساد". وقد عملت على تخريب محاولة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي هدفت إلى تسليط الأضواء على قضية اللاجئين الفلسطينيين بإبحار مركب نحو ميناء إسرائيلي لإجبار إسرائيل إما على إغراقه أو الصعود إليه أو السماح بنزول اللاجئين على الشاطئ . وفي الليلة السابقة لانطلاق مركب "العودة" في رحلته، جرى تفجيره وغرق في ميناء ليماسول القبرصي، من دون إزهاق أرواح أو إحراج سياسي . وقام كوماندوز البحرية في السنوات الأخيرة بدو رئيس في اعتراض شحنات أسلحة من إيران وسوريا إلى "حماس" وحزب الله. وكثيرا ما يقارن بين "الأسطول 13" من ناحية وبين "قوات الفقمة البحرية" الأميركية أو"رجال القوارب الخاصة" البريطانيين .