توقفت "مرايا بريس" في مراسلة سابقة عن أزمة مجموعة من السياسيين من الذين أصبحوا فاقدين للمصداقية ليس فقط داخل المشهد السياسي والحزبي، ولكن حتى لدى الأحزاب ينتمون إليها، ومع ذلك لا تتردد في الحديث أمام الجمهور والرأي العام عن "المغرب السياسي محور تساؤلات"، وكان النموذج الحي الذي ترجم هذا التناقض في واقع هذه النخبة السياسية الفاقدة للمصداقية من خلال المداخلات التي أدلى بها بعض الفاعلين السياسيين في لقاء نظمه نهاية الأسبوع الماضي بالدار البيضاء، مركز لحسن اليوسي للدراسات والأبحاث السياسية تحت شعار "المغرب السياسي محور تساؤلات". وقد نشرت أغلب الصحف المغربية يوم الأربعاء 28 أبريل الجاري عند أشغال اللقاء الذي جمع قادة أحزاب الأغلبية الحكومية مساء الاثنين الماضي بالرباط، وتحدثوا أمام الحضور وفي لقاء صحافي عن واقع الأغلبية الحكومية، حيث طالب عباس الفاسي الوزير الأول الاستقلالي في هذا "اللقاء التنسيقي" ب"ضرورة الرفع من مستوى النقاشات السياسية، والتمسك بأخلاقيات العمل البرلماني الرصين في إطار التواصل الدائم والاحترام المتبادل، وجعل مساهمة الفرق البرلمانية مساهمة واعية ومسؤولة غايتها تغليب المصلحة العليا للبلاد على أي اعتبار آخر"، وأضاف عباس الفاسي أن "الحكومة الحالية قوية أولا بثقة الملك محمد السادس وثانيا بثقة الأغلبية في برنامجها المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي"، مبرزا أن البرنامج الحكومي شمل أهم مضامين البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، "حتى نعطي للالتزام السياسي والحزبي دلالته الحقيقية وعمقه الديمقراطي عبر الوفاء بالتزاماتنا تجاه المواطنين". كما دعا الوزير الأول إلى دراسة سبل تفعيل وتقوية ميكانزمات التواصل بين فرق الأغلبية والحكومة من جهة، والقيام، من جهة ثانية، بوقفة استشرافية جماعية لآفاق العمل الحكومي، ومناقشة مساره، وإبداء الرأي في القضايا والمشاريع الكبرى التي تبني مستقبل المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولا يدري المتتبع المغربي عن أي أغلبية حكومية يتحدث الوزير الأول، لأن الحضور المشارك في هذا "اللقاء التنسيقي"، ينسق مع أحزاب أخرى خارج دائرة الأغلبية، وبدءا بالوزير الأول نفسه، الذي التقى سرا، يوم الجمعة الماضي، حسب ما أكدته "الجريدة الأولى" في عددها الصادر الأربعاء 28 أبريل، زعيم الاتحاد الدستوري، حميد الأبيض، وقد جاء اللقاء بطلب من الوزير الأول، الذي يدعو إلى لقاء تنسقي بين الأغلبية. أما إسماعيل العلوي، فإنه منخرط في تحالف سياسي مع حزب جبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي، وبالنسبة لصلاح الدين مزوار، الزعيم الجديد الذي سقط على حزب التجمع الوطني للأحرار، فإنه ينسق باسم هذا الحزب مع حزب الاتحاد الدستوري، أما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فلا ينسق مع حزب الأصالة والمعاصرة، والذي ينتمي هو الآخر إلى المعارضة إلى جانب الاتحاد الدستوري وجبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي، أي الأحزاب التي تنسق مع أحزاب أخرى في الأغلبية الحكومية، فعن أي أغلبية يتحدث الوزير الأول؟