في المغرب أشياء كثيرة عاطلة عن العمل لم يكف السلطات المغربية الكم الهائل من المعطّلين ,الذين يربثون على شوارع العاصمة و أمام مقر البرلمان ,أولائك الذين تعبوا من الاعتصامات والمظاهرات كل يوم,منهم الموجز في شتى العلوم ,منهم دكاترة , منهم الأعمى والأبكم والأصم والأعرج والمتأزّم نفسيا جراء كل الممارسات التي تقودها هراوات المخزن ضدهم كلّما فتح أحدهم فمه, ومنهم أيضا من قفز من أعلى البنايات الفاخرة و منهم من أحرق نفسه بالبنزين ومنهم من رمى نفسه أمام أول قطار قادم ليدهمه , ذلك بعد فشل جميع المحاولات الجادّة في الحوار و مطالبة الحكومة بتشغيلهم كحق لأي مواطن عادي وليس لأ نّه ابن السيّد فلان أو ابن الوزير فلان . كل هذا لم يكف حكومة السيد عبّاس الفاسي لكي تخجل قليلا من وجودها الذي يضرّ أكثر ممّا ينفع .هذا الجهاز التّنفيدي الذي يسهر جادّا في تخريب أحلام المواطنين المغاربة ويطمر كل الطّموحات الشّابة نحو بناء مغرب أفضل. وبعيدا عن الاحصائيات الزّائفة لمعدّل العطالة بالمغرب الذي يفوق 26 بالمئة فعليا من السّاكنة النّشيطة بالبلاد و لأنّنا لا نؤمن بكل ما يخرج من أدراج المؤسسات الرسمية لاسيّما وأنّها عاكفة بكل امكانيّاتها على ترسيخ اديولوجية تثبيت الكراسي و توريثها أحيانا بالجملة لذوي القربى لا للمساكين والايتام من كفاءات البلاد فمكانهم في دور الخيرية التي تفتقد للشروط الأدنى للعيش طبعا على حد ما تستطيع هذه الحكومة توفيره لأبناء شعبها ولتعذرني بعض الجهات التي لم أذكر المنايا الكثيرةالّتي تمنحها لكل سنة من لترات الزيت والحريرة و كيلوغرامات السكر ولنعد من حيث بدأنا ونسأل:كيف يمكن لهذه الحكومة المغربية أن تجد حلولا اجرائية لمعضلة العطالة وهي نفسها عاطلة عن العمل بمحض ارادتها؟ اذ لا تنتج الاّ وما يتنافى والوظائف التي من أجلها وجدت ككيان تنفيدي. فمثلا وزارة الخارجية التي ينبغي لها أن تلعب دورا أساسيا في ابراز التصورات السياسيةالكبرى للدّولة على نحو سلوكات تظهر من خلال العلاقات القائمة بينها و بين المحيط الاقليمي و الدّولي اخذةبعين الاعتبار جميع المنطلقات السياسية و الثقافية و الدّينية التي بنيت عليها وحدة الدّولة و كيّانها , غير أن واقع الحال معاكس تماما فصوت الخارجية المغربي يعاني من قصور في المدى لا شكّ أنّه يستفيد من خدمات موت المجّانية إذ لاتسمعه حتى على عتبة سبتة و امليلية وان كان السيّد الطيب الفاسي الفهري يتلعثم بين الفينة و الاخرى حول استكمال الوحدة التّرابية و ما ن تذكر له الجارتين المقلقتين الجزائر واسبانيا حتى تظهر على سرواله الفاخر بعض اللّطخات ناهيك عن الوضع المتأخّر في افريقيا هنا نتحدّث عن غياب المغرب عن منظّمة الاتّحاد الافريقي بعد انسحابه اثر اعتراف منظّمة الوحدة الافريقية سابقا بالجمهورية العربية الصّحراوية. و لنعد إلى أرض الواقع قليلا و نرى وضع عمل القنصليات المغربية في الدّول الأوربية و خصوصا بإيطاليا هذا البلد الّذي يتّسع جلبابه لأكثر من ملايين أجنبي منهم حوالي 376 ألف مغربي مقيم بطريقةقانونية دون احتساب المهاجرين المغاربة غير الشّرعيين الّذين يتجاوز عددهم الضّعف مقارنة مع نظراءهم الحاملين لإذن الإقامة بصفة قانونية .وإذا نظرنا إلى التمثيلية الدبلوماسية للمغرب في إيطاليا وبالضبط أخص بالذكر عدد القنصليات المغربية في التراب الإيطالي الّذي لا يتعّدى الأربع قنصليات نجدها موزّعة بشكل عشوائي على مخلتف الجهات و المحا فظات الايطالية إذ على المواطن المغربي بما أنّه تعوّد على التّعب و- تمارا- لكي يقضي مصالحه في المغرب فإنّ هنا أيضا عليه قطع مئات الكيلومترات ليلتحق بأقرب القنصليات للمدينة الّتي يقطن بها ,والمثير للضحك حقّا هو سهولة التّعرف على مقر القنصلية فعلى سبيل المثال القنصلية المغربية ببولونيا يتّضح موقعها جليّا لكل مغربي ذلك من خلال شكلها الهندسي حيث كانت بالأمس بناية تملكها شركة خاصة و عوض وجود مساحات خضراء لا تلفي سوى كمّيات هائلة من القارورات الفارغة و أكياس بلاستكية و علب السّجائر و قوافل الخطّافة 5 أورو لبلاصة و رزمة من السّماسرة الّذين لهم يد داخل دهاليز القنصلية المحترمة جدّا . قد يقول قائل : آ المزوّق من برا آش اخبارك من الدّاخل.ولكنّ الأمر يختلف هنا وأردف:الحال داخل القنصلية هو أفضع بكثير وسخ في كل ركن قاعات ضيّقة لا تتّسع حتى لضيافة زائر فبالأحرى ألاف الحشود الّتي تتقاطر من كل فج منذ السّاعات الآولى للفجر تأتي الى تلك الخربة الصّغيرة هناك ينتاب المرء شعور حقيقي بعودته إلى المغرب. ونحن نتفهّم وزير الخارجية وممثله في هذه القنصلية عند تفويت مرفق خاص داخلها لأحد الأشخاص يمتلك آلة تصوير و آلة نسخ الوثائق من أجل تيسير الخدمات الإدارية للمغاربة!,ولكنّنا لانفهم سبب بخل الوزارة الوصيّة في توفير الحدّ الأدنى من شروط العمل الّتي يمكن أن تجدها في جميع المرافق العمومية وقنصليات البلدان الأخرى من طاقم يسهر على النّظافة ونظام تكييف ناهيك عن قلّة الموظّفين العاملين بالقنصلية بالنّظر لعدد الزوّار اليومي لها ,وقد تعدّى بخل وزارة الخارجية و الحكومة بشكل خاص إلى غاية إهمال الجالية المغربية بإيطاليا عندما نرى التمثيلية الجد قليلة لهذه الأخيرة في مجلس الجالية بيد أنّ هذا أيضا ليس المقصد . يحدث صدفة وكثيرا بغضّ النّظر عن المعايير القانونية المعتمدة في التّرشيح للعمل في قنصلية مغربية تجد جلّ موظّفيها لهم بالضّرورة علاقات معيّنة سواء بالقرابة العائلية أو بالقرابة السيّاسية أضف إلى القائمة بعض السّماسرة الّذين يستغلّون جهل معظم المغاربة القاطنين بهذا البلد من أجل الظّفر ببعض أوراق اليورو ولربّما نستطيع أن نغفر للمغاربة رغبتهم الشّديدة و حاجتهم لشظف العيش في نخر أجساد بعضهم البعض,لكن لايمكن بأي شكل كان أن نغضّ الطّرف عن مسؤوليات أجهزة الدّولة في هذا الشطط و الرّعونة ونهب أموال المغاربة في وضوح النّهار,يبدو الأمر غير عادل حقّا . ماذا يقول الطيب الفاسي الفهري لمغاربة إيطاليا إذ أنّ قنصلية المغرب ببولونيا لاتتوفر على خدمات النّظافة لتفتح أبوابها كل صباح للمغاربة وغير المغاربة؟؟ أم ربّما يكون الشخص المسؤول عن النّظافة يستفيد من 12 شهرا عطلة في السّنة؟!شأنه شأن باقي الموظّفين الأشباح في وزارته الّتي تحتلّ المراتب الأولى في أ خر التّقا رير الّتي صدرت عن الموظّين الأشباح بالقطاع العمومي ؟!..وأخيرا إذا كانت الدّولة المغربية بإقرار من دستورها وتاريخية وجودها كدولة إسلامية عربية متعدّدة الإثنيات و منفتحة فإنّها تبقى رهينة فشلها في صياغة سياسة خارجية واضحة المعالم اتّجاه محيطها الإقليمي و العربي رجوعا عند دورها الثانوي جدّا في مختلف الأحداث العالمية والعربية الكبرى حتّى وان كانت عضويتها في الجامعةالعربية لاتقتصر الاّ على دور المشاهد اللّهمّ رئاسة الملك للجنة القدس أو بيت مال القدس كبروتكول تجميلي لشخصه وليس للدّولة المغربية ومواقفها السياسية اتجاه القضايا العربية الكبرى.