وهو يغادرالدرجات الرخاميةلمركز البريد ، بعد اداء فاتورة الهاتف ، وبعد صمت دام قرابةشهرفي حباله استوقفه شيخملتح يرتديجلباباابيض يحمل بين يديه المرتعشةاوراقا ، قال في نفسه ، قبل ان يبادره بالكلام، ربما ادى فاتورةمن فاتورات " الاتصال " او ارسل حوالةالى ابن عاطلبشواهده ،، او لربماتسلم انذارامضمونامن غريمه" القرض الفلاحي " .. لكنه قال : ياابني ... ! « قال عفوا ..عفوا »" فتابع ".. هل تكتب لي رسالة ؟ " قال : " نعم " مع ان له حاجاتكثيرة يقصيها ذلك الصباح . عادا ثانية الشيخ وكاتب الرسالة عاشق النخلة ، الى مركز البريد ، جلسا علىمصطبة من الاسمنت ، فمد لهورقة من النوع الوزاري ، فقال : « اكتب تاريخاليومفاتبعه بالحمدلة والبسملة، بعدهما بالتحية ..» فقال مقاطعا : «لمن ؟» فقال« للتلفزة المغربية ! » رفع بصره احملق في وجهه ، فبداله اكثر كهولةمما تصور ، فقالمع نفسه ، لماذا يكتب بالضبط الى التلفزة المغربية؟ . أيريد المشاركةفي مسابقات كوكا كولا .. او قد يكون الشيخقد سمع بالاعلام السمعي البصري ومجلسه الاعلى فاراد ان يشاركالغرفة الدستوريةبراي ولو كان مسنا .. التفت ، فراىالرجل الذي يعبئ الشيكات ووصولات البريد المضمون وغيرها من الوثائق البريدية لارامل واميين بباب البريد يتضايق منه لضياعهلدرهم او اثنينكلما ملا وثيقة لمن لايعرف الكتابةلياخذ نفقاتزمانه المغبون . وابتسم وقال: « ماذاستقول للتلفزة المغربية ؟ فقال : « انا ياابنياسكن مدينة صغيرة، وانام مبكرا ، ولم تدخل بيتيمنذ ولدتحتى شخت وكبر معي اولادي.. لكن احسستبثقل" ورقة الضو ف..."» فقاطعه بسرعة : « لا .. ليس هنا دار الضوء ... » فتابع بعد ضربةخفيفةعلى كتفه : « لاتتسرعياابني ، اعرف ذلك ، فالورقةتحتوي ثمنين : ثمن الضوء وثمن الظلام ... فقال بطريقة انفعالية: « اكتب لهمعفاك الله ، ان يردوا ليكل ما اخذوهمني منذ سنينحين زوجوا التلفزةبالضو .» اكتب : « باسم الله الرحمان الرحيم، اطالبكم باستردادالمبالغالتياقتطعتموهامن فاتورةالكهرباء كضريبةعلى تلفزة لااراها، شئتم عنوانيتعرفونه، والسلام » غادر عاشق النخلة بنايةالبريد ، وكله حيرةمن جراة الشيخوشجاعته .. وبذلك نتذكرحكاية يتداولها المغاربةحين تفطنشاطر الى حيلةيبيع بهادجاجة جرباء ، ادار الناسعنها وجوههم ، فاصطحبها مع الناقةالى السوق ، فبدأ ينادي" ناقةبعشريندرهما ...»ولما يقصده الزبون ، يقول له بشرطان تشتريمعها الدجاجةبعشرة الاف درهم ...»وبذلكيتخلصمن الدجاجة بالناقة . فخسر من جاء السوقبتبضعدجاجة وحدها ، كما لم يفلح هذا الشيخ في سل ضريبةتلفزة المخزنعن ضريبة فاتورةشركة الضو . ونحن بدورنا مع الشيخ لاسترداد ضرائبنا مادامت التلفزة المغربية تعذبنا يوميا ببرامج نؤدي عنها ونحن غير راضون عنها ، مثلما نؤدي على اسلاك ولا اسلاك هاتف بصبيب انترنت كفيف .