مضى أكثر من أسبوع على الحدث الذي استفز الرأي العام المغربي، ولا تزال تداعياته مستمرة لحد الساعة. إنها واقعة تحدي وزير الاتصال في حكومة آل الفاسي الحقوقي خالد الناصري لسلطة القانون وعدم السماح باعتقال ابنه وتقديمه للمحاكمة وفق ما تقتضيه العدالة، ابنه هذا الذي استعمل سلاحا أبيضا لشج رأس الطبيب الشاب، كما كانت بحوزته قنينة "كليموجين" وهي مادة محظور اقتناؤها.. إبن الوزير خالف القانون.. والسيد الوزير أقره على ذلك واستعمل نفوذه للحيلولة دون متابعته، بل هدد وتوعد الشرطي الذي كان يقوم بعمله، وأخذ ابنه عنوة ولم يكلف نفسه حتى عناء تقديم الاعتذار للطبيب المعتدى عليه، وبهذا يعلمنا وزيرنا في الاتصال درسا في التواصل.. بعض المتفائلين ظن أن ملك البلاد سيتدخل وسيعفي الوزير من مهامه لتدخله السافر في مجرى العدالة، وبعضهم قال أن هذا آخر مسمار سيدق في نعش حكومة عباس، وأكثرهم تفاؤلا أمل أن يعتذر الناصري عن تصرفه المشين ويسلم ابنه للعدالة! أما الغالبية المغلوب على أمرها فكانت متأكدة أن لا شيء من هذا قد يحصل، وأنه لو توبع ابن الوزير كان سيفتش له في قواميس علم النفس البائدة عن مرض نفسي يعفيه من المسؤولية. مضى أكثر من أسبوع ولم نسمع أي شجب أو استنكار من أي حزب سياسي موال أو معارض، حتى حزب العدالة والتنمية، ذاك الذي أرقته مؤخرة "إلتون جون" وأقام الدنيا ولم يقعدها من أجل منعه من الغناء في "موازين"، لم يحرك ساكنا وعورة القانون المغربي تكشف وتغتصب علنا من أحد أعضاء الحكومة. نفى خالد الناصري ما وقع وأكد أنه حادث بسيط ولم يكن هناك "لا موس ولامينوط ولا هم يحزنون"، بل وأقسم بشرفه لأنه كان متأكدا أن لا أحد سيصدقه، ثم ختم بأن هذه الأمور التافهة لا يلقي لها بالا لأنه منشغل بما هو أعظم!! أجل أمر تافه أن يتشاجر اثنان ويعتدي أحدها على الآخر، لكنه أمر جلل أن يخرق القانون من طرف وزير نهارا جهارا وعلى مرأى ومسمع من حشود غاضبة. فلو كنا في دولة تحترم مواطنيها لأطاحت هذه الفعلة بالسيد الوزير ولقدم للمحاكمة لاستغلاله مركزه ونفوذه في تخليص شخص خالف القانون. تسلط المسؤولين وأبناءهم على بني البخوش أصبح معتادا وخروقاتهم على الطرقات وشجاراتهم في الحانات التي تمضي دون عقاب لم تعد خافية على أحد، لكن فضيحة الناصري وابنه استثنائية، لأنها أولا موثقة بالصوت والصورة، وثانيا صاحبها وزير ما فتئ يتشدق بالقانون وضرورة الالتزام به، وثالثا وهذا هو الأهم، تلك الصحوة الشعبية التي أعقبتها، وهذه الاحتجاجات المتزايدة والأصوات المتعالية والغضب العارم الذي حرك الكثير من المغاربة الذين يطالبون الآن باستقالة الناصري عبر موقع الفيس بوك، أو أولئك الذين قرروا الاحتجاج أمام مسرح الجريمة مقر البرلمان، أو حتى الذين عبروا عن سخطهم عبر المواقع الالكترونية المختلفة. قضية مرايا بريس لهذا الأسبوع هي هؤلاء النافذون الذين هم فوق القانون، هل نستمر في التغاضي عن أفعالهم؟ هل حقا لا حول لنا ولا قوة وأن أقصى ما نستطيعه هو قول "اللهم إن هذا منكر"؟ ألا يمثل تعاليهم هذا وتسلطهم استخفافا بنا وإهانة لمشاعرنا؟ ألا تمثل مطالبة الفايسبوكيين المغاربة باستقالة الناصري مثلا خطوة في الاتجاه الصحيح؟ أم هي مجرد سكب الماء على الرمل؟ ثم حتى لو كنا "بخوش" ألا يمكن "للبخوشة" أن تدمي عين كلب؟؟؟ أسئلة تتناثر نأمل من قراء مرايا الأعزاء أن يدلوا بدلوهم ويشاركونا النقاش من خلال إضافة تعليق جديد.