الثقافة الجماهيرية كاصطلاح ثقافي سياسي هي الشكل الارقى لمفهوم الثقافة الوطنية والطبقية الشعبية والديمقراطية .وهي تعني بالأساس ربط النشاطات الثقافية والتربوية والاعلامية بالواقع اليومي والحياتي المعاش للجماهير الشعبية العريضة ، وفق رؤية مستقبلية واعية وخط سياسي فكري وطني وديمقراطي تقدمي بهدف رفع المستوى العلمي والثقافي لهذه الجماهير ،واذكاء روح الرفض والمقاومة والثورة لديها ، وتنمية مداركها وآفاقها. وهذه الثقافة تمثل سلاحاً طبقياً حاداً بيد الطبقة العاملة المسحوقة في نضالها الثوري ضد الظلم والفقر والاستغلال الجشع والقهر الطبقي، ومن اجل البناء الثقافي والاجتماعي وسيادة القيم الثورية والتقاليد الوطنية التقدمية في المجتمع. وفي مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل نشأت وتبلورت ثقافة جماهيرية وشعبية ملتزمة ، عكست واقعنا وحياتنا في ظل سياسة الخنق والتمييز والاضطهاد القومي السلطوية ، وعانقت تطلعاتنا وآمالنا في الحياة العصرية والحضارية ، التي تلبي حاجاتنا الروحية والوجدانية والعقلية والعاطفية .وقد نمت هذه الثقافة واتسعت رقعتها بفضل صحافة وأدبيات الحزب الشيوعي "الاتحاد" و"الجديد" و"الغد" وغيرها من المطبوعات والنشرات، كذلك وجدت تعبيراً لها في أعمال مبدعينا الشعرية والقصصية والروائية. وللثقافة الجماهيرية دور وظيفي وأساسي هام في تكريس وتجذير القيم الانسانية والثورية ، ومحاربة كل أشكال الخنوع والاستسلام واجتثاث الامراض والأوبئة من المجتمعات الأبوية والتقليدية ، ورسم الملامح الجديدة لمجتمع المستقبل والغد، وتحقيق الانجازات والتحولات الديمقراطية والمتغيرات الطبقية والسياسية والفكرية الجذرية. باختصار وايجاز فان الثقافة الجماهيرية من ارقى الأشكال الفنية التعبيرية والابداعية في تصوير هموم وآلام الناس واحزانهم وافراحهم ومآسيهم ، وانتصاراتهم على القهر والجوع والموت والاكتئاب النفسي.وهي حاجة ماسة وضرورية في ايامنا هذه ، في ظل الهيمنة الامبريالية الاستعمارية الامريكية ، وبعد غياب وأفول الاتحاد السوفييتي عن المسرح السياسي ، وسيطرة الثقافة الاستهلاكية والمفاهيم البرجوازية والظواهر الانتهازية في حياتنا العامة.