إذا كان التساؤل عن أسباب غياب فؤاد عالي الهمة، المؤسس الحقيقي لحزب الأصالة والمعاصرة، هو حديث الساعة في المغرب، فإن هناك أسئلة أخرى لا زالت حاضرة بقوة، سوءا كان الهمة حاضرا أو غائبا، وفي مقدمتها التساؤل عن الجهة التي يسعى الحزب بصراحة لأن يعارضها. فبعد تخليه عن مساندة الأغلبية الحكومية، أصبح حزب صديق الملك ينافس حزب العدالة والتنمية على معارضة الأغلبية الحكومية، ولكن حزب عبد الإله بنكيران هو أكثر انسجاما في معارضته لهذه الأغلبية، لأنه يعارضها في جميع وزراءها، بينما لا يعارض حزب الأصالة والمعاصرة إلى الوزارات التي ينتمي المتحكمون فيها لحزب الاستقلال، وهو ما يطرح عدة علامات استفهام حول طبيعة هذه المعارضة الجديدة التي يريد أن يرسخها حزب فؤاد عالي الهمة في المغرب. وحسب ما جاء في بعض القراءات الصحافية، فإنه من خلال الانتقادات الصريحة والمبطنة التي وردت في تصريحات مجموعة من قياديي هذا الحزب الوافد، يبدو وكان "البام" قد اكتشف أن سر نجاحه أو فشله في المشهد السياسي، إنما يكمن في مدى قدرته على إزاحة حزب الاستقلال أو تحجيمه على الأقل، وليس هناك من سبيل إلى ذلك سوى بالعبور إلى نقط ضعفه من النفق الحكومي، حتى أنه في برنامج "مباشرة معكم" الذي استضاف صلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم الحزب، لاحظ المراقبون كيف تم استبدال الكتلة في إطار أهداف التقطيب الحزبي، بتقسيمات ألغت حزب الاستقلال كليان وعكست أمنية الحزب الجديد في أن يرى حزب الاستقلال ضمن خانة العدالة والتنمية. أما إذا كان نواب الحزب في غرفتي البرلمان شجعان فعلا، فيمكنهم نقد واقع وبرامج وزارة التعليم، والذي يقودها أحمد اخشيشن، وزير التربية والتعليم، وينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وفي هذه الحالة، سوف نرى حزبا ينتقد نفسه. إنها فوضى المعارضة في الواقع المغربي، ولكن مشكل هذه الفوضى أنها تساهم في إرباك الساحة الحزبية المغربية، والتي تعيش منذ الانتخابات التشريعية لعام 2009 على إرباك لم تشهد له مثلا منذ أيام الإرباك الذي كان يتحكم فيه وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري.